تحت عنوان "كيف قامت القاهرة بقمع أحد رجال الأعمال البارزين في مصر"، قالت صحيفة فايننشال تايمز إن "السفاح عبد الفتاح السيسي، عمل على تدمير أهم شركة أغذية في مصر، جهينة للصناعات الغذائية عبر اعتقال رئيسها، صفوان ثابت، ونجله سيف الدين صفوان، بزعم انتمائهما لجماعة الإخوان المسلمين". تحدثت الصحيفة عن "ضغوط قام بها الجيش وأجهزة المخابرات على عائلة صفوان ثابت وابتزازهم بأنهم من الإخوان؛ كي يتنازلوا عن الشركة أو أجزاء منها لعصابة السيسي وحين رفضوا، اعتقلتهم وسعت لتدمير أعرق شركة ألبان في مصر". وقال صديقان للعائلة للصحيفة إن "سيف تعرض قبل 48 ساعة من اعتقاله لضغوط من عملاء المخابرات الذين هددوه بمواجهة مصير والده، ما لم يوقّع على تنازل عن أصول الشركة كلها، ورد سيف، بأنه ليس في وضع للتوقيع نيابة عن والده أو بقية المستثمرين، وبعد 48 ساعة اُقتِيد معصوب العينين إلى السجن". وأن "المفاوضات تجري بين الأب وابنه وأجهزة المخابرات، داخل السجون لإجبارهم على التنازل عنها لعصابة السيسي والمخابرات والجيش مقابل الإفراج عنهما". ونقلت الصحيفة عن أصدقاء وأفراد عائلة ثابت أن "الأب والابن هما ضحية لقمع استهدف في البداية أعضاء وأنصار جماعة الإخوان التي حكمت البلاد لنحو عام (2013)، لكن القمع توسع ليشمل كل أنواع النقد والمعارضة". ووفق الصحيفة، فإن "مصير شركة جهينة للصناعات الغذائية اليوم، يحيطها الغموض وعدم الوضوح بعد سجن مديرها ومؤسسها "صفوان ثابت" البالغ من العمر 75 عاما في سجن طرة سيء السمعة، حيث اعتُقل في ديسمبر 2020 واتُهم بتمويل والانتماء لجماعة إرهابية، ثم اعتقال نجله "سيف" الذي كان يدير الشركة بعد والده، وذلك في فبراير 2021". وقال صديق للعائلة "من الناحية النظرية، فقد تنجو الشركة لكن لو قررت الحكومة وقف عمل هذه الشركة فلديها كل الوسائل لعمل هذا"، وأضاف "السلطة تريد نوعا من التسوية يتضمن الاستيلاء على الشركة إلا أن طبيعة الصفقة تعود للرجلين خلف القضبان". انسوا الاستثمار في مصر ونقلت فايننشال تايمز عن "فرانسوا كونرادي"، كبير الاقتصاديين السياسيين في NKC African Economics، وهي شركة أبحاث تابعة ل "إكسفورد للاقتصاد" أن ما يفعله السيسي يُلقي بظلال من الشك على الاستثمار في مصر، ويدفع المستثمرين للخشية من الاستثمار ويهدم البورصة". وخسر السوق المالي المصري الذي لم يكن أداؤه جيدا مقابل الأسواق الصاعدة الأخرى نسبة 30% في نفس الفترة، وقام بعض المستثمرين الأجانب ببيع حصصهم. ووفق الصحيفة، فإن "قيمة جهينة في السوق وصلت إلى 13 مليار جنيه مصري (828 مليون دولار) عام 2019، وقد تراجعت إلى 330 مليون دولار، أي انخفاض بنسبة 60% بعد محاصرة زبانية السيسي لها". والشركة مملوكة بنسبة 51 في المائة لعائلة ثابت، والباقي أسهم للمستثمرين ويقلق موظفو جهينة البالغ عددهم 4000 موظف بشأن المستقبل". وبعد اعتقاله أوقفت الشرطة شاحنات جهينة، وسحبت تراخيصها وهددت سائقيها قائلة لهم "لو قدتم سيارات جهينة فسيتم سجنكم" ومنعت تجديد تراخيص الشركة. يوم 5 إبريل 2021، فوجئ العاملون بشركة جهينة لمنتجات الألبان والعصائر بالمنطقة الصناعية بمدينة 6 أكتوبر بالجيزة، بحملة ضخمة تقودها شرطة المرور تتمركز قرب منافذ التوزيع. بدأت الحملة قبل شهر رمضان بثمانية أيام، وهو موسم التوزيع المكثف لمنتجات الشركة، وتوقيفها كل عربات ومبردات الشركة صباحا ومساء كان أمرا مُستغربا. جهينة قالت إن "كمائن الشرطة سحبت رخص 132 سيارة نقل وتوزيع للشركة بحجج واهية (أمن ومتانة) التي لا تطبق على غالبية السيارات التي تسير في شوارع مصر، ما زاد من علامات الاستفهام". استغربت قيام إدارة المرور ومباحث مرور الجيزة بالتمركز بشكل شبه مستمر عند مصانع الشركة وأرصفة تحميل المنتجات بالمصانع والفروع، وسحب رخص سيارات نقل منتجات الألبان، بحسب بيان منها لوكالة رويترز 3 مايو/ أيار 2021. وأكدت أن "وحدة تراخيص 6 أكتوبر امتنعت أيضا عن تجديد رخص 65 سيارة، ورفضت ترخيص ثماني سيارات جديدة موديل 2021 بدون سبب واضح أو معلوم". حاولت الشركة دفع مخالفات سحب الرخص كي تلحق منتجاتها من الألبان بالسوق الرمضاني، فرفضت الشرطة، ما يشير لأن الأمر ليس حملة مرورية؛ ولكنها أمنية سياسية عقابية". تقدمت الشركة بشكاوى رسمية ضد هذه الإجراءات المرورية ووصفتها بأنها غير مفهومة وغير مبررة، وتُسبب لها خسائر، دون جدوى ووسط تعتيم إعلامي. قدمت الشركة شكاوى إلى وزارتي التجارة والصناعة، والتموين، وغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، وإلى المحامي العام لنيابات منطقة 6 أكتوبر، ولم يتحرك أحد، أو ترد وزارة الداخلية لتبرر ما تفعله. وخرجت مسؤولة كبيرة بالشركة (رئيسة قطاع العلاقات الخارجية) للشكوى العلنية لقناة CNBC Arabia الاقتصادية مما جرى، كان مؤشرا على عجزهم الوصول لحلول مع السلطات المصرية، وأن هناك أمورا أخطر يجري تدبيرها. https://twitter.com/CNBCArabia/status/1389492226124877827 وبدأت مشاكل "صفوان ثابت" في 2015 عندما جُمدت حساباته الشخصية؛ لارتباطاته المزعومة بالإخوان المسلمين، لكنه ظل رئيسا لشركة "جهينة"، وكان قد توصل قبل 3 أشهر لشراكة مع شركة الأغذية الإسكندنافية "أرلا" التي تعتبر أكبر منتج للألبان. وتمتع صفوان ثابت بسمعة طيبة كواحد من أنجح رجال الأعمال في مصر، حيث قام بتأسيس شركته العائلية الصغيرة، لتصبح منتج الألبان البارز في البلاد على الرغم من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية التي هزت الدولة على مدى العقد الماضي. لكن الآن تُخيّم سحابة ضخمة من عدم اليقين على جهينة للصناعات الغذائية حيث يقبع الرجل البالغ من العمر 75 عاما والذي أسس المجموعة وترأسها في سجن طرة سيئ السمعة في القاهرة بعد اعتقاله في ديسمبر 2020؛ بسبب اتهامات بالتمويل والانتماء إلى منظمة إرهابية. ثم تم اعتقال ابنه بعدما رفض بدوره التنازل عن الشركة وأصولها للمخابرات وعصابة السيسي. وقالت "يستخدم نظام السفاح عبد الفتاح السيسي تهمة الإرهاب لاستهداف النشطاء والأكاديميين والصحفيين ورجال الأعمال منذ الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين في انقلاب عام 2013". وقام بتوسيع نطاق وجود الجيش في جميع أنحاء الاقتصاد، مما أدى إلى إرهاب القطاع الخاص حيث تجد الشركات نفسها مضطرة إلى مواجهة أقوى مؤسسة في الدولة. على الرغم من تجميد الأصول قبل أكثر من خمس سنوات، لا يزال اعتقال صفوان يصدم المقربين منه ويقولون "ليس من المنطقي أن يكون لدى الحكومة والاستخبارات شخصا يُزعم أنه يقود ويموّل جماعة إرهابية، وأنت تتركه على مدى السنوات الست الماضية للقيام بأعمال تجارية، ومقابلة السيسي، ومقابلة مسؤولين رفيعي المستوى ثم تعتقله وتتهمه بالإرهاب وتصادر أمواله". قال مدير صندوق دولي إن "مصر كانت سوقا تتمتع بفرص نمو كبيرة وشركات تدار جيدا بشكل استثنائي، لكنهم أضافوا أنها كانت إحدى القضايا التي زادت فيها مخاوف الحوكمة بشكل جوهري في السنوات الأخيرة وحيث أدى تضاؤل السيولة في البورصة إلى جعل الاستثمار محفوفا بالمخاطر المادية". وأضاف "في نهاية المطاف، لا يريد هؤلاء أي نظام السفاح السيسي التخلي عن السيطرة، لذا فهم غير مرتاحين لتهيئة الظروف التي يمكن للقطاع الخاص أن يزدهر فيها". يريدون الاستيلاء على "أصولها" وسبق لموقع "مدى مصر" أن نقل عن "مصدر سياسي" 29 إبريل 2021، أنه "قبل اعتقال صفوان ثابت بأسابيع، قام أحد كبار الشخصيات بواحد من المشاريع المستحدثة للدولة لإنتاج الألبان التابعة للجيش، بزيارات متعددة لمصانع «جهينة» اطلع خلالها على كيفية إدارته وتحديث المعدات وأنظمة التشغيل". وأنه "تم مفاتحة صفوان ثابت، بعد هذه الزيارات بضرورة التفكير في إدماج جزء من مصانع جهينة مع مصنع ألبان الجيش القادم، لكنه تجاهل الطلب". وتزامنت الزيارات لمصانع جهينة ومطالبة رئيس الشركة بإدماج جزء من مصانعه مع شركة الجيش، مع تكرار السيسي توجيهاته المستمرة منذ منتصف مايو 2020 وحتى بداية سبتمبر2020 بإنشاء منظومة متكاملة لمراكز تجميع الألبان. السيسي اجتمع مع رئيس الوزراء ووزير الزراعة ومدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، اللواء مصطفى أمين، أول ديسمبر/ كانون أول 2020 وطالبهم بمنظومة تضم 200 مركز متطور لتجميع الألبان على مستوى مصر. وفي اليوم التالي لاجتماع السيسي مع اللواء مصطفى أمين، أول ديسمبر2020 وطالبهم بمنظومة تضم 200 مركز متطور لتجميع الألبان على مستوى مصر جري اعتقال رئيس شركة جهينة، ما يطرح تساؤلات حول وجود رابط بين بيزنس ألبان السلطة والجيش، وعرقلة نشاط أكبر شركة للألبان في مصر (جهينة). وقالت مدى مصر إن "الأمر لم يكن صدفة، فقد كان هناك ما يُدبر لصفوان ثابت من قبل؛ لأنه رفض مقترحا تقدم به إليه وزير التموين لشراء شركتي قها وأدفينا المملوكتين للدولة، وتعانيان من عثرات اقتصادية كبيرة"، بحسب مصدر يعمل في الصناعات الغذائية الحكومية ل "مدى مصر". ونقلت عن المصدر قوله إن «عدم إقبال صفوان ثابت على الفكرة لم يكن فقط نابعا من عدم اهتمامه بالمشروع» ولكن أيضا بسبب «المقابل المالي الكبير والمُبالغ فيه الذي كان سيكون على الشركة (جهينة) تقديمه مقابل شراء شركتي الحكومة". بعد رفض "ثابت" طلب السلطة شراء قها وأدفينا، ثم اعتقاله، بأربعة أشهر، عاد وزير التموين على المصيلحي، ليطالب رجال الأعمال 4 إبريل/ نيسان 2021 بشراء أسهم شركتي قها وأدفينا قائلا "من فضلكم تعالوا شاركونا". وبعد القبض على صفوان ثابت، أصبح المطلوب منه هو التنازل عن أصول شركة فرعون للاستثمارات المحدودة التي تمتلكها الأسرة، وتجاوز الوضع دفع مبلغ من المال، فالأصول هي المطلوبة وليست الأموال. ودفع "ثابت" 50 مليون جنيه لصندوق "تحيا مصر" عقب لقاء إفطار في رمضان دعا له السيسي، عددا من رجال الأعمال بينهم "ثابت" يوم 11 يوليه 2014، وجمع فيه 5 مليارات جنيه، ومع هذا استمرت محاولات ابتزازه. وقالت مصادر خاصة لصحيفة "العربي الجديد" 15 فبراير/ شباط 2021 أن "المفاوضات مع ثابت بدأت بمطالبة أجهزة استخباراتية له بدفع مبلغ محدد، هو 150 مليون جنيه". وأن المبلغ كان سيتم دفعه كإتاوة؛ لأنه لصالح إحدى الجهات الأمنية، وبشكل غير رسمي، وهو ما رفضه صفوان ثابت وعرض 50 مليون فقط. ثم انتقلت المفاوضات لمرحلة أصعب حين قرر مسؤول رفيع في الدولة إلغاء العرض، والتقدم بتصور جديد يقضي بالتنازل عن ملكية 40% من مجموعة جهينة بصيغة البيع لإحدى الشركات المدنية المملوكة لهذا الجهاز السيادي. رفض ثابت هذا العرض ورفض عرضا أخر بتخفيض النسبة المُتنازل عنها من 40 إلى 20% من جهينة التي تقدر قيمتها بنحو 3 مليارات جنيه فصدرت تعليمات باعتقاله. https://www.ft.com/content/40d3c573-54df-43fe-b9f7-19be04a3e1f4