محافظ القليوبية: حجم استثمارات مبادرة حياة كريمة في المحافظة يتجاوز 7 مليارات جنيه    "الإسكان" تناقش استراتيجية التنقل النشط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومعهد سياسات النقل والتنمية    "الخدمات البيطرية" تكشف حقيقية نفوق 500 رأس ماشية في المنوفية    الرئيس السوري: الدولة لا تحمل نزعات إقصائية أو ثأرية تجاه أي مكون    باريس سان جيرمان يستعيد صدارة الدوري الفرنسي بفوزه على ميتز 3-2    زوجة المسن المعتدى عليه في منزله بكفر الشيخ: الشقة مفتوحة وممنوع عليا دخولها    الأرصاد يُحذر من منخفض جوي يضرب البلاد غدًا وأمطار متوقعة بهذه المناطق    عبلة كامل بعد قرار الرئيس السيسي بعلاج كبار الفنانين: فاجئني وأسعدني جدا.. وهي لفتة إنسانية حنونة منه    "أكثر شراسة".. خبر صادم من "المصل واللقاح" بشأن الأنفلونزا الموسم الحالي    مصر تدعو إلى التهدئة والالتزام بمسار السلام في جمهورية الكونجو الديمقراطية    31 طعنًا على نتيجة ال 19 دائرة الملغاة ونظرها 15 ديسمبر    النيابة تُجري معاينة تصويرية لإلقاء جثة طفلة داخل عقار بشبرا الخيمة| فيديو    وزير الرياضة يشهد اليوم السبت ختام بطولة الأندية لكرة القدم الإلكترونية    محطات مضيئة في حياة حمدي الزامل.. «شهادة» الشيخ عبد الباسط و«سلسلة» أم كلثوم    شاهد| لحظة توزيع الجوائز على الفائزين في بطولة كأس العالم للبليارد الفرنسي    متحورات جديدة.. أم «نزلة برد»؟! |الفيروسات حيرت الناس.. والأطباء ينصحون بتجنب المضادات الحيوية    الرئيس الإندونيسي يؤكد توصيل مياه الشرب وإصلاح البنية التحتية لسكان المناطق المنكوبة بالفيضانات    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح المفاوضات    توافق مصرى فرنسى على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدى إلى إقامة الدولة الفلسطينية    ضبط 5370 عبوة أدوية بحوزة أحد الأشخاص بالإسكندرية    كثافات مرورية بسبب كسر ماسورة فى طريق الواحات الصحراوى    رئيس مجلس القضاء الأعلى يضع حجر أساس مسجد شهداء القضاة بالتجمع السادس    منال عوض: المحميات المصرية تمتلك مقومات فريدة لجذب السياحة البيئية    الشناوي: محمد هنيدي فنان موهوب بالفطرة.. وهذا هو التحدي الذي يواجهه    من مسرح المنيا.. خالد جلال يؤكد: «مسرح مصر» أثر فني ممتد وليس مرحلة عابرة    "فلسطين 36" يفتتح أيام قرطاج السينمائية اليوم    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    بروتوكول لجهاز تنمية المشروعات لنشر فكر العمل الحر وريادة الأعمال بين الشباب والمرأة    ريهام أبو الحسن تحذر: غزة تواجه "كارثة إنسانية ممنهجة".. والمجتمع الدولي شريك بالصمت    نوال مصطفى تكتب: صباح الأحد    توقف قلبه فجأة، نقابة أطباء الأسنان بالشرقية تنعى طبيبًا شابًا    الرسالة وصلت    مكتبة الإسكندرية تستضيف "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"    مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدنى فى هجوم تدمر السورية    قائمة ريال مدريد - بدون أظهرة.. وعودة هاوسن لمواجهة ألافيس    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات    قائمة الكاميرون لبطولة كأس الأمم الأفريقية 2025    إعلام عبرى: اغتيال رائد سعد جرى بموافقة مباشرة من نتنياهو دون إطلاع واشنطن    موعد صرف معاشات يناير 2026 بعد زيادة يوليو.. وخطوات الاستعلام والقيمة الجديدة    نائب محافظ الأقصر يزور أسرة مصابي وضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    كلية الدراسات الإفريقية تنظم ندوة عن العدالة التاريخية والتعويضات    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    لاعب بيراميدز يكشف ما أضافه يورتشيتش للفريق    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    القضاء الإداري يؤجل دعوى الإفراج عن هدير عبد الرازق وفق العفو الرئاسي إلى 28 مارس    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى جاويش يكتب: المجلس الصحي المصري ومعاناة الأطباء
نشر في بوابة الحرية والعدالة يوم 15 - 02 - 2022

وافق مجلس النواب المصري على مشروع قانون جديد؛ حيث نصت مادته الأولى على أن: "تنشأ هيئة عامة خدمية تسمى "المجلس الصحي المصري"، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتبع رئيس الجمهورية، ويكون مقرها الرئيسي مدينة القاهرة، ويجوز للمجلس إنشاء فروع في المحافظات. وتعتبر إدارة الخدمات الطبية العسكرية للقوات المسلحة (الأكاديمية الطبية العسكرية- كلية الطب في القوات المسلحة) أحد فروع المجلس. ويشار إليه في مواد هذا القانون "بالمجلس".
ويهدف إلى تنظيم مجالات الصحة في مصر، ورفع المستوى العلمي والتطبيقي للأطباء والعاملين في مختلف التخصصات الصحية، وتطوير التدريب الصحي التخصصي على مختلف مستويات المهن الصحية ولكل التخصصات الصحية، وكذا إلى رفع المستوى العلمي والسريري (الإكلينيكي) للأطباء، واعتماد البرامج العلمية والتدريبية المهنية والتخصصية الصحية العليا لمرحلة ما بعد التعليم الجامعي، واعتماد الشهادات المهنية أو ما يستحدث مستقبلاً لمن يجتاز هذه البرامج في فروع العمل الصحي الطبي المختلفة من جهات التدريب المهني المعتمدة من المجلس، واختبارهم للتحقق من استيفائهم للتأهيل الكافي للممارسة الطبية والصحية (ترخيص مزاولة المهنة الطبية)، والتي تحقق أعلى درجة لأمان المرضى ولضمان تحسين الخدمات الصحية في مصر، وفقاً للسياسة الصحية والطبية العامة للدولة في ظل التوجيهات الرئاسية لكي ينعم المواطن بحياة كريمة.
تأطير تاريخي للفكرة والهدف من إنشائها رغم أنها تكرار لهيئات مماثلة ثبت فشلها:
فكرة إنشاء المجلس الأعلى للصحة هي من المشروعات القديمة، والتي يتم تحديثها كل فترة وسط ضجة إعلامية في كل مرة، حيث تمت الإشارة إلى إنشائه لأول مرة بقرار جمهوري رقم 61 لسنة 1966 زمن حكم الرئيس جمال عبد الناصر وتعديلاته برقم 81 لسنة 1978 زمن حكم الرئيس السادات، ثم للمرة الثالثة عام 1993 في زمن الرئيس مبارك. وأخيرا فقد تمت إعادة تفعيله بتوجيهات رئاسية عام 2019، حيث أكدت التجربة العملية أن المجلس الحالي والذي اقتصر في عضويته على ممثلي الجهات التنفيذية للحكومة، واقتصرت مهامه على التنسيق بينها، لم يقم بدوره أو يحقق الأهداف من ورائه بسبب هيكله البنيوي ومحدودية أهدافه إضافة لتبعيته لوزارة الصحة مما جعله رهينة رغبات الوزارة. ولم ينعقد في تاريخه سوى مرات معدودة ولم يحقق أي نتائج إيجابية من وجوده، وإن كانت التراخيص المهنية لم تكن من اختصاصاته فيما سبق.
توقيت طرح قانون إنشاء المجلس الصحي المصري شابه الكثير من الغموض والقلق:
بالتوازي مع انتشار وباء كورونا في مصر مع بداية عام 2020، ونظرا لشكوى وزارة الصحة من القصور الشديد في أعداد الأطباء، حيث يعمل في الحكومة عدد لا يتجاوز 70 ألف طبيب فقط من بين 220 ألف طبيب مسجلين رسميا في نقابة الأطباء، مع الإعلان عن هجرة أكثر من 65 في المائة من الأطباء للخارج، وقتها أعلنت نقابة الأطباء عن تلقيها كتابا رسميا من رئيس الأكاديمية الطبية العسكرية يحمل أمرا عسكريا من القائد الأعلى للقوات المسلحة؛ بإصدار تكليف بسرعة اتخاذ الإجراءات الفورية لتحويل الصيادلة إلى ممارسة مهنة الطب كإجراء عاجل لسد العجز في الأطباء لمواجهة وباء كورونا.
ورغم أن الأمر العسكري الصادر من المشير عبد الفتاح السيسي بصفته العسكرية يعتبر من المهام القتالية واجبة التنفيذ، إلا أن اللواء طبيب رئيس الأكاديمية العسكرية فشل في التنفيذ لأن منح ترخيص مزاولة مهنة الطب هو من صميم حق نقابة الأطباء حسب قانون المهن الطبية لعام 1969، ونظرا لرفض نقابتي الأطباء والصيادلة لتلك الفكرة لمخالفتها واقع التأهيل المهني والإكلينيكي للصيدلي والطبيب، إضافة إلى أن دور الصيدلي يتساوى تماما في أهميته مع دور الطبيب ومع دور كل عضو من أعضاء الأطقم الطبية سواء بسواء، لهذا كان واضحا احتمالية صياغة قانون جديد يسلب حق التراخيص الطبية من نقابة الأطباء، ويبدو أن هذا يعتبر واحدا من أهم أسباب طرح مشروع القانون على مجلس النواب للمرة الأولى في شهر أيار/ مايو2020.
إقصاء نقابة الأطباء من مجلس الأمناء يعنى تهميش دور الأطباء في إدارة المشهد الصحي:
نص القانون الجديد على وجود ثلاثة جهات عليا تدير "المجلس الصحي المصري"، وهي مجلس الأمناء، ومجلس الإدارة، والأمانة العامة. وكان غريبا أن تضم الأمانة العامة كلا من وزراء الدفاع والداخلية والمالية والصحة والتعليم العالي، وعضوين من المهتمين بالتدريب، واستبعاد تام لوجود نقابة الأطباء، في حين شمل مجلس الإدارة جميع الأعضاء السابقين إضافة إلى رئيس الأكاديمية الطبية العسكرية وعميد كلية الطب العسكرية وممثل لواحدة فقط من نقابات المهن الطبية، رغم مطالبة نقابة الأطباء بأهمية تواجد ممثل لكل نقابة طبية في المجلس. وهذا يؤكد بوضوح على فلسفة هيمنة غير أصحاب الشأن على مصير ومستقبل عموم أعضاء الفرق الطبية.
إهدار فرص تأهيل الأطباء في التخبط الحكومي بين نظامي الزمالة والبورد المصري:
تتميز مهنة الطب بضرورة استمرارية تدريب وتأهيل والارتقاء بمستوى الطبيب طوال ممارسته للمهنة على مدى حياته كلها، خاصة وأنه لن يتمكن من مزاولة أي تخصص طبي دون الحصول على مؤهل تخصصي أعلى من شهادة التخرج، ونظرا لقلة فرص الدراسات العليا في الجامعات للحصول على مؤهلات أكاديمية مثل الماجستير والدكتوراه، لذا فقد تم إنشاء هيئة التخصصات الطبية عام 1998، وهي تابعة لوزارة الصحة ومعنية بمنح شهادة الزمالة المصرية بغرض التأهيل المهني الإكلينيكي في أكثر من 68 تخصصا طبيا دقيقا معتمدا؛ تحت إشراف علمي وفني وإكلينيكي عالي المستوى، دون تكلفة مادية أو مالية تثقل كاهل الأطباء، واستمر العمل بها باعتبارها تحقق حالة من النجاح المشهود له محليا وإقليميا ودوليا.
في عام 2016، صدر قرار تشكيل هيئة التدريب الإلزامي للأطباء، لتكون مختصة برفع كفاءة الأطباء حديثي التخرج وتقييم مستواهم العلمي، والبدء في إصدار شهادة البورد المصري بدلا من شهادة الزمالة، وهي أيضا شهادة مهنية تخصصية ولكنها تصدر من هيئة مستقلة عن وزارة الصحة ولها رسوم تدريب بدت مرتفعة وتثقل كاهل الأطباء، بالإضافة إلى قلة عدد التخصصات المتاحة ونقص أماكن التدريب، حيث تم قبول 200 طبيب فقط من دفعة قوامها عشرة آلاف طبيب.
في عام 2019 تمت العودة مرة أخرى لنظام الزمالة وعقد شراكة مع جهات عالمية، مثل جامعة هارفارد الأمريكية، والجمعية الملكية البريطانية لطب الأسرة، وصدر قرار من وزارة الصحة بضم جميع خريجي كليات الطب كل عام للدراسة تحت مسمى "طبيب مكلف متدرب بالزمالة المصرية" مع زيادة أماكن التدريب وأعداد المدربين، ورغم أنه كان قرارا صادما، إلا أن الحكومة أصرت عليه وتم التنفيذ فعلا ابتداء من دفعة 2020، وسط زخم كبير في أوساط الأطباء بين داعم ورافض للقرار.
وحتى الآن تبدو ملامح "البورد المصري" مبهمة تكاد تكون نسخة من ملامح مقرر الزمالة المصرية دون تبديل، رغم ذلك لم يتخرج طبيب واحد ولم يجرِ أي امتحان تأهيلي لمن تقدم للتسجيل فيه. ويظل الباقون من الحاصلين على الزمالة المصرية في حالة دهشة وغضب، فأي مصير بالفعل يواجهون؟! الغريب في الأمر أن الزمالة المصرية لم تتوقف واستمرت بعد توقف قصير، وأجريت الامتحانات وتخرج المتدربون يحملون شهادات تفيد بحصولهم على الدرجة العلمية والتدريب الكافي!! بينما لم يعلن البورد المصري حتى الآن عن حيثيات وجوده!
وأخيرا، ورغم كل هذا التخبط الواضح، وبالموافقة على إنشاء المجلس الصحي المصري في شباط/ فبراير 2022 الجاري، فقد تم إلغاء هيئة التخصصات الطبية وبرنامج الزمالة المصرية، وضم هيئة التدريب الإلزامي إلى المجلس الجديد، واعتماد برنامج البورد المصري كمسار وحيد لتدريب وتأهيل الأطباء، وتحديد مبلغ مالي كبير جدا بالنسبة لعموم الأطباء حديثي التخرج مقارنة بمتوسط الدخل العام لشباب الأطباء، وهذا يعني إنشاء قوة طاردة جديدة لشباب الأطباء للهروب خارج مصر، وهذا بدوره يعجل من واقع نخشاه جميعا، وهو أن تصبح مصر دولة خالية من الأطباء.
…………


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.