علاقة قوية تربط قادة العسكر في مصر وسوريا، وكبار مهربي المخدرات في سيناء والعالم بأسره، عبر ممارسة تجارة محرمة تُدّر أموالا طائلة لاقتصاد السيسي وبشار الأسد، وفق ما كشفت عنه مؤسسات دولية وشهود عيان. ففي المنطقة الحدودية بين سيناء والأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل، انتعشت تجارة المخدرات بشكل غير مسبوق، خاصة مخدر جديد يسمى "هيدرو" الذي بدأ ينتشر في سيناء بصورة خطيرة. "هيدرو" عبارة عن خليط من مخدر الحشيش والماريجوانا ومواد كيميائية، ويعادل في قوته الهيروين من ناحية التأثير الفوري، ومناطق زراعته في سيناء، خاصة من أبناء قبيلة "الترابين" الذين يسمون "الصحوات" وهي عناصر تدعم جيش الانقلاب ضد "داعش" بحسب مصدر يعيش في منطقة العريش. أما في سوريا فقد حاز بشار الأسد ونظامه ألقابا عالمية مختلفة بما يخص تجارة المخدرات بكافة أنواعها خلال العام الماضي، وأبرزها "إمبراطور تجارة المخدرات في الشرق الأوسط" و"دولة مخدرات" و"جمهورية الكبتاجون". وتوصف السعودية بأنها أصبحت عاصمة استهلاك المخدرات في الشرق الأوسط، خاصة الكبتاجون، حيث أصبحت عمليات ضبطه روتينية داخل المملكة العربية السعودية، خاصة أنها صغيرة الحجم وسهلة الصنع، وتُصنّع على نطاق واسع في سورياولبنان في ظل تزايد الطلب عليها في السعودية. مقابل تحركات دولية واضحة وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية، للحد من خطر تلك الآفة التي يُشهرها نظام بشار الأسد كسلاح عابر للحدود في وجه العقوبات الدولية، ويعتمد عليها كمصدر أساسي لتمويل ميليشياته على الخُطا الإيرانية. ووفقا لجهاد يازجي المحرر بموقع "ذا سيريا ريبورت" الناطق باللغة الإنجليزية الذي يتتبع الاقتصاد السوري، فإن الكبتاجون ربما أصبح أهم مصدر للعملة الأجنبية في سوريا. وأضاف "هذا لا يعني أن الإيرادات المكتسبة تعود إلى الاقتصاد، بل يتم استثمارها في الغالب في الحسابات المصرفية للمهربين وأمراء الحرب". ويمثل الأردن ممر العبور للكبتاجون إلى السعودية، وكان لبنان ممرا آخر للتهريب عبر إخفاء الكبتاجون في المنتجات المصدرة للخليج، وفي أبريل 2021، حظرت السعودية دخول الفواكه والخضر من لبنان بسبب تهريب المخدرات. وسبق أن قدّر خبراء في الكبتاجون أن حجم التجارة في هذا العقار المخدر الذي يقوده النظام السوري وحلفاؤه بلغت 5.7 مليار دولار عام 2021، فيما زعمت تقديرات استخباراتية بريطانية أن حجم هذه التجارة يصل إلى 57 مليار دولار. وبدأ استخدام هذه الحبوب المنشطة على نطاق واسع في سوريا خلال الحرب الداخلية وأصبحت البلاد مصدرا رئيسيا للأسواق الأخرى، وتحديدا في الشرق الأوسط والسعودية بصفة خاصة. وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن "80% من إمدادات العالم من هذا المخدر تُنتَج في سوريا وتشحن من ميناء اللاذقية، وانتشرت صور ضبط شحنات الكبتاغون المخبأة في الرمان وسلع أخرى على الإنترنت". ويوم الأربعاء 29 مارس 2023، قالت السفارة البريطانية في لبنان، غداة إدراج وزارة الخزانة الأمريكية 6 أشخاص على قائمة العقوبات، بالتنسيق مع السلطات البريطانية، بينهم اثنان من أبناء عمومة بشار الأسد، إن "ماهر، شقيق الرئيس بشار الأسد، يقود وحدة الجيش السوري التي تُيسّر توزيع وإنتاج هذه المادة المخدرة، وإن تجارة المخدرات تمثل شريان حياة لنظام الأسد، وتبلغ تقريبا 3 أضعاف قيمة تجارة عصابات المخدرات المكسيكية مجتمعة". ولميليشيا حزب الله اللبناني دور أساسي في ملف المخدرات على الأراضي السورية، بما يخص تقديم مواد التصنيع أو إنشاء المصانع أو حتى تقديم الخبرات لديها، سيما وأنها تعتبر الأراضي الخاضعة لسيطرة نظام أسد طريقا لتجارة المخدرات المصنوعة على أراضيها في لبنان. وأكدت صحيفة "دير شبيجل" الألمانية في تحقيق لها، أن ميليشيا "حزب الله" الداعمة للأسد قامت بالاستيلاء على المناطق الحدودية في ريف حمص وريف دمشق وتحويل أرضها الخصبة إلى زراعة الحشيش، بدل استثمارها في تأمين المواد الغذائية اللازمة، كما قامت حكومة ميليشيا أسد بدعم المتورطين في إدارة شبكات التجارة، حيث أصبح عدد منهم أعضاء فيما يسمى "مجلس الشعب" الأمر الذي أمّن لهم حصانة سياسية من شأنها أن تسهّل أعمالهم غير القانونية. وبالعودة إلى مصر، يؤكد مصدر مطلع يعيش في سيناء أن المهربين بإيعاز من جيش السيسي يقومون بمقايضة مخدر الهيروين والكوكايين من إسرائيل بالحشيش والبانجو من سيناء، أو البيع والشراء بشكل مباشر عبر سلك الحدود في سيناء، بسعر يقترب لكيلو هيروين إسرائيلي مقابل 20 كيلو بانجو سيناوي". وأشار إلى أن المهربين يقودهم ويمولهم رجل الأعمال إبراهيم العرجاني الذي يقوم بأغلب اقتصاد الجيش في سيناء، وكان معه سالم لافي الذي قتلته داعش في مايو 2017، وظهرت شخصيته في مسلسل "الاختيار" في رمضان 2020.