مع تباطؤ صندوق النقد في منح حكومة السيسي القرض الرابع من نوعه، حاول المنقلب السيسي إخفاء المفضوح بالأساس عند خبراء الصندوق ، وما أكده محللون دوليون منهم يزيد صائغ كبير باحثي مركز كارنيجي من هيمنة الجيش على الاقتصاد المصري. وقال السفيه السيسي في افتتاح ما يدعيه من مشروعات تنموية إن "القطاع الخاص يستحوذ علي نسبة 70 أو 75% من الاقتصاد الوطني و أنه شريك رئيسي في تنمية مصر وزيادة التصدير". وحاولت حكومته الإيهام بطرح حصص من شركات الجيش ومنها "وطنية" و"صافي" التابعتين لجهاز الخدمة الوطنية بالبورصة قبل نهاية العام، وهو ما تكرر إعلانه منذ 4 سنوات. إلا أن صندوق النقد الدولي نوه من قبل في تحليلاته الدورية أنه لا قروض جديدة قبل اجتثاث المؤسسة العسكرية من الاقتصاد ، معلنا أن هذه الخطوة لن تكون كافية لمنح قروض جديدة من الهيئة الدولية. ويدور حديث في الكواليس أن الباحث الشهيد بيد الأمن الوطني أيمن هدهود كان يجري بحثا استقصائيا عن نسبة هيمنة الجيش على الاقتصاد، ونسبة المشاريع التي توجه بالأمر المباشر. وفي 17 سبتمبر نقلت منظمة (الديمقراطية الآن للعالم العربي) عن شقيق هدهود أنه واجه الخطر الذي واجهه قبل شهرين من اختفائه، وفهمت طبيعة الخطر الذي شعر به بسبب بحثه الأخير حول إفلاس مصر، كان أيمن أول من توقع إفلاس مصر وألقى باللوم بالانهيار الاقتصادي المرتقب على سيطرة الجيش على الاقتصاد. وقال تقرير ميديل ايست آي البريطاني إن "الجيش المصري يسيطر على أكثر من 50% من الاقتصاد ، وعن ادعاء السيسي أن الجيش نصيبه 25% من 75% للقطاع الخاص ، رأى بعض المراقبين أن الكلام يمكن أن يكون صحيحا ، لإن مشاريع الجيش لا تخدم الاقتصاد لإنها تصب في ميزانية الجيش ولا علاقة لها بالدولة ولا تساهم في تنمية الاقتصاد فلا فرص عمل ولا دفع ضرائب وبعيدة عن طلب التراخيص وانتظار المياه أو الكهرباء أو الغاز أو تتم محاسباتها عليها". وأخيرا وصف أحد تقارير ( مركز التحرير لسياسات الشرق الأوسط ) استثمارات الجيش بالعدوانية ، حيث سيطرت على كل مفاصل الاقتصاد من أسمنت وزراعة ومياه معدنية ومحاجر وألبان أطفال ومواد غذائية. وقال المحلل الاقتصادي د. محمود وهبة "بدل بيع الشركات كجزء من بيع الأصول ، ينصح حكومة السيسي إدخال إيرادات الشركة الوطنية وصافي وتشل أوت الميزانية العامة ، وكذلك ثمنها لو طرحت بالبورصة وهي جزء يسير من شركات الجيش. وعن تصريحات السيسي قال إن "الاقتصاد السري السيسي يخفيه عن الأنظار ولكنه مفضوح". وأوضح أن "وثيقه السيسي لملكية الدولة تهدف لزيادة مساهمة القطاع الخاص إلي 65% وان النسبة 23% ويطالب بزيادتها، مكررا أن السيسي يريد إخفاء اقتصاد الجيش والصندوق السيادي ويدعي أن القطاع الخاص يساهم بنسبه 70-75%. شركات مركزية ويسيطر الجيش على جل الشركات الإعلامية والقنوات الفضائية والصحف، وطالب الخبير الدولي يزيد صايغ الجيش المصري بأن يبدأ ببيع الشركات الإعلامية التي سيطر عليها خلال السنوات الأخيرة وهي عشرات الفضائيات وعشرات الصحف وغالب الإذاعات الخاصة فضلا عن الحكومية. وقال مراقبون إن "قدرات مصانع الأسمنت الإنتاجية 85 مليون طن، بينما احتياجات السوق المصرية 50 مليون طن فقط، بحسب رئيس شعبة مصنعي الأسمنت، ويواجه الأسمنت المصري منافسة قوية في سوق الصادرات، ما يؤدي إلى وجود صراعات وحروب في السوق المحلي بين الشركات لإيجاد مساحة بالسوق". وأضاف المراقبون أن معاناة قطاع الأسمنت هي نتيجة توسعات الاقتصاد العسكري في مصر، كما أوضح يزيد صايغ المتخصص في اقتصاد الجيش المصرى، في كتابه "امتلاك الجمهورية .. تشريح للجيش المصري" الصادر عن مركز كارنيغي للشرق الأوسط. وأشار الباحث محمد الشريف (@MhdElsherif) إلى أن مصر، هي "الدولة الوحيدة على الكرة الأرضية اللي جيشها بقى مختص بالاقتصاد والاستثمار ، عسكرة الاقتصاد والاستثمار والتجارة عيب وبالفم المليان أقول لك أن أفشل إدارة إنتاج هي إدارة الجيش، وهندفع كلنا ثمن تدخله في الاقتصاد، وقد بدأنا". وعن أمثلة ذلك قال "أولا: من ناحية المبدأ إيه اللي حشر الجيش في الاقتصاد والاستثمار والتجارة ؟ مش شغله ثانيا: الجيش في الفترة دي عمل 60 شركة فى 19 قطاع استثماري. ثالثا: يا ريته نافس القطاع الخاص وربح، ده بوظ السوق في قطاعات كثيرة وخسر معاهم لأنه ما يعرفش يدير". وأوضح أن "كل جيوش العالم تمول من ميزانية دولتها، لسنا استثناء، لسنا في كوكب آخر، لو نهضت باقتصاد بلد كما يجب أن يدار الاقتصاد، لاستطاعت الدولة أن تمول جيشها، لا يوجد جيش في العالم يتاجر لتمويل تسليحه، لكن الأهم هل كانت لهذه المشروعات عوائد مولت تسليح الجيش؟ يعلنوها". واتفق معه الناشط أحمد بيومي (@ahmed123bayoumi) فكتب "أنا مشكلتي عدم الوضوح والشفافية والكذب ، الاقتصاد في كل الدنيا يديره الناس وعوائده للناس فقير وغني وتشرف عليه الدولة وتنظمه ، إنما عسكرة الاقتصاد والسياسة والمناصب، ده أمر معروف نهايته والنهاية مرعبة مصر لم ينقذها في يناير إلا إحساس الناس أن الجيش ليس طرفا في الصراع على السلطة ". وقال أحمد (@ahmdltf65038209) "هناك الكثير من المشاكل البنيوية التي تعوق نمو القطاع الخاص من الفساد إلى المحظورات وعدم توفر الدعم اللوجيستي، هناك منافسة من الدولة و الجيش والحكومة في كل قطاع سرطان ينهش في الاقتصاد المصري". تقرير الإيكونوميست وفي أبريل الماضي، قال تقرير لمجلة الإيكونومست إن "الحكومة المصرية تمارس ابتزازا على رجال الأعمال والمستثمرين؛ للحصول على حصص في شركاتهم، كما حدث مع مؤسس شركة جهينة للألبان صفوان ثابت ونجله سيف". وذكرت المجلة أن الحكومة اعتقلت ثابت بعد رفضه الموافقة على التنازل عن حصة من الشركة لأحد الشركات التابعة للحكومة، كما اعتقلت ابنه سيف بعد رفض الموافقة على الصفقة. كانت الداخلية المصرية أعلنت في ديسمبر 2020 أنها "أحبطت مخططا لتمويل أنشطة إرهابية لجماعة الإخوان المسلمين يشارك فيه مؤسس شركة جهينة صفوان ثابت، وبعدها بأشهر قبضت على ابنه بنفس التهمة". لكن في سبتمبر 2021، قال فيليب لوثر، مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية إن "صفوان وسيف ثابت يتعرضان للعقاب لمجرد التجرؤ على رفض طلبات مسؤولين أمنيين مصريين بالتخلي عن أصول شركة جهينة، وقد أبديا شجاعة نادرة في مقاومة محاولة المسؤولين لابتزازهما". وأشارت المجلة بأنه بالرغم من مرور أكثر من عام على القبض على ثابت ونجله لم تنظر المحاكم قضيتهما حتى الآن. ولفتت إلى حالة أخرى وهي الضغوط التي تعرض لها رجل الأعمال رامي شعث، للموافقة على التنازل عن حصة في شركته للأجهزة الإلكترونية لتتبع استخدام الكهرباء والمياه والغاز لشركات المرافق الحكومية، لصالح شركة عسكرية. وذكرت الصحيفة أن الجيش يسيطر على الاقتصاد في مصر ويقيد فرص المنافسة أمام المستثمرين بسبب الإعفاءات الضريبة والجمركية التي يحصل عليها، وأشارت إلى أنه عندما دخلت شركة حكومية جديدة في عام 2019 لبيع اللحوم، وحظرت وزارة الزراعة المنافسين من القطاع الخاص. وفي العام الماضي، أطلقت الحكومة مصنع سايلو للصناعات الغذائية، الذي يُشرف عليه الجيش، واستخدم شعارات على منتجاته مشابهة لشعارات شركة جهينة. كان الملياردير المصري نجيب ساويرس، أكد في حوار مع وكالة فرانس برس في نوفمبر الماضي، أن الدولة يجب أن تكون جهة تنظيمية وليست مالكة للنشاط الاقتصادي، معتبرا أن المنافسة بين القطاعين الحكومي والخاص غير عادلة منذ البداية. وقال ساويرس (67 عاما)، الذي يعد أحد كبر أغنياء القارة الأفريقية وثاني أثرياء مصر بعد شقيقه، بثروة تقدر بأكثر من ثلاث مليارات دولار إن "الشركات المملوكة للحكومة أو التابعة للجيش لا تدفع ضرائب أو جمارك" مشيرا إلى أن المنافسة من البداية غير عادلة. حجم اقتصاد الجيش وقال السيسي في أحد المؤتمرات العامة عام 2016 إن "اقتصاد الجيش يمثل نحو 2 % من الاقتصاد الوطني، ونود أن يصل إلى 50 %". ولا يجري نشر أي أرقام رسمية بشأن الوضع المالي للجيش، ولكن ساويرس يرى أن الاقتصاد المصري تلقى دفعا مؤخرا بسبب الإنفاق الحكومي على البنية التحتية مثل الطرق الجديدة والعاصمة الجديدة وشركات القطاع الخاص هي التي تبني هذه المشاريع. في ديسمبر الماضي، قال السيسي إن "القطاع الخاص يشارك في الاقتصاد بشكل كبير، مشيرا إلى أن إحدى الشركات التي تعمل في مجال التشييد حصلت على استثمارات تقدر ب 75 مليار جنيه في 7 سنوات". على الرغم من نمو الناتج المحلي الإجمالي منذ عملية الإنقاذ في عام 2016، فإن الاقتصاد في حالة "سيئة" فقد فشلت مصر في بناء قاعدتها التصنيعية، كما اتسع عجز الحساب الجاري إلى 18.4 مليار دولار، وارتفع معدل الفقر، بحسب المجلة. منذ 2016 اقترضت مصر 20 مليار دولار حوالي 5٪ من ناتجها المحلي الإجمالي من صندوق النقد الدولي، مما يجعلها ثاني أكبر مستفيد للصندوق بعد الأرجنتين في تلك الفترة، كما أنها تتفاوض على قرض جديد بعد أن دفعت الحرب في أوكرانيا المستثمرين المتوترين إلى الفرار، مما تسبب في أزمة في العملة الصعبة.
تقرير رويترز وفي تقرير لوكالة رويترز في 2018، كشف أن الجيش تحول من غرف العمليات الحربية إلى مجالس إدارة الشركات، وأن نموذج على ذلك م. أسامة عبد المجيد والذي بعد 4 عقود قضاها في الخدمة العسكرية في حرب الخليج الأولى وشغل أيضا منصب مساعد الملحق العسكري في الولاياتالمتحدة، يصدر أوامره الآن من مكتبه المطل على النيل بصفته رئيسا لشركة المعادي للصناعات الهندسية التي تملكها وزارة الإنتاج الحربي. وأضاف أن شركة المعادي تأسست عام 1954 لتصنيع قاذف القنابل الآلي والمسدسات والبندقية الآلية، وفي السنوات الأخيرة بدأت الشركة التي يعمل بها 1400 فرد تتجه لإنتاج الصوب الزراعية والأجهزة الطبية ومعدات الكهرباء وأجهزة التمرينات الرياضية، ولدى الشركة خطط لافتتاح أربعة مصانع جديدة. وأضاف التقرير أن الجيش يملك 51 % من شركة تتولى تطوير العاصمة الإدارية الجديدة التي تقدر استثماراتها بنحو 45 مليار دولار وتقع على مسافة 75 كيلومترا شرقي القاهرة. وتبني شركة أخرى تابعة للقوات المسلحة أكبر مصنع للأسمنت في مصر، وتتباين أنشطة أخرى تابعة للجيش من مزارع سمكية إلى منتجعات سياحية. وفي مقابلات أجريت على مدار عام وصف رؤساء تسع شركات تابعة لوزارة الإنتاج الحربي مدى توسع أنشطة شركاتهم واستعرضوا خططهم للنمو مستقبلا. وتبين أرقام وزارة الإنتاج الحربي، إحدى الجهات الرئيسية الثلاث المنوط بها الإشراف على مشروعات القوات المسلحة، أن إيرادات شركاتها ترتفع ارتفاعا حادا، وتتيح أرقام الوزارة والمقابلات مع رؤساء الشركات فرصة نادرة للإطلاع على الطريقة التي يعمل بها الجيش على زيادة نفوذه الاقتصادي. ويقول بعض رجال الأعمال المصريين والمستثمرين الأجانب إنهم "يشعرون بالانزعاج لدخول الجيش في أنشطة مدنية ويشكون من امتيازات ضريبية وغيرها ممنوحة لشركات القوات المسلحة". في 2016 منح قانون جديد لضريبة القيمة المضافة صدر في إطار إصلاحات اقتصادية تنفذ بالتعاون مع صندوق النقد الدولي إعفاءات للقوات المسلحة وغيرها من المؤسسات الأمنية. ينص القانون على ألا تدفع القوات المسلحة ضريبة القيمة المضافة على السلع والمعدات والآلات والخدمات والمواد الخام اللازمة لأغراض التسلح والدفاع والأمن القومي. ولوزارة الدفاع الحق في تقرير أي السلع والخدمات التي يسري عليها القانون، ويشكو رجال أعمال مدنيون من أن هذا يجعل هذا النظام عرضة لإساءة الاستغلال، ففنادق القطاع الخاص على سبيل المثال تضيف ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14 % على فواتير خدماتها لكن خلال زيارة لفندق الماسة التابع للقوات المسلحة لم تتضمن فاتورة لمشروب الكابتشينو إشارة لتلك النسبة. وقال موظفون في فندق الماسة المملوك للقوات المسلحة في القاهرة لرويترز إن "الفندق لا يضيف ضريبة القيمة المضافة عند تأجير قاعاته لحفلات الزفاف أو المؤتمرات". تخضع المشروعات التجارية التابعة للقوات المسلحة لثلاث جهات رئيسية هي وزارة الإنتاج الحربي التي تشرف على 20 شركة ووزارة الدفاع التي تسيطر على العشرات والهيئة العربية للتصنيع المملوكة للحكومة المصرية والمسؤولة عن 12 شركة على الأقل. ونفى السيسي في افتتاح منشأة عسكرية لإنتاج الكلور لأغراض تنقية المياه ما تردد عن أن اقتصاد القوات المسلحة يمثل 20 أو حتى 50 % من الاقتصاد. وقال "ياريت القوات المسلحة كانت تمتلك 50 % من اقتصاد مصر". وقدر أحد أساتذة العلوم السياسية البارزين، طلب عدم نشر اسمه، الرقم بحوالي ثلاثة % من الناتج المحلي الإجمالي، وقدر البنك الدولي الناتج المحلي الإجمالي لمصر بواقع 336 مليار دولار في 2016. وقال مراقبون "السيسي يخفي هيمنة الجيش على الاقتصاد والفضيحة يعرفها الجميع".