مع قفزات سعرية غير مسبوقة تاريخيا تخطى سعر الجنيه الذهب في الأسواق 21 ألف جنيه مقتربا من 22 ألف جنيه، محققا ما بين 1000 إلى 2000 جنيه في أقل من 24 ساعة، كما قفز بالتوزاي سعر جرام الذهب عيار 21 ووصل إلى 2630 ومنه إلى 2700 وقالت تقارير، فقط اليوم الخميس تخطى بزيادة 200 جنيه. وتوقعت مؤسسات وكيانات مالية عالمية سماح البنك المركزي المركزي بخفض جديد للجنيه مقابل سعر الدولار إلى 35 جنيها. وبحسب "رويترز" فإن ذلك سيكون مع ديسمبر 2024، وأنه في ديسمبر العام الجاري ينخفض إلى نحو 34 جنيها للدولار. وفي البنوك سجل اليورو 34.19 أمام الجنيه، في نهاية تعاملات البنك المركزي، كما يتداول رسميا الذهب والعقود الآجلة بمستوى 44 جنيها للدولار. أما في السوق الموازية يصل سعر الدولار إلى ما بين 35 و37 وتحدث تجار عملة بحسب مراقبين عن 60 جنيها للدولار في بعض الصفقات، أما اليورو فوصل سعره أمام الجنيه إلى ما بين 36 و38 لليورو. وعليه أقدمت 3 شركات سيارات إلى إغلاق 11 معرضا مركزيا في محافظات عدة، لتقليل التكاليف ومصاريف التشغيل بمواجهة الركود الحاد في السوق، بحسب صحيفة المال. واعتبر بنك (جولدمان ساكس) أن الموزانة بين تكاليف خفض الجنيه والانتقال إلى سعر صرف مرن يصعب مهمة اللسطات في مصر. وقالت وكالة (موديز) للتصنيف الائتنماني: إن "توفير مصر للعملات الأجنبية من بيع الأصول يسير بشكل أبطأ من المتوقع، وانخفاض الجنيه سيؤدي إلى ضغوط تضخمية أكثر حدة"، في إشارة إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق. وقالت بلومبرج: إن "مصر تمر بأسوأ أزمة في احتياطيات العملة الأجنبية منذ سنوات، وأسواق الدين في مصر تشهد حالة قلق لم يسبق لها مثيل، وصبر السوق عليها يوشك على النفاذ، بفعل التخوف من عدم قدرة مصر على السداد. وأضافت بلومبرج أن "تكلفة التأمين ضد التخلف عن سداد الديون السيادية المصرية للأشهر 12 المقبلة ارتفع إلى مستويات قياسية بعد تعاظم الشكوك حول قدرة مصر على سداد ديونها، وصندوق النقد أرجأ مراجعته بسبب بطء الإصلاحات، ومليارات الوعود الخليجية تبخرت".
الوصع يزداد سوءا وكان البروفيسور روبرت سبرينجبورج اعتبر في 24 يناير الماضي أن أزمة هبوط الجنيه أمام الدولار دليل على فشل الحكومة المصرية اقتصاديا، وخلال فترة قصيرة سيهبط الجنيه إلى 35 للدولار، مؤكدا أن الوضع يزداد سوءا، ولا يوجد ما يشير إلى تحسنه. وأرجع السبب في مواصلة الاقتصاد المصري الانحطاط إلى غياب سياسة اقتصادية مترابطة تعطي مؤشرات واضحة على ما ينبغي فعله ومتى وكيف؟. ورأى سبرنجبورج في تصريحات متلفزة أن بيع الأصول المصرية لدول الخليج هو بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير؛ لأنه يُهدر رأس المال، ويُفضي إلى نتائج عكسية تضر بالتنمية.
وكما قالت بلومبرج، وأشارالبروفيسور الأمريكي إلى رعب المستثمرين من أخطار شراء الدين السيادي المصري، وهنا تتجلى سلبية الاعتماد على الأموال الساخنة قصيرة المدى للحفاظ على الاقتصاد.
وأشار إلى أن "الجيش المصري صار خطرا يُهدد رخاء البلد والقيادة نفسها، فقد غدا قويا بشكل هائل اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، ولا يوجد مجال إلا والجيش الفاعل الأبرز فيه" موضحا أن "كل العوامل الحالية تجعل المواطن المصري يشعر بالإقصاء، والمجتمع الدولي تزداد خيبته تجاه حكومة السيسي؛ بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان وأدائها الاقتصادي وهيمنة الجيش".
وأبان أن سوء إدارة الاقتصاد المصري أصبح مؤسساتيا، وقيادته غدت في الأيدي الخطأ، وليسوا متخصصين، ويأتمرون بأمر الجيش والسيسي، ولا توجد لديهم أدنى فكرة عن الموضوع". تقرير رويترز وقالت وكالة رويترز نقلا عن اقتصاديين: إن "سماح الحكومة بأن ينخفض الجنيه المصري إلى 34 للدولار بحلول نهاية ديسمبر 2023، وإلى 35 بنهاية ديسمبر 2024 و35.07 بعد ذلك بعام، سيسمح للعرض والطلب بتحديد سعر صرف الجنيه بحسب البنك المركزي". وكان البنك قد ترك العملة دون تغيير منذ التاسع من مارس عند حوالي 30.90 للدولار على الرغم من وعد قطعته مصر لصندوق النقد الدولي، وفي العام السابق، سمح لقيمة العملة بالانخفاض بمقدار النصف. وأظهر استطلاع لرويترز، الخميس، أن الاقتصاد المصري سينمو 4.0 % في السنة المالية الحالية و4.5 % في السنة المقبلة، حتى مع تجشم البلاد خفضا مستمرا لقيمة عملتها، وهو ما يتماشى مع توقعات الحكومة للعام الحالي. ووجد الاستطلاع أن من المتوقع أن يرتفع سعر العائد على الإقراض لليلة واحدة البالغ 19.25%، إلى 19.75% بحلول نهاية يونيو قبل أن ينخفض إلى 18.25% في العام التالي و13.75% في العام اللاحق.
وتعرض اقتصاد البلاد الهش بالفعل لضربة جديدة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي، والذي هز قطاع السياحة وأدى لرفع أسعار السلع الأولية، ودفع المستثمرين الأجانب إلى سحب حوالي 20 مليار دولار من أسواقها المالية.
ودفعت هذه المشاكل مصر إلى السعي للحصول على حزمة دعم مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار على مدى 46 شهرا من صندوق النقد الدولي تم التوقيع عليها في ديسمبر.
وقال "بي.إن.بي باريبا" في مذكرة "الاقتصاد المصري حاليا في غمرة بعض الاضطرابات مع توقعات ضبابية جدا، في ظل ضغوط تضخمية وتراجع في القوة الشرائية للأسر وتباطؤ في برامج البنية التحتية الرئيسية، مما يؤدي إلى تراجع النمو".
وجاء متوسط التوقعات في الاستطلاع الذي أجرته رويترز في الفترة من السادس وحتى 26 أبريل، وشمل 13 اقتصاديا، عند نمو بنسبة أربعة% في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو، و4.5% في السنة المالية 2023-2024 و5.0% في 2024-2025.
وتطابق هذا مع توقعات الحكومة في خطاب النوايا الصادر في 30 نوفمبر إلى صندوق النقد الدولي بنمو 4.0%، في حين قالت الرئاسة في مارس: إن "مصر تستهدف نموا بنسبة 5% في موازنة 2023-2024".
وتوقع الاستطلاع أن يبلغ متوسط التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن 24.0% في 2022-2023 و20.9% في السنة التالية قبل أن ينخفض إلى 9.3% في 2024-2025.
وسيكون ذلك أعلى من النطاق المستهدف للبنك المركزي البالغ 5-9% بحلول الربع الرابع من عام 2024 و3-7% بحلول الربع الرابع من عام 2026. وأظهرت بيانات رسمية ارتفاع التضخم السنوي في مصر إلى 32.7% في مارس، وهو ما يقل قليلا عن المعدل القياسي المرتفع المسجل قبل ست سنوات. وجاء ارتفاع التضخم في أعقاب نقص طويل الأمد في العملات الأجنبية، وسلسلة من التخفيضات في قيمة العملة بدأت في مارس 2022 وتأخيرات مستمرة في إدخال الواردات إلى البلاد.