تسعى سلطة الانقلاب إلى قمع أي صوت معارض لها حتى وإن كان مؤيدا لها طالما أنه خرج عن الحدود والأطر التي تضعها، مستخدمة في ذلك كافة الأساليب من قتل وقمع واعتقال الاعتداء على الصحفيين ومحاكمتهم، وغيرها من وسائل التنكيل بهم حتى لا تُرى الحقيقة، لتمر مصر بمرحلة انتهاكات ضد الصحفيين لم يشهدها تاريخ الصحافة من قبل.. "الحرية والعدالة" يرصد العديد من الانتهاكات التي تمارسها سلطة الانقلاب ضد الصحفيين. أعلن المرصد المصري للحقوق والحريات في ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة عدد الانتهاكات ضد الصحفيين وصل إلى 113 انتهاكا منها 52 اعتداء بدنيا، 8 قتلى، 36 معتقلا، هذا بخلاف غلق 8 قنوات فضائية، موضحا أن مصر لم تشهد في تاريخها هذا الكم من الانتهاكات.
* مقتل 8 صحفيين و36 معتقلا وإغلاق 8 قنوات فضائية وصحيفتين وأوضح في تقرير له أن هناك العديد من الأمثلة التي تبين وحشية السلطات الحالية وإهدارها لكافة القيم والمعايير والقوانين الخاصة بحرية الصحافة والإعلام، فقد تم اختطاف الإعلامي حسن خضري مراسل قناة مصر 25 المغلقة وأحرار 25 من أمام جامعة الزقازيق، واقتياده إلى مبنى الأمن الوطني بالمدينة لموقفه الرافض للانقلاب العسكري الدموي.
وأشار إلى أنه تم إحالة محمد بدر مصور قناة الجزيرة مباشر مصر إلى محكمة الجنايات بتهم جنائية غير صحيحة ولا منطقية، كما تم إحالة العاملين بموقع "الإسلام اليوم" محمود محمد عبد اللطيف محرر صحفي، يعمل بجريدة الخليج، ووائل على فني صور، وعبد اللطيف سيد مراجع لغوي، ومحمد صالح عامل بوفيه إلى محكمة الجيزة الكلية وذلك بعد غلقه من قبل قوات الأمن، بالرغم من أنهم لا ينتمون لأي جماعات أو أحزاب سياسية هذا بخلاف اختطاف الصحفي كريم مصطفى من قبل قوات الأمن، أثناء متابعته لفعاليات الثورة الشعبية في محافظة الإسكندرية، واحتجاز الإعلامي أحمد لاشين مراسل قناة أحرار 25 بعد اختطافه من منزله في محافظة البحر الأحمر .
نوه التقرير إلى احتجاز قوات الأمن للإعلامية أماني كمال المذيعة المستقيلة من راديو مصر عضو حركة "إعلاميون ضد الانقلاب" بعد توقيفها في كمين بالجيزة وتفتيش سيارتها التي وجدوا بها بوسترات للرئيس محمد مرسي وشارة رابعة .
وأيضا أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان له صدر في ديسمبر الماضي أنه وثّق اعتقال 76 صحفيًا خلال النصف الثاني من العام المنصرم (2013)، فيما يزال 37 منهم رهن الاعتقال التعسفي حتى اللحظة، مضيفا أن السلطات المصرية تتعمد استهداف الصحفيين والإعلاميين الذين ينقلون صورة أخرى لما يجري في الشارع غير الصورة التي يريدها النظام. صُنّفت مصر في المرتبة 158 من أصل 179 في الترتيب العالمي لحرية الصحافة بحسب منظمة "مراسلون بلا حدود"، وأيضا احتلت المرتبة الثانية في البلدان التي يُقتل فيها أكبر عدد من الصحفيين في عام 2013.
الانتهاكات وقال "مركز دعم لتقنية المعلومات"، في تقرير له إنه على مدار السنوات الثلاث التي أعقبت ثورة يناير 2011، وفي عام 2013، واجهت حرية واستقلالية الإعلام والإعلاميين في مصر العديد من الصعوبات والمعوقات؛ فعلى مدار عام كامل واجه الإعلاميون العديد من الانتهاكات، فعلى مستوى المؤسسات سجل شهر يوليو أكبر عدد لحالات الانتهاكات ضد المؤسسات الإعلامية، حيث سجل 18 حالة انتهاك منها 11 حالة غلق إداري.
وعلى مستوى الانتهاكات التي وقعت ضد الإعلاميين، سجل شهر أغسطس -الذي شهد مجزرة فض اعتصامي ميداني رابعة العدوية بالقاهرة والنهضة بالجيزة- أكبر عدد من حالات الانتهاكات ضدهم، حيث سجل 102 حالة، كما شهد أيضا أكبر عدد من حالات قتل الإعلاميين، حيث سجل 7 حالات قتل. وسجل شهر ديسمبر ثاني أكبر عدد لحالات الانتهاكات ضد الإعلاميين، حيث سجل 80 حالة، ثم سجل شهر نوفمبر ومارس نفس عدد الحالات، حيث سجل كل منهما 71 حالة انتهاك ضد إعلاميين. فيما أعلنت حركة "صحفيون ضد الانقلاب" أن ما لا يقل عن 500 انتهاك لحرية الإعلام في 7 أشهر، منذ وقوع الانقلاب العسكري، وعددت الحركة الانتهاكات التي رصدتها والتي "تنوعت بين ارتقاء تسعة قتلى من الصحفيين والإعلاميين، واعتقال واحتجاز قرابة 80 صحفيًا وإعلاميًّا، مع استمرار اعتقال نحو 30 منهم حاليًّا، وجرح وإصابة أكثر من 100 صحفي وإعلامي، وغلق 12 قناة فضائية، و10 مكاتب ومراكز إعلامية، وشبكات إخبارية، ومنع صحيفتين من الصدور، وارتكاب نحو مائتي واقعة اعتداء مباشر على معدات إعلامية، واحتجازها، أو تكسيرها".
* محاكمة 6 صحفيين وإعلاميين عسكريا وما لا يقل عن 500 انتهاك ضد الصحفيين في 7 أشهر فيما سجل التقرير 10 حالات قتل وقعت ضد الإعلاميين، وهو عدد أكبر من إجمالي حالات القتل التي وقعت بحق إعلاميين في عامي 2011 و2012، ويأتي الضرب والقبض في مقدمة حالات الانتهاكات خلال عام 2013، حيث سجل التقرير 204 حالات ضرب وقعت من جهات مختلفة، وسجل كذلك عدد 150 حالة قبض ضد الإعلاميين من قبل قوات الشرطة وقوات الجيش.
وشملت قائمة الانتهاكات" 70 حالة منع من الكتابة، واحتجاز 13 من المتحدثين الإعلاميين الحزبيين، وتعذيب خمسة صحفيين وإعلاميين، وصدور 3 أحكام عسكرية بحق صحفيين وإعلاميين، فيما يُحاكم ثلاثة آخرون حاليًا عسكريًا، ليصبح عدد المُحاكمين عسكريًّا نحو 6 صحفيين وإعلاميين، بخلاف الفصل التعسفي لنحو ثلاثين زميلًا بعددٍ من الصحف، بخلاف استمرار ظاهرة الرأي الواحد في الصحافة المصرية، فلم يعد مسموحًا للرأي الآخر بالنشر، وأصبحت صفحات الرأي مسودة بالرأي الواحد، وعاد صحفيو أجهزة الأمن والحزب الوطني المنحل، إلى تصدر أعمدة الرأي، فيما تم تغييب كتاب التيار الإسلامي بالكامل، بل وتغييب المختلفين مع السلطات القائمة، من الكتاب الليبراليين، واليساريين".
غلق القنوات كان أول إجراء اتخذه عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري عقب خطابه الذي أعلن فيه الانقلاب بدقائق قطع جميع وسائل الإعلام الموالية للرئيس محمد مرسي والتي تبث المظاهرات المؤيدة له، وعددها 8 قنوات منها قناة الناس والرحمة والحافظ ومصر 25، كما ألقت قوات الشرطة القبض على اثنين من مذيعي قناة مصر 25 بينهم المذيع محمد جمال هلال ومدير المونتاج بالقناة وضيفين.
* بروز ظاهرة صحافة الرأي الواحد ومنع الآراء الأخرى من الكتابة فيما اقتحمت أجهزة الأمن وأغلقت مكاتب واستوديوهات قنوات "الجزيرة مباشر مصر"، والجزيرة الإخبارية، الجزيرة الإنجليزية، وأوقفت أجهزة البث وانقطع بثها على القمر الصناعي نايل سات, واحتجزت مدير قناة الجزيرة مباشر مصر وكذا مدير مكتب الجزيرة الإخبارية بالقاهرة مع عدد من العاملين، وأجبرت العاملين والضيوف في الجزيرة مباشر مصر على التوقف عن الكلام وإيقاف بث نقل صورة ميدان التحرير.
بخلاف التشويش على قنوات القدس والحوار وإغلاق قناة اليرموك الأردنية بسبب بثها المباشر من اعتصام مؤيدي الشرعية في ميدان رابعة العدوية قبل فضه. المطاردة ما بين القتل والاعتقال يوجد هناك صحفيون يعانون من الملاحقة القضائية الجائرة بحقهم نتيجة لظهور عدد منهم على الفضائيات العربية والدولية للتعليق على التطورات في مصر، وتطور الأمر إلى إصدار مذكرات بحث واعتقال بحقهم، بمجرد وصول أحدهم إلى مطار القاهرة، أو عبر أي منفذ بري آخر إلى مصر، من بينهم الصحفي سامي كمال الدين بالأهرام ومدير مكتب مجلة “الدوحة” في مصر، والصحفي أحمد الشرقاوي، والكاتب الصحفي محمد القدوسي.
محاكمة الصحفيين تم إحالة 20 إعلاميًا من شبكة الجزيرة إلى المحاكم المصرية بتهم نشر معلومات كاذبة وتهديد الأمن القومي واستخدام معدات دون ترخيص وإضعاف هيبة الدولة وتكدير السلم العام، تحتجز السلطات الانقلابية ثمانية فقط، فيما لا يزال الباقون قيد الملاحقة. واتهمت النيابة 16 مصريا ب"الانتماء لجماعة إرهابية، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، في حين وجهت النيابة للأجانب الأربعة، وهم بريطانيان وأسترالي وهولندية اتهامات ب"الاشتراك مع المتهمين المصريين بطريقة المساعدة في إمداد أعضاء تلك الجماعة بالأموال والأجهزة والمعلومات، وإذاعة بيانات وأخبار وشائعات كذابة وصور غير حقيقية"، وذلك بغرض الإيحاء للرأي العام الخارجي أن البلاد تشهد حربا أهلية.
وأيضا تم محاكمة الصحفية سماح إبراهيم بجريدة الحرية والعدالة أثناء ممارستها عملها الصحفي وقيامها بتغطية الاستفتاء على وثيقة دستور الدم وتم الحكم عليها بالسجن 6 أشهر وكفالة 50 ألف جنيه، هذا بخلاف ما تتعرض له من تعذيب داخل سجون الانقلاب. ولا ننسى الجرائم التي يرتكبها الانقلابيون ضد الصحفيون المعتقلون في السجون فها هو عبد الله الشامي المصور بقناة الجزيرة يضرب عن الطعام منذ يناير الماضي وتتعرض حياته للخطر للدفاع عن حريته.
الاعتداء على الصحفيين ففي إحياء الذكري الثالثة لثورة يناير تم احتجاز 19 صحفيا، منهم إسلام الكلحي، أحمد القعب، أحمد فؤاد، أحمد هشام، وليد فكري، محمد جبر، عمرو صلاح الدين، طارق وجيه، حسن ناصر، محمد الجباس، محمد درويش، عيد سعيد، خالد كامل، أحمد الحسيني، عبد الخالق صلاح، وإصابة 4 هم: حسام بكير، وعبد الله أبو الغيط ومحمد فوزي ومحمود خالد، واستشهاد اثنين من المصورين الصحفيين هما مصطفى الدوح ومحمد ندا، حيث يعمل هؤلاء بعدد من الصحف والمواقع، منها المصري اليوم والبديل والوادي والوفد ووكالة الأنباء الصينية، وذلك وفقا لما نشره موقع الوادي ومصادر التنسيقية الوطنية.
غلق الصحف مارست السلطة الانقلابية سياسية قمع الحريات وقامت بغلق جريدة الحرية والعدالة في ديسمبر الماضي على خلفية قرار رئيس مجلس الوزراء حازم الببلاوي باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وتم وقف إصدارها دون سند قضائي. وأيضا تم غلق جريدة الشعب الجديد التابعة لحزب الاستقلال "العمل الجديد سابقا" في يناير الماضي بادعاء جريدة "الأخبار" أن مطابعها في حالة صيانة، ولجوء أجهزة وزارة الداخلية إلى مصادرتها بدعوى أنها تنشر مواد تهدد الأمن القومي.
في فبراير الماضي داهمت أجهزة الأمن بالقاهرة مقر شبكتي يقين وحصري بشارعي شامبيليون ومحمد حلمي بمنطقة وسط القاهرة، بإذن من نيابة قصر النيل وألقت القبض على 14 صحفيا وحرزت المضبوطات من أجهزة تصوير وبث،لكنها أطلقت سراحهم بعدها بيومين بكفالة. تسعى سلطة الانقلاب إلى قمع أي صوت معارض لها حتى وإن كان مؤيدا لها طالما أنه خرج عن الحدود والأطر التي تضعها، فها هو الكاتب بلال فضل مُنع مقاله الأخير من النشر في جريدة الشروق لأسباب سياسية رغم أنه من الداعين ل 30 يونيو. ولم تتوقف الانتهاكات الصارخة لحرية الإعلام حيث أقالت وزيرة إعلام الانقلاب درية شرف الدين رئيسة قناة "نايل تي في" ميرفت محسن بسبب عرضها ضمن البرنامج الصباحي "مصر اليوم" فيلما عن إنجازات الرئيس محمد مرسي كان قد أعده وزير الإعلام السابق صلاح عبد المقصود وأنتجه التليفزيون المصري، وأحالت عدة أفراد إلى التحقيق، ولم تكتفِ بذلك بل قامت بوقف العاملين المتسببين بعرض الفيلم لمدة 3 أشهر وكلفت سامح رجائي برئاسة القناة مؤقتا.