على عكس التوقعات، قرر البنك المركزي المصري، في اجتماعه الأخير قبل أيام، تثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماعه الشهري للجنة السياسة النقدية. وقال البنك إن "سعر الفائدة على الودائع سيبقى عند 11.25 بالمئة وسعر الإقراض 12.25 بالمئة، ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة بما مجموعه ثلاثة بالمئة خلال هذا العام، لكنه أبقى على أسعار الفائدة ثابتة في آخر مراجعتين". وكان محللون قد توقعوا أن يحذو البنك المركزي المصري حذو مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) الذي رفع أسعار الفائدة للمرة الخامسة هذا العام. إن ارتفاع أسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة يجعل سوق الديون الأمريكية المستقرة نسبيا أكثر جاذبية للمستثمرين في الديون السيادية في وقت يشهد اضطرابات اقتصادية عالمية، ونتيجة لذلك، تغلب المستثمرون على خروج سريع من الأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر، هذا العام، مع استنزاف 22 مليار دولار من سوق السندات المصرية خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2022. وتسببت الخسارة في ضربة كبيرة لسيولة مصر بالعملة الأجنبية التي كانت تعتمد على شهية المستثمرين لسوق السندات التي عرضت على المستثمرين في يناير كانون الثاني سعر الفائدة الحقيقي الأكثر جاذبية في العالم. فلماذا لم يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة يوم الخميس في محاولة لإعادة بعض هؤلاء المستثمرين؟ "لن يقرر أي مستثمر أجنبي الاستثمار في أدوات الدين المصرية طالما أنهم يعتقدون أن قيمة الجنيه ستنخفض بعد شرائها" وفقا لما ذكرته منى بدير، محللة الاقتصاد الكلي في أحد البنوك الخاصة لمدى مصر. انخفضت قيمة الجنيه المصري بنسبة 14 في المائة في مارس من هذا العام ، حيث أزال البنك المركزي ربطا فعليا كان قائما منذ تخفيض قيمة العملة في عام 2016 وتتوقع المصادر أن يكون سعر الصرف المرن شرطا رئيسيا للسياسة من صندوق النقد الدولي، الذي تجري سلطات الانقلاب معه محادثات للحصول على قرض آخر لمساعدتها على الوفاء بعشرات المليارات من الدولارات في جدول السداد الذي يلوح في الأفق. وقالت بدير إن "الظروف الحالية لا تسمح للمستثمرين الأجانب بالعودة إلى سوق الدين المصري، لأن خفضا آخر في قيمة العملة سيترتب عليه خسائر لن يكون سعر الفائدة تعويضا كافيا عنها". وفي مواجهة معدلات التضخم التي بلغت أعلى مستوياتها في أربع سنوات في أغسطس، توقع المحللون أن ترفع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي أسعار الفائدة بغض النظر عن السيطرة على العرض النقدي، لكن اللجنة اتبعت إجراءات بديلة يوم الخميس للسيطرة على التضخم مما زاد من متطلبات الاحتياطي للبنوك العاملة في البلاد. وفي أعقاب قرار تثبيت الفائدة يتعين على البنوك المصرية الآن الامتناع عن إعادة استثمار أو إقراض 18 في المائة من ودائع العملاء التي تحتفظ بها لمدة تقل عن ثلاث سنوات بدلا من ذلك ، يجب عليهم إيداع المبالغ في البنك المركزي دون فائدة، وقبل يوم الخميس بلغت متطلبات الاحتياطي 14 في المئة. ويؤدي رفع معدل متطلبات الاحتياطي إلى تقليل السيولة العاملة المتاحة للبنوك، مما يدفع المقرضين بدورهم إلى تشديد شروط الإقراض للعملاء. وقال بدير إنه "من المرجح أن تستجيب البنوك من خلال رفع أسعار الفائدة التي يجب على المقترضين دفعها على قروضهم مع تحديد سعر الفائدة الذي تدفعه للعملاء مقابل الودائع". وقال بدير إن "قرار البنك المركزي بالسيطرة على التضخم عن طريق زيادة متطلبات الاحتياطي بدلا من زيادة أسعار الفائدة سيسمح للبنك المركزي بمواصلة إجراء عمليات سحب السيولة دون أي تكلفة إضافية". وإذا كان لها أن ترفع أسعار الفائدة، فسيتعين عليها أن تدفع عائدات أعلى على أي عمليات بيع أخرى لسندات الخزانة، وخلال الأسابيع الأخيرة، نشر البنك المركزي عمليات السوق المفتوحة كوسيلة أخرى لتشديد كمية النقد السائل في النظام المصرفي، وبين أغسطس وسبتمبر، قدمت الشركة ستة عروض متتالية بقيمة 100 مليار جنيه من أذون الخزانة لأجل أسبوع واحد، وهو ما يمثل أكبر عملية سحب للسيولة من قبل البنك المركزي من خلال أذون الخزانة منذ نوفمبر 2016، عندما ارتفع التضخم نتيجة لانخفاض قيمة العملة المصرية، وقال شريف عثمان، نائب الرئيس السابق للمؤسسة العربية المصرفية، إن "مبيعات سندات الخزانة للبنك المركزي تعمل على تقليل السيولة في النظام المصرفي، مما يستلزم في نهاية المطاف تشديد شروط الإقراض لعملاء البنوك". وقال بدير إنه "مع ثبات سعر الفائدة، سيتمكن البنك المركزي من بيع أذون الخزانة في المستقبل دون أن يكون ملزما بزيادة سعر الفائدة الذي يدفعه".