عزز تأكيد رئيسة صندوق النقد الدولي كريستيان لاجارد على حرص الصندوق على دعم الاقتصاد المصري عقب تولى الرئيس المنتخب محمد مرسى زمام المسئولية الآمال بشان استئناف التعاون الايجابي بين مصر والصندوق الذي أشرف على برامج الإصلاحات الاقتصادية فى مصر خلال العقدين الماضيين . ويتوقع محللون اقتصاديون دوليون استئناف المفاوضات بين مصر وصندوق النقد الدولي بشان قرض بقيمة 2.3 مليار دولار عقب تشكيل الحكومة الجديدة وسط موافقة من جانب التيارات الرئيسية على الساحة السياسية ومن بينها حزب الحرية والعدالة الذى أعلن على لسان احد مسئوليه بأنه سيكون هناك تفاهما مع صندوق النقد الدولى خلال المرحلة القادمة وهو ما سيعد إشارة ايجابية بشان فاعلية برنامج الإصلاح الاقتصادي فى مصر . وأضافوا ان المحادثة الهاتفية التى جرت بين رئيسة صندوق النقد الدولى والرئيس محمد مرسى عقب فوزه فى الانتخابات الرئاسية بشأن اشكال الدعم المقترحة من جانب الصندوق لمصر عقب انتهاء المرحلة الانتقالية جسدت استعداد الصندوق للتعاطى بايجابية مع الحكومة المصرية القادمة . وأشاروا الى ان الثقة الدولية بشان قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى ستتزايد حال التوصل الى اتفاق بين القاهرة وصندوق النقد الدولى بشان القرض الذى تعثرت المفاوضات بشانه نتيجة الخلاف بين الحكومة المصرية والكتل الرئيسية وخاصة الاسلامية بمجلس الشعب عام 2011. كانت رئيسة صندوق النقد الدولى قد هنأت الرئيس مرسى بفوزه فى الانتخابات الرئاسية مبدية أملها فى تجاوز مصر للاوضاع الاقتصادية الصعبة.وفى ذلك الصدد قال خافير كريستيان الخبير الاقتصادى السابق بصندوق النقد الدولى ان وجود رئيس منتخب وحكومة وطنية فى مصر سوف يسهم فى تسريع المفاوضات بين مصر والصندوق بشان القرض الذى سيدعم المالية العامة فى مصر. وأضاف ان قرض الصندوق سوف يعزز العملة المحلية ويجنب الحكومة المصرية خيار خفض الجنيه وسيدعم احتياطى النقد الاجنبى الذى هبط من36 مليار دولار فى يناير عام 2011 الى 5ر15 مليار دولار فى نهاية مايو الماضى نتيجة ضخ المزيد من السيولة الدولارية لدعم العملة المحلية وتدنى عائدات السياحة والتدفقات الرأسمالية الاجنبية المباشرة وارتفاع فاتورة الواردات. ومن جهة اخرى أوضح محللون اقتصاديون دوليون ان الحكومة المصرية القادمة ستسعى الى تعزيز مصداقيتها الدولية بشان مواصلة الاصلاحات الهيكلية من خلال الاتفاق مع صندوق النقد الدولى والذى سيسهم فى اسقاط خيار خفض الجنيه المصرى . وفى ذلك الصدد قال مايكل فورد كبير الخبراء الاقتصاديين بدويتش بنك ان مساعدات صندوق النقد الدولى لمصر مرهونة باستئناف تنفيذ برامج الاصلاحات الهيكلية فى مصر ومن بينها تقليص حجم العجز فى الميزانية والذى يقدر بنحو 12 مليار دولار . وأضاف ان محدودية الدعم العربى والغربى للاقتصاد المصرى بعد ثورة يناير وتراجع معدلات التدفقات الاستثمارية الاجنبية دفع القاهرة الى طلب المساعدة من مؤسسات التمويل الاقليمية والدولية ومن بينها صندوق النقد والبنك الدوليين لمواجهة الداعيات السلبية الناجمة عن تراجع معدلات النمو الاقتصادى وتفاقم عجز الميزانية . وأشار الى ان الحكومة المصرية وشركاءها السياسيين حققوا تقدما بشأن الموافقة على محتوى برنامج إقراض الصندوق لمصر كانت الحكومة المصرية قد أبرمت اتفاقا مع بنك التنمية الاسلامى يوم الاحد الماضى تحصل بمقتضاه القاهرة على قرض من البنك بقيمة مليار دولار لتمويل واردات الطاقة والغذاء . وقال مايكل فورد كبير الخبراء الاقتصاديين بدويتش بنك فورد ان المباحثات التى تجريها مصر مع صندوق النقد الدولى لا تتعارض مع السيادة الوطنية منوها الى ان دولا أوروبية عديدة من بينها اليونان والمجر والبرتغال اجرت محادثات مماثلة مع للحصول على دعم مالى لمواجهة ازماتها الاقتصادية وفى مقدمتها الديون السيادية . وأشار الى ان مصر قادرة على تجاوز ازمتها الاقتصادية بفضل مواردها الطبيعية والبشرية داعيا الى كبح معدلات العجز المتزايد فى الميزانية والتخطيط الجيد لادارة الموارد المصرية. وفى السياق ذاته أكد هانز كوردولا كبير المحللين الاقتصاديين بمؤسسة ساتش أند ساتش ان الحكومة المصرية الجديدة سوف تواصل اجرءات الحصول على قرض صندوق النقد الدولى وخاصة ان الاغلبية الإسلامية فى البرلمان المصرى المنحل وافقت على القرض من قبل فى شهر إبريل الماضى لافتا الى ان مصر فى حاجة ماسة وضرورية إلى ذلك القرض فى تلك الفترة الحرجة التى يمر بها اقتصادها بعد ثورة يناير، وتقلص الإنتاج ، وهروب بعض رؤوس الأموال إلى الخارج خصوصًا الاستثمارية وحالة الركود الشديدة فى الاقتصاد وارتفاع معدلات التضخم والتضخم والفقر . وأضاف ان التحدى الذى تواجهه مصر حاليا يتمثل فى كيفية الحفاظ على الاستقرار الاقتصادى الكلى والتجانس الاجتماعى وسط احتمالات النمو المتدنية على المدى القصير. وأشار الى ان تجاوز الازمة الاقتصادية فى مصر يستلزم ازالة الغموض بشان الاوضاع السياسية والاقتصادية المستقبلية لافتا الى ان خفض التصنيف الائتمانى لمصر من جانب عدد من مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولى الدولية كموديز وستاندار اند بورز يعد مؤشرا على خطورة الوضع الاقتصادى. وأوضح ان اتجاه الحكومة المصرية لتقليص دعم الطاقة لعدد من القطاعات الصناعية يعد خطوة ايجابية لخفض العجز فى الميزانية واعادة ترشيد الدعم لصالح الطبقات الفقيرة داعيا الحكومة المصرية الى اتخاذ " قرارات مؤلمة " لخفض العجز فى الميزانية - فى اشارة الى اعادة ترشيد دعم الطاقة والغذاء. وقال أكد هانز كوردولا كبير المحللين الاقتصاديين بمؤسسة ساتش أند ساتش انه يوجد تفاهم مشترك بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولى بشأن الحاجة إلى التصدي للتحديات قصيرة الأجل التي تواجه الاقتصاد وتعزيز الإصلاحات التي يمكن أن تساعد على تحقيق نمو أعلى وأكثر شمولاً في الفترة القادمة. وأضاف أن الدعم الواسع النطاق للبرنامج الاقتصادي الوطني ضرورى لتعزيز الثقة وضمان تنفيذه بنجاح في الفترة التي تعقب عملية الانتقال السياسي الحالي والحد من حالة عدم اليقين وتعزيز الثقة فى البرنامج. كانت مصر قد نفذت خلال الفترة من الثمانينيات من القرن الماضى وحتى الان أربعة برامج اقتصادية بدعم مالى من صندوق النقد الدولى بقيمة اجمالية قدرها 1558.1 مليار وحدة حقوق سحب خاصة تعادل حوالى 850.1 مليار دولار باسعار الصرف الا ان خمس المبلغ المتاح فقط هو الذى تم صرفه بالفعل لمصر حوالى 2.263 مليون وحدة حقوق سحب خاصة . وانتهى آخر البرامج التى تنفذها مصر والصندوق عام 1998 وتم سداد المبالغ المستحقة بالكامل. ولم تطلب مصر أية قروض من الصندوق منذ عام 1993 حيث اقتصر دور الصندوق على المشاورات والمساعدة الفنية .