يواصل الجنيه المصري تراجعه المهين في زمن الانقلاب أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية ويتوقع الخبراء أن يتجاوز الدولار ال 40 جنيها في السوق السوداء خلال الأيام المقبلة. وأكدوا أن السيسي يلجأ إلى خفض قيمة الجنيه في محاولة لتجنب إعلان إفلاس البلاد بسبب الديون الضخمة التي ورط مصر فيها والتي تتجاوز 7 تريليونات جنيه في حين تقترب الديون الخارجية من المائتي مليار دولار لأول مرة في التاريخ المصري . يشار إلى أن مصر في زمن عصابة العسكر تصدرت قائمة ال32 سوقا ناشئة المدرجة على مؤشر داموكليس التابع لبنك نومورا الياباني، مما يعد مؤشرا على فرصة قوية بأن البلاد ستتعرض لأزمة في سعر الصرف خلال الأشهر المقبلة، وفق مراقبين. ويعد نموذج داموكليس إنذارا مبكرا تبنته نومورا لأزمات أسعار الصرف في الأسواق الناشئة وهناك مؤشرات رئيسية للمؤشر، وتشمل احتياطيات العملات الأجنبية، والديون الخارجية قصيرة الأجل، ومعدل الفائدة. ويبلغ عجز الحساب الجاري المتضخم في دولة العسكر، وما يستحق سداده من ديون خارجية، 33.9 مليار دولار حتى منتصف 2025، وهو ما يترك البلاد عرضة للخطر ويعرض تصنيف البلاد للخفض، بحسب تقرير بوكالة فيتش للتصنيف الائتماني. ولا توجد دولة تنفق أكثر من 41% من الإيرادات الحكومية على مدفوعات الفائدة، باستثناء سريلانكا، التي تخلفت عن السداد، وغانا التي سرعان ما سوف تتخلف لاحقا، وفق التقرير المثير للقلق.
3 عوامل حول أزمة الدولار كشفت مصادر في السوق السوداء وسوق الذهب أنه لا أحد يعلم إلى أين سيصل سعر الدولار مقابل الجنيه والذي تجاوز كل الخطوط الحمراء سعريا ونفسيا، مما يعني أنه لا يوجد قاع لهذا الهبوط المتواصل للعملة المصرية. وأوضحت المصادر أن هناك 3 عوامل أسهمت في زيادة الضغوط على الجنيه ودفعه إلى ما وراء التوقعات والتكهنات، وهي: شح العملة الصعبة في البنوك المحلية والبنك المركزي. ضعف تدفق الأموال من الخارج. المضاربة على سعر الدولار.
التزامات مؤجلة من جانبه أرجع شريف عثمان مؤسس ورئيس شركة الاستشارات الاستثمارية "بويز إنفستمنت" انخفاض الجنيه بوتيرة أكبر من المتوقع إلى زيادة الطلب على الدولار، مؤكدا أنه من الواضح حتى هذه اللحظة ورغم التخفيض الكبير في قيمة الجنيه أن الطلب على الدولار ما زال أكثر من المتاح والمعروض خاصة مع وجود التزامات خارجية مؤجلة . وقال عثمان في تصريحات صحفية، إن "أي دولار يتم توفيره وأغلبه من الأموال الساخنة يتم توجيهه لسد الطلبات المتأخرة للسلع المستوردة، مشيرا إلى أن البنك المركزي باع كميات كبيرة عبر أذرعه البنكية -الأهلي ومصر- حتى يسد مراكز العجز التي كانت موجودة لديهم منذ أكثر من عام رغم الخسائر. وأكد أن هذه المشكلة لن تحل حتى يتم وقف الاستيراد ومقاومة جماعات الضغط من كبار المستوردين وقصره على الضروريات وتصحيح ترتيب الأولويات كتوفير الدواء والسلع الغذائية ومدخلات الإنتاج الأساسية. وأوضح عثمان أن السماح للجنيه بالانخفاض إلى هذه المستويات يعني أن نظام الانقلاب يسعى للتغلب على نقص العملة بخفض قيمة الجنيه حتى يصل إلى مستوى يعجب المستثمرين الأجانب سواء على صعيد الاستثمار المباشر أو غير المباشر ، وبالتالي يتوقف تراجع الجنيه. وأشار إلى أن نظام الانقلاب يحاول حل أزمة نقص الدولار من خلال إضعاف العملة بدلا من التعثر عن السداد.
الصرف المرن وقال محمد أبو باشا كبير محللي الاقتصاد الكلي لدى المجموعة المالية "هيرميس" إنه "لم يتضح ما إذا كان الانخفاض الذي حدث للجنيه أمام الدولار حتى الآن يمثل الانتقال المتوقع لنظام سعر الصرف المرن أم أنه سوف يواصل الانخفاض". وأضاف أبو باشا في تصريحات صحفية ، للحكم على ذلك، نحتاج إلى مراقبة المستوى الذي ستستقر عنده العملة في نهاية المطاف، وإلى أي مدى سيؤدي ذلك إلى تحسين سيولة العملات الأجنبية في البنوك، وما إذا كنا سنشهد مزيدا من التقلبات في الجنيه في المستقبل؟. وأوضح أنه ليس أمامنا إلا أن ننتظر ونرى مستوى سيولة العملات الأجنبية في سوق ما بين البنوك،
تدهور شديد وأعرب الخبير الاقتصادي إبراهيم نوار عن أسفه لأن متابعة تطورات حقائق السوق ، ومتغيرات الاقتصاد الكلي، وإجراءات السياسة الاقتصادية، تشير إلى حدوث تدهور شديد للعملة المصرية منذ تم إعلان الاتفاق الأولي (خطاب النوايا) على مستوى الخبراء بين نظام الانقلاب وصندوق النقد الدولي . وكشف إبراهيم في تصريحات صحفية أن هناك تطورات من شأنها أن تضغط على قيمة الجنيه لتتجاوز التوقعات منها : ظهور سوق سوداء للعملات الأجنبية. المضاربة على الدولار في مصر والخارج. تراجع تحويلات المصريين العاملين في الخارج خلال السنة المالية الحالية. زيادة عجز الحساب الجاري. وأشار إلى عوامل أخرى مثل تدهور التوازنات الكلية في المالية العامة لدولة العسكر، مع استمرار زيادة الإنفاق العام، وتمويل ذلك بزيادة الاقتراض المحلي إلى مستويات غير مسبوقة. وقال إبراهيم إنه "من الملاحظ أن السياسة المالية التوسعية تسير في اتجاه يتناقض مع اتجاه السياسة النقدية المتشددة، مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب تحصل على المزيد من السيولة لتغطية احتياجاتها التمويلية، في حين تتعرض السيولة المتاحة للقطاع الخاص للانكماش بسبب ارتفاع التكلفة وامتصاص البنك المركزي السيولة من البنوك لصالح حكومة الانقلاب".
السقوط الحر وأكد أن السقوط الحر لقيمة الجنيه توقف مؤقتا، مع حصول نظام الانقلاب على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد ، مشيرا إلى أنه رغم ذلك فان العوامل الأساسية التي تضغط على قيمة الجنيه إلى أسفل ستستمر في التأثير. وأوضح إبراهيم أن مواجهة أزمة هذا التراجع المهين للجنيه يتطلب : وقف زيادة الإنفاق العام وتخفيضه. إنهاء عدم التوافق بين السياستين المالية والنقدية. إعادة تخصيص الموارد على أسس اقتصادية سليمة. زيادة الإيرادات العامة بإخضاع كل الكيانات الاقتصادية للقانون والضرائب والرسوم.