حينما تتضخم أدوار العسكر في السلطة ، والتي تصبح السلطة نفسها مجرد أداة للسيطرة وليس للإدارة الرشيدة أو هندسة الانتقال الديمقراطي بالمجتمع، تنحصر وتُختزل الدولة في شحص الرئيس أو الجيش أو الجهة المسيطرة على الأوضاع ، وتبقى كافة القوانين المستجدة أو التي يجري صياغتها، بعيدة كل البعد عن الاقتراب من المؤسسة الحاكمة أوأيّا من أنشظتها هذا ما يتطابق تماما مع ما ذهب إليه موقع Africa Intelligence الاستخباراتي الفرنسي، في تحليله مؤخرا عن كم الإعفاءات والامتيازات التي يتمتع بها الجيش المصري في ظل حكم السيسي. وينتظر الاقتصاد المصري قانون جديد، صوّت عليه البرلمان في 11 يوليو 2023، ويشمل إنهاء الإعفاءات الضريبية للكيانات الحكومية، توقيع المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي، ولكن رغم ذلك فمعظم شركات الجيش ستظل محتفظة بالإعفاءات الضريبية، بحسب ما كشف موقع Africa Intelligence الاستخباراتي الفرنسي الأربعاء، 19 يوليو. يأتي هذا التشريع الذي قدّمه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، تماشيا مع التوصيات التي قدمها المجلس الأعلى للاستثمار، وهو يمثل إحدى اللجان المشكلة لتقديم المشورة للحكومة، بشأن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي طلبها صندوق النقد الدولي. لكن القانون الجديد قد لا يرقى إلى مستوى ما كانت تسعى إليه المؤسسة المالية الدولية، إذ ينص مشروع القانون، الذي يهدف إلى زيادة القدرة التنافسية للقطاع الخاص وجذب المستثمرين الأجانب إلى مصر، على إنهاء الإعفاءات الضريبية العقارية والجمركية للجهات الحكومية، وتلك التابعة لوزارة الدفاع. لكن معظم شركات الجيش ستظل قادرة على تطبيق الإعفاءات الضريبية حتى في حالة تمرير القانون، إذ يُتوقع أن يحدد مرسوم تطبيق القانون، الذي سيُنشر خلال الستة أشهر المقبلة، إعفاءات ضريبية عن أعمال البنية التحتية والأعمال المتعلقة بالأمن والدفاع الوطنيين. وفي حالة الموافقة عليها، فإن هذه الإعفاءات الخاصة تنطبق على العديد من مشاريع الطرق، خاصة في القاهرة وشمال سيناء، التي تديرها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة. وفضلا عن التعديلات الضريبية، لا يزال يتعين على مدبولي المضي قدما في برنامج الخصخصة، ففي نفس اليوم الذي صوّت فيه البرلمان على هذه التعديلات، أعلن مدبولي عن صفقات مقبلة بقيمة 1.9 مليار دولار، تفاصيلها لا تزال غير واضحة. وتستهدف الحكومة بيع حصص في أصول مملوكة للدولة بقيمة 1.9 مليار دولار في إطار برنامج لدعم القطاع الخاص وجمع العملة الصعبة.
وقالت وزيرة التخطيط هالة السعيد: إن "العقود تضمّنت صفقة لبيع حصص أقلية في 3 شركات لصندوق أبوظبي للثروة السيادية (القابضة إيه.دي.كيو) مقابل 800 مليون دولار، وصفقة لجمع 700 مليون دولار عن طريق زيادة رأس مال شركة تمتلك مجموعة فنادق في مصر".
وتحاول الحكومة تسريع وتيرة برنامج لبيع أصول مملوكة للدولة، بينما تواجه البلاد نقصا مستمرا في العملة الصعبة.
وواجه البرنامج تأخيرات في الأشهر الماضية؛ مما زاد الضغط على الجنيه المصري، الذي فقد نحو نصف قيمته مقابل الدولار منذ أوائل العام الماضي.
وقال مدبولي، في مؤتمر صحفي بالقاهرة، حضره عدد من الوزراء: إن "الحكومة قد تجاوزت الربع تقريبا فيما يتعلق بقائمة تضم 32 شركة حكومية أعلنت العام الماضي أنها ستبيع حصصا فيها، وتستعد لبيع حصص في شركات أخرى لاحقا".
يشار إلى أن كبار المستثمرين تخارجوا من السوق المصري وتوجهوا إلى السعودية والإمارات للاستثمار فيها، بعد شكاوى عدة من عدم قدرتهم على منافسة الجيش في المشاريع، حيث يستحوذ الجيش على كل أراضي مصر بقوة السلاح وبلا أي ثمن، كما لا يدفع مليما واحدا كضرائب أو جمارك أو رسوم، تدفعها الشركات المدنية، بجانب تشغيل المجندين لديه بنظام السخرة، مما يجعل المنافسة معه صعبة للغاية. وهو ما تحدث عنه سميح ساويرس ونجيب ساويرس ومحمد منصور أكثر من مرة، وتم مهاجمتهم مرات عديدة بوسائل الإعلام التي تسيطر عليها المخابرات.
وقد تسببت عسكرة الاقتصاد لهروب أكثر من 22 مليار دولار من مصر مؤخرا. وقد تحولت أغلب الشركات العاملة في مصر لمجرد مقاولين من الباطن، بعدما استحوذ الجيش وشركاته على أغلب المناقصات بالأمر المباشر، ثم يقوم بتوزيعها من الباطن على الشركات مقابل خصم 30% ارتفعت إلى 40% مؤخرا كأرباح خالصة للجيش دون تعب أو مجهود. كما يسيطر الجيش على المناجم والمحاجر بلا وجه حق، وهو ما رفع أسعار مواد البناء بأكثر من 450% ، وهو ما يجعل الجيش دولة فوق الدولة، وفوق القوانين.