رضخت حكومة الانقلاب في مصر للتهديدات الإسرائيلية بقصف قوافل المساعدات في حال قررت القاهرة إدخالها عبر معبر رفح، وقرر الجنرال عبدالفتاح السيسي المشاركة في تشديد الحصار على قطاع غزة بإغلاق معبر رفح الحدودي لأجل غير مسمى الذي يعد المنفذ الوحيد لسكان القطاع مع العالم الخارجي، وطلبت السلطات الأمنية المسئولة عن إدارة المعبر من المسافرين الفلسطينيين المُسجّلين في قوائم السفر العودة إلى غزة. كما طلب من شاحنات المساعدات العودة مرة أخرى وعدم الدخول إلى القطاع. وكانت جيش الاحتلال الإسرائيلي قد قصف الجانب الفلسطيني من العبر للمرة الثالثة مساء الثلاثاء 10 أكتوبر، ويأتي ابتلاغ الجنرال السيسي للإهانة الصهيونية تعبيرا عن مدى الانبطاح المصري أمام الغطرسة الإسرائيلية المدعومة من الولاياتالمتحدةالأمريكية والحكومات الغربية. وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن إسرائيل هددت مصر بضرب أي شاحنات تحمل مساعدات تحاول الدخول إلى غزة من معبر رفح، وفقاً لمصادرها. الخطوة الإسرائيلية تأتي في إطار استراتيجية خنق قطاع غزة، وشن حرب تجويع شاملة على أكثر من مليوني فلسطيني عربي مسلم، وإذعان السيسي لهذه التهديدات وغلق المعبر إلى أجل غير مسمي هو مشاركة قهرية في حرب الحصار والتجويع تعكس مدى التقزيم الذي وصلت إليه مصر إقليميا، وكيف تفرض إسرائيل إرادتها على مصر كلها دون أي رد فعل يعكس مكانة وحجم مصر الإقليمي. ويكتسب معبر رفح أهمية كبرى للفلسطينيين؛ لأن المعبر الوحيد الذي يربطهم بالعالم الخارجي، وهو المعبر الوحيد الذي لا تسيطر عليه حكومة الاحتلال، ويربط القطاع بمصر ويتم فتحه لمدة 5 أيام أسبوعيًا. ومنذ مايو 2018، تركت مصر معبر رفح مفتوحًا معظم الوقت بعد سنوات من إغلاقه بشكل شبه دائم في أعقاب انقلاب يوليو 2023م. وفي محاولة للتغطية على الإهانة التي ألحقتها حكومة الاحتلال بمصر؛ قال السيسي في تصريحات رسمية إن مصر لا تتخلى عن التزاماتها تجاه القضية الفلسطينية ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب أي قضايا أخرى، وأن الأمن القومي المصري لا تهاون فيه أو تفريط فيه تحت أي ظرف. وهي التصريحات التي تعكس محاولة دفاعية عن الموقف المصري الذي تفرض عليه أواصر الدين والإخوة والجيرة أن يدعم المقاومة في تطلعاتها المشروعة لتحرير بلادها من الاحتلال الإسرائيلي، وهو موقف ينسجم تماما ليس فقط مع تعاليم الإسلام بل مع القانون الدولي أيضا. لكن السيسي للأسف غير قادر على تقديم هذا الدعم وتلك المساعدة ولا حتى التصريح بذلك بشكل شجاع وجريء. على كل حال يمكن للسيسي وحكومته تقديم المزيد من الدعم بطرق أخرى هو يعرفها جيدا، لأن غزة تمثل جزءا رئيسا من الأمن القومي المصري، وتمثل حائط صد يستنزف الاحتلال ويشغله عن إيذاء مصر؛ بخلاف أن ملف غزة هو الملف الوحيد الذي يجعل لنظام السيسي في مصر أهمية في عيون واشنطن وتل أبيب والعواصم الغربية، وتصفية هذا الملف بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية لسكان القطاع هو إحراق لأهم ورقة يلعب بها نظام السيسي لمواجهة التقزيم المستمر لدور مصر الإقليمي والدولي. معنى ذلك أن وجود مقاومة فلسطينية قوية ومؤثرة هو بحد ذاته مصلحة مصرية خالصة سواء على مستوى الأمن القومي أو حتى على مستوى تعزيز الدور المصري إقليميا. السيسي يدرك ذلك جيدا، وقد صرح بتكثيف الاتصالات مع جميع الأطراف الفاعلة دوليًا لوقف فوري للعنف وتحقيق تهدئة تحقن دماء المدنيين من الجانبين، ووقف المواجهات العسكرية واستهداف الفلسطينيين. ووفقًا لتصريحات مكتوبة نقلتها وسائل إعلام موالية للنظام، فقد قال السيسي: إنّ التصعيد الحالي خطير وله تداعيات قد تطال أمن واستقرار المنطقة ككل، وإن السلام العادل والشامل القائم على حل الدولتين هو السبيل لتحقيق الأمن. والإثنين 9 أكتوبر، بحث رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس ادهانوم غبرياسوس مع الرئيس المصري إمكانية إنشاء ممر إنساني لإيصال المستلزمات الطبية الأساسية التي تحتاجها مستشفيات غزة. وكان وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت قد اتخذ أول من أمس قراراً بفرض حصار شامل على قطاع غزة يشمل الماء والكهرباء والوقود والطعام، في ظل السيطرة الإسرائيلية على منافذ القطاع. وأضاف: "نفرض حصاراً كاملاً على مدينة غزة. لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود. كل شيء مغلق". وتغلق إسرائيل منذ السبت جميع المعابر من وإلى القطاع. وتنقل صحيفة "العربي الجديد" اللندنية، عن همي …مصدر مسؤول في إدارة المعبر قوله إن المعبر التجاري كان في الظروف الطبيعية قبل الحرب يُدخل ما يقارب 300 شاحنة بضائع أسبوعياً إلى قطاع غزة تشمل وقوداً وأدوية وأغذية بكافة أنواعها، حيث تنفرد شركة أبناء سيناء التي يديرها رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني بنقل البضائع من مصر إلى قطاع غزة عبر المعبر. وبحسب بيانات رسمية، فإن معدل الواردات عبر معبر كرم أبو سالم مع حكومة الاحتلال عام 2020 كان يشكل 87% من إجمالي واردات القطاع، بينما كان الوارد عبر مصر 13% فقط، في حين ارتفعت نسبة الاستيراد من مصر إلى 20% بنهاية 2021، وتراجعت الواردات عبر الجانب الإسرائيلي إلى 80%. وحسب الباحث الفلسطيني أحمد أبو قمر، فإن معبر كرم أبو سالم التجاري الذي يربط قطاع غزة بالأراضي الفلسطينية المحتلة كان ممراً لما يقارب 350 شاحنة يوميا من البضائع المستوردة من الخارج إلى القطاع. وتستهدف حكومة الاحتلال شن حرب تجويع على الفلسطينين بينما يقف الحكام العرب يتفرجون مجللين الخزي والعار. وأدت سياسة الحصار المتواصل في أغلب الأوقات على قطاع غزة منذ عام 2006، إلى قفزات بمعدلات الفقر إلى مستويات غير مسبوقة، حيث لامست حاجز ال 70%. وحول مخزون الغذاء في القطاع، قالت وزارة الاقتصاد الوطني، الاثنين، 9 أكتوبر، إن المخزون التمويني للسلع الأساسية في السوق الفلسطينية قادر على تلبية احتياجات المواطنين لمدة ثمانية أشهر، وإن مخزون الطحين يكفي لثلاثة أشهر. وبيّنت الوزارة، في بيانها، أن عملية توريد السلع للسوق مستمرة، داعية المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الشائعات بشأن حدوث نقص في السلع والتهافت المبالغ فيه على شرائها بأي سعر. وحذّرت الوزارة من إقدام أي تاجر على استغلال حاجة المواطنين في الظروف الراهنة، أو التلاعب بالأسعار، حتى لا يقع تحت طائلة المسؤولية القانونية، حيث ستُوقع أقصى العقوبات بحق المخالفين. وحتى صباح اليوم الخامس من الحرب الأربعاء 11 أكتوبر 2023م، ارتفع عدد القتلى الإسرائيليين إلى "1200" والمصابين إلى "2900" حسب هيئة البث الإسرائيلية. فيما أعلنت وزارة الصحة بغزة أن العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع خلّف 950 شهيدا وأكثر من 5 آلاف مصاب. وقالت وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن حوالي 250 ألف فلسطيني نزحوا داخل غزة، معظمهم في مدارس الوكالة، وإنهم يعيشون ظروفا صعبة.