مع اقتراب عيد الفطر المبارك واصلت أسعار الدواجن ارتفاعها في الأسواق رغم مزاعم حكومة الانقلاب بأن الأسعار سوف تتراجع، لكن أزمة نقص الدولار وتراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية وارتفاع أسعار الأعلاف واختفائها من الأسواق واحتكار عدد من التجار لهذه الأعلاف بدعم من عصابة العسكر جعل أسعار الدواجن تواصل الارتفاع وهو ما يمثل أزمة حقيقية أمام المصريين، حيث لا يستطيعون شراء اللحوم ولا الدواجن ولا الأسماك في العيد، بل فرض عليهم التقشف نتيجة ضعف قدراتهم الشرائية. كانت وكالة "رويترز" أكدت، في تقرير لها، أن أسعار الدواجن في زمن الانقلاب سوف تواصل الارتفاع في ظل الظروف الاقتصادية المنهارة، مشيرة إلى أن بعض منتجي الدواجن كانت لديهم في العام الماضي استثمارات تكفي لتشغيل نحو 12 مزرعة دجاج في وقت واحد لكنهم اضطروا إلى تشغيل 7 مزارع فقط وإغلاق 5 بعد تعرض قطاع الدواجن، الذي يعتمد على الأعلاف المستوردة، لأوقات صعبة بسبب الأوضاع الاقتصادية . وأشار التقرير إلى أن مشاكل قطاع الدواجن أحد الأمثلة على تأثير الاضطرابات الاقتصادية التي حدثت خلال العام الماضي على كل من الشركات والمستهلكين، موضحا أن ارتفاع أسعار الدواجن أدى إلى استنفاد ميزانيات المصريين. وأضاف أن بعض المزارع تبدو الآن فارغة، ومن بينها مزرعة تبلغ مساحتها 500 متر مربع، قال صاحبها "لا يوجد استقرار في أسعار الأعلاف وأعتقد أن هذه هي الفترة هي الأسوأ منذ سنوات لهذا القطاع". التضخم وضعف العملة وقال أبو الفتوح مبروك عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة إن "التضخم وضعف العملة وقواعد البنك المركزي التي تقيد الواردات، كلها عوامل ساهمت في ارتفاع الأسعار". وكشف "مبروك" في تصريحات صحفية، أن نحو 40 بالمئة من المزارع الصغيرة أوقفت العمل منذ نوفمبر الماضي، وكان من المفترض أن تعود تدريجيا إلى العمل منذ ما قبل حلول شهر رمضان، لكن استمرار أزمة الإعلاف حال دون عودتها للإنتاج. وأشار إلى أن إنتاج مصر من الدواجن تراجع إلى ما بين 60 إلى 70 مليون دجاجة شهريا منذ أكتوبر 2022، مقارنة بنحو 120 مليون دجاجة شهريا قبل الأزمة. وأوضح مبروك أنه على الرغم من الإفراج عن بعض شحنات البضائع المتراكمة في الموانئ تدريجيا، إلا أن الأسعار ظلت مرتفعة، موضحا أن عليه أن يدفع الآن 24 ألف جنيه لطن العلف مقارنة بنحو 12 ألف جنيه في سبتمبر الماضي، وهذه مبالغ كبيرة وتتسبب في الارتفاع الجنوني للأسعار. الاستيراد ليس حلا وأكد الدكتور ثروت الزيني، نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، أنه رغم الإفراجات المستمرة عن الأعلاف إلا أن هناك ارتفاعات متتالية في أسعار الدواجن، مشيرا إلى أن استيراد الدواجن ليس حلا لأن الكميات التي يتم استيرادها لا تغطي الاحتياجات إلا فترات قصيرة . وانتقد الزيني في تصريحات صحفية لجوء حكومة الانقلاب إلى استيراد دواجن من الخارج، موضحا أنه كان من الأولى توفير العملة الصعبة لاستيراد خامات الأعلاف للحفاظ على مربي الدواجن. وطالب حكومة الانقلاب بالتوجه نحو دعم الصناعة المحلية والمنتج المحلي، منوها إلى أن الاتحاد حقق على مدار عشرات السنوات الاكتفاء الذاتي من الدواجن . وحذر "الزيني" من اللجوء إلى الاستيراد مرة آخرى مؤكدا أن الاستيراد لا يبني الأوطان بل يؤدي إلى انهيار صناعة الدواجن وغيرها من الصناعات، وهو ما ستكون له تداعيات سلبية خطيرة على المجتمع المصري. سيطرة شركات كبيرة وقال الدكتور عبد العزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية في القاهرة، إن "القطاع يسيطر عليه مجموعة كبيرة من المستوردين، الذين لديهم مصانع أعلاف ومجازر ومزارع الأمهات الخاصة بهم، لافتا إلى أنهم المسيطرون على السوق ولديهم انضباط في عمليات الإنتاج وهم الذين يحققون مكاسب". وشدد السيد في تصريحات صحفية على ضرورة إلزام الشركات الكبرى التي أخذت من دولة العسكر ما أخذت ولم تعطيها شيئا بتوريد جميع إنتاجها للشركة القابضة للصناعات الغذائية بأسعار محددة لا تزيد عن 84 جنيها، ليتم طرحها للمواطنين ب85 جنيها للكيلو لتستقر الأسعار. وأشار إلى أن مصر كانت قد وصلت إلى تحقيق اكتفاء ذاتي في صناعة الدواجن، لكن الأزمة الأخيرة الخاصة بمستلزمات الإنتاج عصفت بالقطاع وتسببت في تراجع المنظومة، ومع عدم إدارة الأزمة بشكل صحيح بعد إصدار قرار الاعتمادات المستندية، والذي يستوجب وضع قيمة بنسبة 120% لدى البنك المركزي وانتظار شهور حتى يتم تدبير الدولار، ومع استمرار ذلك لمدة تصل إلى 10 أشهر تم استنزاف الاحتياطي الاستيراتيجي الخاص بالأعلاف، لذلك حدث شح في مستلزمات الإنتاج وهو الأمر الذي خلق سوقا سوداء ولا سيما مع عدم وجود آليات لضبط السوق ومحاسبة المقصرين. وأكد السيد أن كبار منتجي الدواجن تمادوا في رفع أسعار الأعلاف ووصل سعر طن الصويا إلى 37 ألف جنيه وهذا غير منطقي، بينما في الخارج الأسعار ثابتة دون أي تغير معربا عن أسفه لأن آليات السوق في مصر منفلتة فكل واحد يبيع على هواه، ومع تفاقم المشكلات بدأ خروج مجموعة من المنتجين ولكن أكبر مشكلة تواجه المنظومة كانت خروج 50% من قطاع الأمهات وهو المسئول عن تسمين الكتكوت، وهذا الأمر أحدث خللا في قطاع الدواجن. نقص المربين والكتاكيت والعلف وكشف عن توقف مصانع الأعلاف في مصر عن التوريد في ظل تعويم الجنيه فالتاجر الذي كان يشتري ب100 جنيه أعلاف أصبح يشتري ب50 جنيها فقط ونفس الأمر مع مصانع الأعلاف تم خفض إنتاجها وتوزيعها، حيث يتم التوريد فقط لأصحاب الكاش وليس للآجل وهذا أحد أسباب خروجهم من المنظومة، لذلك بدأ النقص في الكتكوت وفي المربين وفي العلف. ولفت السيد إلى أن جميع صغار المربين خرجوا من السوق والمتبقي منهم كبار منتجي الدواجن والذين لديهم مصانع أعلاف ومجازر ومزارع الأمهات الخاصة بهم وهم المسيطرون على السوق وبالرغم من مشكلات القطاع إلا أنهم يحققون مكاسب جيدة دون النظر إلى المواطن البسيط، حيث 90% من كبار منتجي الدواجن المسيطرين على المنظومة يكسبون في كل الحلقات، سواء في الأعلاف أو الكتاكيت أو بيع النهائي، مشددا على ضرورة وضع آليات جديدة لضبط سوق الثروة الداجنة بداية من المستوردين حتى البيع للمستهلك. وطالب بوضع آلية لاستيراد الذرة والصويا عبر هيئة السلع التموينية، على غرار القمح، موضحا أنه بالفعل تم الإعلان عن أكثر من مناقصة ،حيث تعاقدت الهيئة على 50 ألف طن بسعر 10 آلاف جنيه، وهو ما يدل على الارتفاع غير المبرر في أسعار الأعلاف والتي وصلت إلى 16 ألف جنيه للطن الذرة، بينما الصويا وصلت إلى 31 ألف جنيه، وسعرها الرسمي لا يتعدى 19 ألف جنيه، بقيمة مكسب يصل إلى أكثر من 10 آلاف جنيه.