وجه صندوق النقد الدولي ضربات متلاحقة لنظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، ما يؤكد فشل الانقلاب ويهدد بانهيار الاقتصاد المصري وإعلان إفلاس البلاد . الضربة الأولى تمثلت في تخفيض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد المصري ليسجل 4.1% خلال السنة المالية الحالية، بتراجع قدره 0.3 نقطة مئوية عن توقعاته الأخيرة في أبريل الماضي جاء ذلك خلال تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي يصدره صندوق النقد مرتين سنويا، ويعرض تحليل خبراء الصندوق وتوقعاتهم بشأن تطورات الاقتصاد العالمي، ويركز التقرير على أهم قضايا السياسة الاقتصادية وتحليل تطورات الاقتصاد وآفاقه المتوقعة . وأرجع خبراء أسباب هذه التوقعات إلى استمرار التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، واتباع دولة العسكر سياسة تقشفية للسيطرة على عجز الموازنة والتضخم. فيما تمثلت الضربة الثانية في تأجيل موعد اجتماع المجلس التنفيذي لصندوق النقد، للنظر في المراجعة الثالثة من القرض المقدم لنظام السيسي، والمرتبطة بصرف 820 مليون دولار، إلى 29 يوليو الجاري . ووفقا لحكومة الانقلاب فإن برنامج عملها يستهدف زيادة معدل النمو الاقتصادي من 3.8% خلال السنة المالية 2023-2024 إلى 4.2% خلال السنة المالية الحالية 2024-2025، على أن يستمر معدل النمو في التزايد وصولا إلى 6.5% بحلول عام 2030. اقتصاد ريعي لكن التقرير أشار إلى أن ما يحدث في المنطقة أثر على الاقتصاد المصري٬ مؤكدا أن جميع إيرادات دولة العسكر تأتي من الاقتصاد الريعي٬ وتعتمد في المقام الأول على عائدات قناة السويس والسياحة٬ وكلا الأمرين يواجهان أزمة حقيقية جراء الحرب الصهيونية على غزة. وكشف أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، عن تراجع إيرادات الممر الملاحي بنسبة 23% لتصل إلى 7.2 مليار دولار خلال السنة المالية الماضية 2023-2024فيما فقدت مصر نحو 600 ألف سائح خلال الربع الأخير من عام 2023، بسبب تداعيات الحرب الصهيونية على قطاع غزة حيث استقبلت مصر 14 مليونا و906 آلاف سائح خلال العام الماضي، مقارنة بنحو 14 مليوناً و731 ألف سائح في عام 2010. وواصلت معدلات التضخم تباطؤها للشهر الرابع على التوالي ، وسجّل معدل التضخم العام للحضر 27.5% في يونيو الماضي مقابل 28.1% في مايو 2024، وبلغ معدل التضخم الأساسي 26.6% مقابل 27.1% خلال نفس الفترة الزمنية. استكمال الإجراءات حول أسباب قرار صندوق النقد الدولي، بتأجيل صرف الشريحة الثالثة لنظام السيسي من القرض والتي قيمتها 820 مليون دولار حتى 29 يوليو الجاري، رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة لحكومة الانقلاب عقب انخفاض الصادرات البترولية 61% إلى 4.6 مليار دولار بين يوليو 2023 ومارس 2024، وبعد انخفاض صادرات الغاز الطبيعي ب6.2 مليار دولار، والمنتجات البترولية ب1.2 مليار دولار قالت جولي كوزاك المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي: إن "إرجاء المجلس التنفيذي لصندوق النقد اجتماع مصر إلى يوم 29 من يوليو الجاري، يرجع إلى عدم استكمال بعض الإجراءات المتفق عليها، لكن دون أن تفصح عنها". وأكدت جولي كوزاك خلال المؤتمر الصحفي الشهري للصندوق، أن الصندوق ملتزم بدعم نظام الانقلاب والتعاون في تنفيذ ما يسمى ببرنامج الإصلاح الاقتصادي . وأشارت إلى أن نظام الانقلاب التزم بسعر صرف مرن، وسياسة التشديد النقدي التي ساهمت في تراجع معدل التضخم. وقالت «كوزاك»: إن "دولة العسكر تعمل وسط ظروف إقليمية صعبة ناجمة عن الحرب في قطاع غزة وتصاعد هجمات حركة الحوثي اليمنية على سفن الشحن في البحر الأحمر، وهو ما أدى إلى تراجع إيرادات قناة السويس بأكثر من النصف مقارنة بالعام الماضي". وأوضحت أنه وسط المخاطر والتحديات الهيكلية، يتعين على نظام الانقلاب أن يواصل اتباع السياسات الاقتصادية التي من شأنها أن تخدم الشعب المصري في نهاية المطاف وفق تعبيرها . وتابعت «كوزاك»: إن "فريقنا، بطبيعة الحال، يعمل مع سلطات الانقلاب عن كثب". الدعم والخصخة في المقابل أكد خبراء الاقتصاد، أن رؤية الصندوق عادت إلى التشدد تجاه عدم الالتزام ببعض الشروط، مشيرين إلى أن البعثة في مراجعتها الأخيرة تحدثت عن عدم اكتمال تنفيذ بعض الشروط، حسب خطة الإصلاح الهيكلي التي يتبناها الصندوق والتي تفرض تنفيذ: – إتاحة المجال أكثر للقطاع الخاص للمشاركة في قيادة التنمية الاقتصادية. – تحرير أسعار المحروقات. – سداد مديونيات شركات البترول الأجنبية. – تنفيذ خطة إعادة رسملة البنك المركزي المصري وتقييم احتياجاته من إعادة الرسملة، واستكمال البنك المركزي الامتثال لمعايير المحاسبة المصرية. – إصدار اللائحة التنفيذية لقانون إدارة المالية العامة، بالإضافة إلى تحرير كامل لسعر صرف العملة. مفاوضات جديدة في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عامر: إن "تأخر صرف الشريحة الثالثة من صندوق النقد يرجع إلى تشكيل حكومة الانقلاب الجديدة وتغيير وزراء المجموعة الاقتصادية بشكل كامل". وأضاف « عامر » في تصريحات صحفية أنه من المقرر بدء مفاوضات أخرى بين وزراء المجموعة الاقتصادية وصندوق النقد للوصول إلى رؤية لما يسمى بالإصلاح الاقتصادي. وأشار إلى أن قرار التأجيل لا يعني رفض صرف الشريحة الثالثة لقرض صندوق النقد الدولي، ولكنه وضع مؤقت وليس دائما، لحين الاجتماع مع حكومة الانقلاب الجديدة. وأوضح «عامر»، أن السيسي يلتزم بجميع شروط صندوق النقد الدولي، وبعضها في طريقها للتطبيق مثل رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء. وحول إمكانية عودة السوق السوادء، أكد أن إحداث التوازن في سعر الصرف والقضاء على السوق السواء بشكل نهائي يمثل تحديا كبيرا لحكومة الانقلاب، ولذلك يجب أن هناك مجموعة من المراقبة والضبط المخالفين الذين يروجون لتنشيط السوق السوداء، موضحا أن السوق السوداء لا تزال قائمة لكن ليس بشكلها القديم . استيفاء الشروط وقال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري: إن "هناك عددا من الأسباب وراء تأجيل صرف الشريحة الثالثة لصندوق النقد الدولي، أبرزها عدم استيفاء الانقلاب بعض الشروط، بجانب التشكيل الجديد لحكومة الانقلاب". وأضاف «الإدريسي»، في تصريحات صحفية ، أن تغيير وزراء المجموعة الاقتصادية يجب أن يقابله الاتفاق بين الطرفين، موضحا أن الصندوق يحتاج إلى أن يرى هناك أي تعديلات من جانب حكومة الانقلاب الجديدة على الشروط أم الاتفاق السابق هو الذي سيستمر . وأشار إلى أنه بالنسبة للشروط التي لم تطبق حتى الآن أهمها رفع الدعم عن المحروقات، وبند الصروفات الخاص بالموازنة العامة لدولة العسكر، خاصة مع وجود تحديات مهمة مرتبطة بأن هناك 48% من مصروفات العام القادم ستكون سداد ديون، كما أن الدين العام يتوسع ليقترب من 96% من الناتج المحلي الإجمالي، بجانب الرغبة في زيادة الاحتياطي النقدي، والعجز في الميزان التجاري. وأوضح «الإدريسي»، أن صرف الشريحة الثالثة من القرض يحتاج إلى إجراءات وشروط أكثر من الشريحتين الماضيتين، ولكن القرارات التي ستتطبقها حكومة الانقلاب الفترة القادمة ذات طابع تضخمي، وهو ما يصعب الأمر على البنك المركزي في الوصول إلى معدلات تضخم لرقم أحادي . وتوقع صرف الشريحة الثالثة في وقت قريب، خاصة مع التزام حكومة الانقلاب بمعظم الشروط التي وضعها الصندوق، مستبعدا عودة السوق السوداء، لأن الدولار في حالة استقرار الفترة الحالية، لكنه بالطبع يتأثر بالتحديات التي تواجه العملة الأجنبية في مصر .