لأول مرة منذ 155 عاماً يتوقف مصنع أبو قرقاص بالمنيا عن إنتاج السكر، وفق ما كشفه اللواء عصام البدوي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة السكر والصناعات التكاملية المصرية، وقال: إن "زراعة قصب السكر في مصر انخفضت بشكل كبير للغاية". مضيفا في تصريحات صحفية أمس الأحد، إن محافظة المنيا كانت تنتج 950 ألف طن من القصب، وكان المصنع يستقبل منها 750 ألف طن حتى عام 2020، ولكن في العام الماضي استقبل المصنع 90 ألف طن، ما أدى إلى خسائر بنحو 112 مليون جنيه. وكانت إدارة الشركة اجتمعت مع المزارعين، لبحث زيادة وارداتهم إلى مصنع أبو قرقاص، ولكن انخفضت كمية القصب المورد للمصنع في 2023 إلى 10 آلاف طن فقط، وهي كمية تكفي للعمل لمدة 5 أيام فقط. وأضاف البدوي أنه بناء على هذا الأمر، اتخذت الشركة قرارا بعدم عمل مصنع أبو قرقاص في القصب هذا العام، ورفعت كمية البنجر إلى مليون طن، وحولت توريدات القصب إلى مصنع جرجا، مع تحمل مصنع أبو قرقاص تكاليف النقل بالكامل. فيما بين البدوي أنه رغم زيادة سعر توريد القصب 500 جنيه للطن عن العام الماضي، إذ أصبح 1500 جنيه بدلا من 1000 جنيه في العام الماضي، ولكن المزارعين اتجهوا إلى تجار العوادي الذين يقومون بشراء المحصول منهم بأسعار تتجاوز 2200 جنيه و2500 جنيه للطن الواحد، وبيعه لعصارات العسل الأسود ومحلات العصير. كما لفت العضو المنتدب لشركة السكر والصناعات التكاملية المصرية، أن الشركة خسرت العام الماضي في السكر 3.5 مليار جنيه، بينما حققت مكاسب خارج السكر بنحو مليار و350 مليون جنيه. من جهة أخرى، كشف مسؤول في البورصة السلعية أن وزارة التموين أوقفت التداول على السكر منذ نحو شهر بشكل نهائي، وفق ما صرح به لوسائل إعلام مصرية، الأحد، مؤكدا بدوره توقف الإنتاج في معمل أبو قرقاص لإنتاج السكر. حيث قال المسؤول: إن "الوزارة اكتفت بالكميات التي تم طرحها في البورصة السلعية والتي تتراوح بين 180 و190 ألف طن منذ بدء التداول عليه في أغسطس الماضي، مشيرا إلى أن الوزارة تستعد لتطبيق قرار مجلس الوزراء باعتبار 7 سلع أساسية من السلع الاستراتيجية، من بينها السكر". سد النهضة فيما يشير عدد من الخبراء، إلى تراجع المساحات المزروعة بالقصب، منذ عدة سنوات، بسبب أزمة نقص حصة مصر من المياه، وتطبيق الحكومة غرامات على المزارعين المخالفين لتوجيهات وزارة الزراعة. وكانت أثيوبيا قد حجزت خلف بحيرة سد النهصة نحو 42 مليار متر مكعب، وهو ما خصم من حصة مصر المائية، وأدى لسحب مصر من مخزونها المائي، خلف بحيرة ناصر، وسط سياسات تقليص ضخ المياه للأراضي الزراعية ومياه الشرب. وكانت وزارة الري المصرية، أعلنت انتهاء الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، دون تحقيق نتائج، نظرا لاستمرار المواقف الإثيوبية على حالها. وأكدت الوزارة أنه "على ضوء المواقف الإثيوبية تكون المسارات التفاوضية قد انتهت، وتؤكد مصر أنها ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وهي تحتفظ بحقها في الدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر". وكان أستاذ الجيولوجيا العالمي د.عصام حجي، قد أكد في مداخلات إعلامية وعبر موقع إكس، عن أثار سد النهضة على الزراعة بمصر، مشيرا إلى أنه بعد عام 2020- 2021 ، قامت الحكومة بوضع خطة تقشف مائي نتيجة العجز المائي الداخلي والعجز الإضافى الذي يمكن أن يسببه ملء سد النهضة، حيث قررت الحكومة في عام 2021 تقليص المساحة المزروعة من الأرز من 1.3 مليون فدان إلى حوالي 724 ألف فدان، بالإضافة إلى مساحات أخرى تروى بمياه عالية الملوحة، وقد استمرت سياسة التقشف المائي فى عام 2022 و 2023 ، كما هو منشور في الجريدة الرسمية، حيث تم تحديد 9 محافظات فقط للزراعة ومنع وتوقف زراعته، وذلك في سياق خطة التقشف نتيجة الشح المائي الذي تواجهه الدولة المصرية بداية من 2020-2021 وحتى الآن بنفس الوتيرة، وبالتالي هذا العجز في الإنتاج نتيجة خطة التقشف المائي لتفادي أثار ملء سد النهضة أدى إلى نقص المعروض، مما يتم تعويضة باستيراد كميات كبيرة بالعملة الصعبة من الأرز من الخارج (الهند وباكستان وغيرهم) مما أدى إلى زيادة أسعاره بالسوق. ويضيف حجي، أما بالنسبة لقصب السكر، فإنتاج السكر في مصر يعتمد على زراعة قصب السكر و بنجر السكر، ونتيجة خطة التقشف المائي التي قامت بها الحكومة، تم التوقف عن التوسع بزراعة قصب السكر، لاستهلاكه كميات كبيرة من الماء تصل إلى حوالي 9500 متر مكعب للفدان. ويبلغ إنتاج السكر في مصر من بنجر السكر حوالي أكثر من 60 % مقارنة ب 31 % بالإضافة لقصب السكر. على الجانب الآخر اتجهت الحكومة في خطتها للتقشف المائي لسد العجز المتوقع في ظل ملء سد النهضة إلى التوسع في زراعة بنجر السكر، حيث زاد الإنتاج من 300 ألف فدان إلى 600 ألف فدان ، ذلك لأنه يوفر في استهلاك المياه بالنسبة لقصب السكر، حيث إنه فقط يحتاج من 3000 إلى 4000 متر مكعب للفدان. كما أن التوسع في بنجر السكر لم يكن من مياه النيل بل من المياه الجوفية، كمثال مشروع بنجر السكر في غرب المنيا، حيث المخطط زراعة 250 ألف فدان من بنجر السكر الذي يستنزف المخزون من المياه الجوفية الغير متجدد في الخزان الموجود بمنطقة غرب المنيا.