لم يعش المصريون مثل تلك الحالة من الفقر والغلاء الفاحش، مثلما عاشوها خلال العشرية السوداء التي صاحبت حكم العسكر الذين انقلبوا على الديمقراطية واتجهوا إلى سرقة حاضر ومستقبل الوطن، الذي تحول إلى سلعة تباع وتشترى ويقايض بها من أجل مصالح شخصية، فقد قدم السيسي وعساكره جزيرتي تيران وصنافير للسعودية من أجل "الرز الخليجي" الذي استمر لسنوات وتم قطعه، بعدما حققت السعودية أهدافها، وكذلك مياه النيل التي تم التنازل عنها من أجل أن يعترف الاتحاد الأفريقي بشرعية السيسي الذي جاء بانقلاب عسكري، كما خسرت مصر من مياهها الإقليمية وما فيها من خيرات مقدار مساحة دلتا مصر لليونان وقبرص نكاية في تركيا التي كانت رافضة للانقلاب العسكري، وتنازلت مصر عن حقلي غاز لصالح إسرئيل في المتوسط ، بخيانة السيسي من أجل تسهيل الاعتراف به دوليا، وإسكات الغرب عن نقده، وتوالت الخيانات والفساد والإفساد طوال تلك السنوات العشر. وتتعاظم المخاطر والتهديدات التي تحيط بمصر من كل جانب، لدرجة دفعت رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، ليصف الوضع في مصر بأنه خطير جدا ولا يحتمل الانتظار. وعلى كافة الأصعدة، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، فقد تبددت أوهام السيسي ووعوده الكاذبة، بأن مصر "قد الدنيا وبكرا تشوفوا مصر" وغيرها من الأكاذيب التي بددتها الانهيارات المتواصلة اقتصاديا وسياسيا وجغرافيا. فقد تقزمت مصر بصورة كبيرة على المستوى الجغرافي، إذ تنازلت مصر عن سيادتها في تيران وصنافير والبحر لمتوسط وفي الجزر المصرية بالبحر المتوسط وكريت لصالح اليونان، وكذلك في مياه النيل وتحولت مصر لمجرد متسول فاشل، لا هم له سوى الاقتراض والاستدانة المتواصلة فقط. وفي هذا السياق ارتفع الدين الخارجي المصري إلى 165.361 مليار دولار، بنهاية الربع الأول من العام الحالي، بزيادة قدرها 1.5%، مقارنة بالربع الأخير من عام 2022، عندما سجّل ب162.928 مليار دولار، وفقا لبيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية. وبحسب البيانات المستندة لإحصاءات البنك المركزي المصري، فإن الدين الخارجي المصري قد زاد بقيمة 7.56 مليار دولار على أساس سنوي، مقارنة بنهاية الربع الأول من عام 2022، حين سجلت قيمة الدين الخارجي 157.801 مليار دولار. وأظهرت البيانات المتعلقة بالوضع الخارجي للاقتصاد المصري أن القاهرة حصلت على وديعة بقيمة مليار دولار إضافية من قطر، وأخرى بقيمة 700 مليون دولار من ليبيا، بحلول نهاية العام الماضي. وكانت مصر قد توصلت في الربع الأخير من 2022، إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قروض تصل قيمتها إلى 4 مليارات دولار، على مدار 46 شهرا، وقد صرفت الدفعة الأولى منها، وهي تبلغ 347 مليون دولار. وبحسب خبراء اقتصاديين فإن ارتفاع الدين الخارجي يرجع إلى إنفاق السيسي على مشاريع غير ذات جدوى اقتصادية، سوى "الشو الإعلامي" والترويج لنظام السيسي. وأشار الخبراء إلى أن مسؤولين محسوبين على نظام السيسي أرجعوا أزمة الدولار إلى تلك المشاريع "الفنكوش"، فقد ذكر، على سبيل المثال، هشام رامز محافظ البنك السابق، أن أزمة الدولار في مصر تعود إلى إنشاء التفريعة الجديدة لقناة السويس. كما أشار الخبراء إلى أن مشروع توسعة القناة، تبعه مشاريع أخرى، مثل إنشاء العاصمة الجديدة التي أرهقت ميزانية الدولة، والتوسع في إنشاء الكباري والقصور الرئاسية إلخ، مما أدى إلى أزمة اقتصادية خانقة. ومع عدم قدرة السيسي على سداد الديون بد النظام الفاشل في سداد الديون بديون جديدة، سواء محلية او خارجية، ويقدر خبراء حجم الديون الكلية على مصر بأكثر من 440 مليار دولار، وقدرت دوائر الاقتصاد الرسمية مدة سداد الديون الحالية حتى 54 عاما قادمة، ما يعني شل قدرات مصر الاقتصادية والاجتماعية والتعليمة والصحية ورهنها جميعا لسداد الديون.