التقرير الاستقصائي الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» تحت عنوان: إمبراطورية كبتاجون تزدهر على أنقاض سوريا". يبرهن على أن سوريا تحت حكم الطاغية بشار الأسد تحولت إلى مركز دولي لتجارة وتهريب المخدرات لدول المنطقة. ويؤكد تقرير «نيويورك تايمز»أن النظام السوري ضالع في عملية اتجار، وصناعة، قد تكون الأكبر عالميًا لمخدر الكبتاجون، الذي راج بشكل كبير بعد اندلاع الحرب الأهلية في سوريا. وبحسب التقرير الذي يحمل عنوان: «إمبراطورية مخدرات تزدهر على أنقاض سوريا»، فإن العديد من المقربين من الأسد منخرطون في صناعة وتهريب المخدر، الذي قدّر خبراء تجارة المخدرات أن قيمة تجارته القائمة تتعدى مليارات الدولارات. وأوردت الصحيفة، في تحقيق استند إلى معلومات جهات إنفاذ القانون ومسؤولين في 10 دول ومقابلات مع خبراء مخدرات دوليين وآخرين، أن "قسطا كبيرا من إنتاج وتوزيع حبوب الكبتاغون تشرف عليه الفرقة الرابعة المدرّعة في قوات النظام، وهي وحدة النخبة بقيادة ماهر الأسد، الأخ الأصغر لرئيس النظام وأحد أقوى الرجال في سورية". وذكرت «نيويورك تايمز»، أن قيمة المضبوطات من الكبتاجون وحدها 2.9 مليار دولار، مشيرة إلى أنه راج في السعودية، التي تعد سوقه الأكبر الآن، فيما كانت مصر من ضمن الدول التي صادرت شحنات منه كانت مخبأة في حاويات صودرت في ميناء دمياط، بحسب خريطة بيانية نشرتها الجريدة. وقالت «نيويورك تايمز» إن شبكة تجارة المخدرات تشمل أقارب للأسد ومسؤولين عسكريين سوريين وقادة ميليشيات وتجّار كونوا ثروات خلال الحرب، بحسب مصادرها التي تشمل سوريين «على علم بتجارة المخدرات» ومصادر أمنية إقليمية ومسؤولين تنفيذيين في مجال مكافحة المخدرات من عشر دول ومسؤولين أمريكيين. ويندرج الكبتاجون تحت بند الأمفيتامينات، وهو مخدر منبه، يُتناول لأغراض الترفيه، أو زيادة النشاط للسهر، ويروج في أوساط الطلبة للمذاكرة، وسائقي المسافات الطويلة، وكان أول إنتاج له من قِبل شركة ألمانية في الثمانينيات، للذين يعانون من متلازمة فرط الحركة ونقص الانتباه، والنوم القهري. وأشارت إلى أن "سورية باتت اليوم تملك كل المقومات اللازمة لنجاح تجارة المخدرات، إذ يتوفر خبراء لخلط الأدوية، علاوة على مصانع لتصنيع المنتجات التي تخبأ فيها الأقراص، بالإضافة إلى إمكانية الوصول إلى ممرات الشحن في البحر المتوسط، وطرق التهريب البرية إلى الأردن ولبنان والعراق". ونقلت الصحيفة عن جويل ريبيرن، المبعوث الأميركي الخاص لسورية خلال إدارة دونالد ترامب، قوله إن "النظام السوري هو الذي يصدّر المخدرات حرفيا". وأضاف أن أكبر عقبة في مكافحة هذه التجارة هي أن "صناعة المخدرات تحظى بدعم دولة ليس لديها سبب وجيه للمساعدة في إغلاقها". بدوره، أكد رئيس دائرة المخدرات في مديرية الأمن العام الأردني، العقيد حسن القضاة، أن "مصانع الكبتاجون موجودة في مناطق سيطرة الفرقة الرابعة وتحت حمايتها". في حين اعتبر جهاد يازجي، المحرر بموقع "ذا سيريا ريبورت" الذي يتتبع الاقتصاد السوري وينشر تقاريره باللغة الإنكليزية، أن الكبتاجون "ربما أصبح أهم مصدر للعملة الأجنبية في سورية". ووفق أرقام الصحيفة، تم ضبط أكثر من 250 مليون حبة كبتاجون في جميع أنحاء العالم حتى الآن في العام 2021، أي أكثر من 18 ضعف الكمية التي عثر عليها خلال أربع سنوات. وتم ضبط المخدرات في تركيا ولبنان والأردن وموانئ مصر واليونان وإيطاليا ومطار في فرنسا، وفي أماكن بعيدة مثل ألمانيا ورومانيا وماليزيا. وترى "نيويورك تايمز" أن معظم هذه البلدان ليست أسواقا مهمة للكبتاجون، ولكنها مجرد محطات توقف في طريقها إلى الخليج، وخاصة السعودية. وقال العقيد حسن القضاة إن الكميات المضبوطة في الأردن من الكبتاغون هذا العام تتزايد، وبلغت ضعف الكمية التي جرى ضبطها في العام 2020، مشيرا إلى أن ما يصل إلى خمس المخدرات المهربة من سورية يتم استهلاكه في الأردن، على الرغم من كون عمّان محطة عبور إلى السعودية. وكان موقع "ناشونال إنترست" الأميركي أشار، الشهر الماضي، إلى أن "قانون التفويض الوطني" للعام 2022، الذي سيعرض قريبا على مجلس الشيوخ الأميركي للتصويت عليه، يتضمن مادة تسعى إلى معالجة معضلة تجارة المخدرات التي مصدرها سورية، ويتهم نظام الأسد بتهيئة الظروف لها، ولم تحظ بالاهتمام الكافي من قبل.