على مدار أكثر من 60 عاما عاشت شركات قطاع الأعمال ، حالة من الفشل غير المسبوق، بسبب السياسات الاقتصادية الفاشلة التي اتبعها العسكر فى أدارة هذا الملف ، والذي يعد القلعة الرئيسية للاقتصاد المصري، والعصب الرئيسي لموارد الدولة ، وخلال الخمس أعوام الماضية يتعرض هذا القطاع لخسائر كارثية ، آدت لإهدار المليارات ، بخلاف النهب المستمر من خلال التفريط فى شركاته بالبيع بأسعار لا تساوى قيمتها الحقيقية اعترافات بالفشل فى محافل عدة وأخرها أثناء افتتاح بعض المشروعات الوهمية خلال الأسبوع الماضي ، أكد عبد الفتاح السيسي ، إن الدولة فكرت منذ سنوات طويلة في خصخصة شركات قطاع الأعمال وشركات القطاع العام في وقت ما، واصفا هذا الامر ب(جيد جدا)، مشيرا إلى أن تطوير شركات قطاع الأعمال يحتاج 100 مليار جنيه ، والدولة لن تستطيع تحمل مسئوليتها فى تطوير هذا القطاع، وليس متوفرا لديها هذه المبالغ ، وان الحل الأمثل هو البيع. ومن الخطوات الغريبة التي يريد السيسي تطبيقها ، طرح معظم شركات القطاع العام فى البورصة للبيع ، أو مساهمة صندوق مصر السيادي من خلال شراكة مع القطاع الخاص بحلول لا تخضع لأي رقابة قانونية ، حيث أعطى قانون الصندوق السيادي الحق للسيسي في نقل ملكية الأصول غير المستغلة المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لأي من الجهات أو الشركات التابعة لها إلى الصندوق أو أي من الصناديق التي يؤسسها والمملوكة له بالكامل، وبذلك يكون السيسي المتصرف الأوحد فى مصير هذه الشركات . واكدت تصريحات هشام توفيق وزير قطاع الأعمال فى حكومة الانقلاب فى احد القنوات الفضائية أمس فشل إدارة العسكر لملف شركات قطاع الأعمال مشيرا الى إن هناك 48 شركة تابعة لوزارته تحقق خسائر تبلغ 6.7 مليار جنيه، و26 شركة فقط من بين تلك الشركات مسئولة عن 90 في المائة من الخسائر. واعترف أن الشركة القومية للأسمنت، مرشحة للإغلاق، وهذه الخطوة ستفتح المجال أمام مشروع أسمنت جديد تابع للقوات المسلحة ،وتحدث توفيق عن شركات الغزل والنسيج، قائلا إن تسعا من تلك الشركات سجلت خسائر بلغت 2.7 مليار جنيه. واعترف توفيق أن مستوى الدين بتلك الشركات لبعض جهات الدولة بلغ مستويات مقلقة وغير مسبوقة، وبلغت على سبيل المثال في قطاع الغاز والكهرباء 15 مليار جنيه. وبالنسبة لقطاع الغزل والنسيج، قال إن من المقرر بيع 14 محلج قطن ، لافتا الى أن ال 48 شركة العامة الخاسرة تحول صافي حقوق المساهمين فيها إلى سالب 38 مليار جنيه، والدولة قررت ألا تبقي إلا على الشركات التي ليس لديها جدوى مالية واقتصادية مع دعمها بالكامل في خطة هيكلتها وتطويرها. خسائر بالمليارات وكشفت الموازنات التقديرية لشركات قطاع الأعمال القابضة والتابعة، حسب إحصائيات وزارة قطاع الأعمال ، أن إجمالي الخسائر وصلت 9.1 مليار جنية العام الماضي ل68 شركة وأن إجمالي الأصول للشركات 131 مليار جنيه ، وأن إجمالي الديون المستحقة عليها 6 مليار جنية ، بخلاف مديونية بنك الاستثمار القومي. يذكر ان أثار الفشل فى إدارة هذا الملف لم تقف عند الخسائر المالية ولكنها ألحثت أشد الضرر بالعاملين بهذه الشركات وأكدت الإحصائيات الرسمية للوزارة * أن عدد العاملين بهذه الشركات أنخفض من 311 ألف عامل عام 2010 ، ألى 236 ألف عامل . *مجمل ما يتقاضونه 13 مليار جنيه سنويا . * يعملون فى 8 شركات قابضة يندرج تحتها 125 شركة منها 9 شركات للسياحة و11 للأدوية والمستلزمات الطبية و19 شركة للصناعات الكيمائية و14 لصناعات المعدنية و32 لشركات الغزل والنسيج شركات رابحة ومن أجل التخلص من تركة الخسائر التى حققها العسكر بفشل مخططاتهم الاقتصادية ، أعلنت الحكومة مؤخرا تفاصيل المرحلة الأولى من برنامج أطروحات الشركات الحكومية التي تعتزم القيام بها خلال الفترة المقبلة، كانت الجريدة الرسمية قد نشرت قرار رئيس وزراء السيسي رقم 2336 لسنة 2017 بالموافقة على بيع شركات القطاع العام المملوكة للدولة سواء كان البيع جزئيًا أو كليًا. ونصت المادة الأولى من القرار “طرح أسهم الشركات المملوكة للدولة جزئيًا أو كليًا في الأسواق”، ما يعني إمكانية بيع شركات بأكملها، وهو ما يتناقض مع تصريحات سابقة لوزير مالية السيسي أشار فيها إلى أن البيع لا يتجاوز 20% من إجمالي أسهم الشركات. وقال نستهدف طرح الشركات التالية للبيع بالرغم من تحقيق معظمها ارباح مقبولة ، بحسب وصف وزارة قطاع الاعمال ومنها ما يلى طرح حصص بين 15 و30% من 23 شركة مملوكة أو تساهم فيها الحكومة. *ووفقاً لوزارة المالية القيمة الإجمالية للأسهم المطروحة تصل إلى 80 مليار جنيه، وتصل القيمة السوقية للشركات إلى 430 مليار جنيه. * طرح حصص في 5 شركات من قطاع البترول والتكرير، و6 شركات من قطاع البتروكيماويات، وحصص من 3 شركات لتداول الحاويات، وحصص من شركات في قطاع الخدمات المالية والبنوك، هي بنوك، الإسكندرية، والقاهرة، والتعمير والإسكان، وشركة مصر للتأمين، وشركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية “إي فاينانس”. * فى قطاع التطوير العقاري طرح حصص في شركتي مصر الجديدة للإسكان والتعمير، ومدينة نصر للإسكان والتعمير، كما سيتم طرح حصص في شركتي الشرقية للدخان “إيسترن كومباني”، وشركة مصر للألومنيوم. والسبب في بيع هذه الشركات ، ما اشترطه صندوق النقد الدولي على الحكومة المصرية ببيع شركات القطاع العام أو بعض أسهمها، كأحد شروط الصندوق للموافقة على منح السيسي القرض البالغ قيمته 12 مليار دولار، ضمن مجموعة من الشروط الأخرى مثل رفع الدعم عن المنتجات البترولية بهدف تقليص عجز الموازنة. ومن المضحكات المبكيات فى هذا الملف أن هناك شركات ستخصخص رغم أرباحها الكبيرة ومنها:* شركة الشرقية للدخان (إيسترن كومباني) – إحدى الشركات المطروحة ضمن البرنامج- بنسبة 161% خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، حيث بلغت أرباحها مليارين و300 مليون جنيه، مقابل 890 مليون جنيه خلال الفترة المقارنة من العام الماضي، وتحتكر الشركة صناعة وتجارة الأدخنة ومنتجاتها ومستلزماتها. * بنك الإسكندرية الذي أكد في بيان له في إنه حقق زيادة بصافي الربح خلال عام 2017 بنسبة 83.8% مقارنة بعام 2016، ليصل إلى ملياربن و783 مليون جنيه، وأضاف البنك أن صافي الربح قبل الضرائب ارتفع خلال العام الماضي بنسبة 96.1% مقارنة بعام 2016، ليصل إلى 3 مليارات جنيه و665 مليون جنيه. * شركة الإسكندرية للزيوت المعدنية (أموك). التىي حققت خلال العام المالي 2016/2017 صافي ربح بعد خصم ضريبة الدخل بلغ حوالي مليار و100ألف جنيه بزيادة نسبتها 153% عن العام السابق. خصخصة العسكر يذكر أن خصخصة القطاع العام بدأت عام 1991 في عهد المخلوع حسني مبارك خلال حكومة عاطف صدقي، ووصل عدد شركات القطاع العام التي بيع بعضها أو بالكامل خلال الفترة من عام 1991 وحتى عام 2009 قرابة 407 شركات، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للمحاسبات. وبلغت حصيلة البيع نحو 50 مليار جنيه، لم يدخل الخزانة العامة للدولة منها سوى 18 مليار جنيه فقط، وجهت لسداد عجز الموازنة، فيما وصلت بعض التقديرات الرسمية بقيمة الأصول والشركات التي تم بيعها إلى نحو 500 مليار جنيه. ومن امثلة الشركات التى تم التفريط فيها مسبقا شركات كانت تنتج سلعاً استراتيجية مما أضر بالمصلحة العامة مثل الحديد الذي استحوذ عليه أحمد عز وقام باحتكاره وفرض أسعاراً خرافية رفعت أسعار العقارات وخلقت مشكلة خطيرة. كذلك شركات الأدوية والأغذية!! إمبراطورية الجيش منذ بزوغ شمس يوليو 1952، تعاقب على مصر رؤساء عسكريون بدءاً بعبد الناصر وانتهاء بالسيسي، كلهم حاولوا السيطرة على الاقتصاد المصري ، خاصة بعد اتفاقية كامب ديفيد ، حيث اتجه الجيش ككتلة إدارية من العمل العسكري للسيطرة على ملفات الاقتصاد الداخلي وريادة الأعمال، بحيث بات يسيطر بموجب القانون على أكثر من 80% من أراضي الدولة، كما أن القوات المسلحة تملك حق الانتفاع المتعدد بالمجندين إجبارياً، عبر توزيعهم على مشاريع الجيش الاقتصادية، لا العسكرية فقط ، وشمل نشاطهم جميع أنواع المنتجات والخدمات”. وأصبح العسكر “يهيمنون على نسبة تتراوح بين ال50-60% من الاقتصاد ، ويستحوذون على 90% من أراضي مصر،وذلك بحسب تقرير لرويتر في 16 مايو2018 ، و أكد التقرير أن وزارة الإنتاج الحربي تتوقع أن تصل إيرادات التشغيل من شركاتها العشرين إلى 15 مليار جنيه في السنة 2018-2019 أي خمسة أمثال ما كانت عليه في 2013-2014 وفقا لرسم بياني أعدته الوزارة. كما أكد التقرير أن الجيش يملك 51 % من شركة تتولى تطوير العاصمة الإدارية الجديدة التي تقدر استثماراتها بنحو 45 مليار دولار فينافسون بذلك أصحاب المشاريع الأخرى الخاصة المدنية ، وعلى رأسها شركات قطاع الأعمال. مشروعات ضخمة واستطاع الجيش ان يسيطر ويؤسس مشروعات اقتصادية ضخمة، فى مختلف المجالات الاقتصادية ، تضاءلت أمامها شركات قطاع الأعمال، وبسببها غرقت فى الديون ومنها: -*جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، والذي يتبعه عدد كبير من الشركات “21 شركة” تغطي مجموعة واسعة من القطاعات من البناء والنظافة إلى الزراعة والمنتجات الغذائية. ومما يجعل فرص المنافسة بين القطاع الاقتصادي للجيش وقطاع الأعمال ، شبه معدومة المميزات الخاصة التي منحت للمؤسسات الاقتصادية للجيش ومنها : *تحصل كل مصانع الجيش وشركاته على إعفاء كامل من الضرائب والجمارك، بما يتضمن إعفاء منشآت الجيش الاقتصادية من الضرائب العقارية المفروضة على سائر المنشآت؛ الأمر الذي يسمح لها بتقديم المنتجات والخدمات بأسعار أقل من نظيرتها. *تقنين الحصول على المشروعات بموجب قرارات سيادية كما حدث في نوفمبر 2013، أصدر المؤقت، عدلي منصور، قراراً يسمح للحكومة “بالتخلي عن المناقصات وإسناد المشروعات لأي شركة في الحالات العاجلة”، تبعه قرار آخر في 23 أبريل 2014، يحظر بموجبه الطعن من طرف ثالث على العقود التي تبرمها الحكومة مع أي طرف، مصرياً كان أو أجنبياً، وسواء كانت تلك العقود متعلقة بالخصخصة أو ببيع أراضي الدولة أو بأعمال مقاولات أو غير ذلك.. واعتبر محللون أن هذه القرارات محاولة لإضفاء الشرعية على عقود الإسناد المباشر التي تمنحها الحكومة، والتي يعد المستفيد الأكبر منها هو شركات جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة. *بوصفها مالكاً لأراضي الدولة، تحصل القوات المسلحة على الأراضي اللازمة لإنشاء مشروعاتها الاقتصادية، دون سداد تكلفة هذه الأراضي في الخزانة العامة للدولة. كما تستطيع توفير التأمين الجيد لمشروعاتها بالمقارنة بأية جهة أخرى؛ بما يعني أن لها قدرة أكبر على جذب الشركاء الأجانب. خلال حكم السيسي، حصل الجيش رسمياً على حق استغلال الطرق في عموم البلاد مدة 99 عاماً، كما بدأت سياراته تنتشر في الشوارع لبيع المواد الغذائية، ومؤخراً دخل الجيش على خط المنافسة في بيع مكيفات الهواء وتوريد الدواء للجامعات. وكل هذه الإجراءات جعلت قطاع الأعمال لا يستطيع المنافسة فى كافة المجالات ، وكان لابد من تحقيق خسائر كبيرة ، كنتيجة طبيعية للسياسات الاحتكار الاقتصادي المتبعة .