في جشع غير مسبوق وبلا خوف من شعب أو رقابة برلمانية أو مجتمع مدني، يواصل نظام السيسي ضرب المصريين بمقتل، كل يوم، متجاوزا العادة السنوية التي كانت تفرض الرسوم والضرائب وزيادات الأسعار في شهر يوليو من كل عام، وهو ما تحول إلى سياسة دائمة طوال أيام السنة، حيث تطالع المصريين الأخبار المفجعة بزيادات ورسوم جديدة وزيادات بالضرائب بلا رحمة ولا شفقة ، بصورة تهدد حياة الشعب الذي يعاقر الفقر والعوز يوميا. وهو ما تجدد مؤخرا بقرار وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، رقم 561 لسنة 2021 بشأن فرض رسوم إضافية على تذاكر السكة الحديد للدرجتين الأولى والثانية، والسينما والملاهي، فضلا عن الرسائل البرقية والبريدية، وذلك لمدة شهر اعتبارا من 1 ديسمبر 2021. ونص القرار على توجيه حصيلة تلك الرسوم إلى "صندوق دعم مشروعات المؤسسات والجمعيات الأهلية" التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، وفقا لأحكام قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي رقم 149 لسنة 2019، ولائحته التنفيذية الصادرة في 15 يناير 2021. ولعل نهج الوزارات في فرض رسوم جديدة على خدمات مجتمعية قد تكون بعيدة عن اختصاص تلك الوزارة لهو أمر يستحق الوقوف عنده كثيرا، إذ يفتح بابا للاسترزاق الحكومي من قبل الوزارات، لتغطية مشاريعها وبرامجها بالمخالفة للدستور، والذي ينص على تمويل تلك المشاريع من الموازنة العامة للدولة والتي تُقر في بداية العام المالي سنويا، والذي يبدأ في يوليو من كل عام. إلا أن قرار وزيرة التضامن بحكومة الانقلاب، الجديد للجباية من جيوب المصريين، قد يكون سببه قرارات السيسي العشوائية الصادر قبل شهور بوقف التعيينات والتجديدات وصرف المستحقات للموظفين ووقف الترقيات والبرامج التي تحتاج لتمويل لمدة 6 شهور بداعي توفير النفقات الحكومية ، والتي تتوافق في منطلقاتها مع السياسات الاقتصادية التي يفرضها صندوق النقد الدولي على مصر. وهي ما يعتبرها اقتصاديون كوارث اقتصادية، تفاقم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية في مصر المنكوبة بحكم العسكر. ويذهب خبراء إلى أن نهج فرض الرسوم يمكن تجاوزه بإخضاع أنشطة الجيش الاقتصادية وأنشطة غير المتعلقين بالصناعات أو الأمور العسكرية والأمنية للضرائب أو الرسوم التي يعانيها الاقتصاد المدني، ما يحقق مليارات مهدرة قادرة على إغناء عموم الشعب المصري وتحقيق وفرة مالية غير مسبوقة بمصر، خاصة وأن الجيش يسيطر على نحو 60% من اقتصاد مصر وفق تقديرات مركز كارينجي لأبحاث الشرق الأوسط وتقديرات البنك الدولي، وأيضا الكونجرس الأمريكي ، الذي بات يستغرب أعضاؤه من تقديم معونة عسكرية للجيش، رغم ثرائه واستيلائه على أغلب الأنشطة الاقتصادية بمصر، منذ الانقلاب العسكري في 2013. وقد استبقت الرسوم ، سلسلة من القرارات والسياسات الضريبية والرسوم الانتقامية من الشعب المصري، تصدرها وزير المالية ومجلس نواب الانقلاب العسكري. فقبل يومين، وافق البرلمان نهائيا على تعديل بعض أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة رقم 67 لسنة 2016، الهادف إلى فرض ضرائب جديدة على بيع المحال التجارية أو إيجارها، بواقع 1%، وعلى منتجات الصابون والمنظفات الصناعية والخدمات الإعلانية بقيمة 14%، فضلا عن إخضاع تعاملات التجارة الإلكترونية للضريبة بنسبة 14%. ووافق بصورة مبدئية على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون ضريبة الدمغة رقم 111 لسنة 1980، وقانون فرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة رقم 147 لسنة 1984، وقانون فرض ضريبة مقابل دخول المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي رقم 74 لسنة 1999، الذي يفرض المزيد من الضرائب والرسوم، في وقت يئن فيه الشعب تحت وطأة الغلاء، وارتفاع معدلات التضخم من جراء الزيادة المستمرة في الأسعار. وفرض المشروع رسما جديدا بواقع 10% من قيمة الفاتورة للأغراض الجمركية لعدد 35 سلعة، وأهمها الأسماك الواردة ببند التعريفة الجمركية، والفواكه الطازجة والمجففة والبن المحمص والشوكولاتة والعطور ومستحضرات التجميل وطواحين وخلاطات المأكولات ومجففات الشعر وسماعات الرأس والأذن وساعات اليد والتروسيكلات والأسكوترات ولعب الأطفال وقداحات السجائر. هذا بالإضافة إلى رسم بقيمة 100 جنيه عند مغادرة الأراضي المصرية، و50 جنيها للأجانب القادمين لغرض السياحة إلى محافظاتالبحر الأحمر وجنوب سيناء والأقصر وأسوان ومطروح. وقبل ذلك، فاقم السيسي ونظامه معاناة عموم المصريين بزيادات أسعار الكهرباء والمياه والغاز ورفع أسعار الوقود والطاقة للاستخدام المنزلي وللصناعة، ما زاد من تكاليف الحياة والمعيشة، بصورة كبيرة أضافت ملايين المصريين لدائرة الفقر التي تبتلع أكثر من 65% من الشعب أكثر من 80% ضمن الفقر المدقع والذي لا يستطيعون معه حتى توفير الغذاء لأنفسهم، وهو ما يرتد سلبا على المجتمع المصري بتزايد جرائم الانتحار والقتل ، وهو ما تابعه المصريون في قتل أحد المهندسين لزوجته ثم انتحاره بمنطقة شبرا بالقليوبية، مؤخرا، وهو ما يتكرر بصورة يومية في أحياء مصر وميادينها أثر الفقر والعوز. وهو ما يكشف عن مدى ما يعانيه المصريون اليوم وغدا في ظل حكم قمعي يعتمد على الجباية ويحابي الأغنياء على حساب الفقراء، متوسعا في الرفاهيات وبناء القصور للأغنياء ومن يملك المال، في منتجعات العاصمة الإدارية والجلالة والعلمين الجديدة، وفي طائرات الرفاهية الرئاسية "ملكة السماء"، وفي المواكب التي تكلف ميزانية الدولة المليارات، فيما يأكل الشعب من القمامة وهياكل الدواجن وبقايا المطاعم.