أكد مراقبون أن اختبار تعاطى المخدرات لموظفى الحكومة ليس الهدف منه مكافحة المخدرات وعلاج المدمنين والتخلص من هذه الآفة المنتشرة خاصة بين الشباب فى مصر بما يهيئ المناخ لبيئة عملة منتجة أو تقديم خدمة بأسلوب راق وآدمى، وإنما التخلص من آلاف الموظفين تحت شعار مكافحة الإدمان؛ وذلك خضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولى الرامية لتقليص أعداد العاملين بالجهاز الإدارى للدولة. ويشير المراقبون إلى أن ما يدعم تلك الرؤية أن نظام الانقلاب فى القانون رقم 73 لسنة 2021 يقرر فصل متعاطى المخدرات فى حين لا يعاقب مدمن الخمور والكحوليات رغم أن الأخيرة أسوأ. وكانت حكومة الانقلاب قررت بدء سريان القانون رقم 73 لسنة 2021 الذي أصدره عبدالفتاح السيسي، مؤخرا بعد إقراره من مجلس نواب العسكر والذي تضمن فصل الموظفين المدمنين للمُخدرات خلال منتصف شهر يناير عام 2022 .
قانون السيسي فى هذا السياق، كشف مصدر مسئول بحكومة الانقلاب أن قانون فصل الموظفين المدمنين سيدخل حيز النفاذ يوم 16 يناير 2022م. وقال المصدر إن نظام الانقلاب قرر تأخير تطبيق القانون لمدة 6 أشهر بعد إقراره لإعطاء فرصة للموظفين المدمنين لتلقي العلاج، موضحاً أن فترة العلاج لا تتجاوز 3 أشهر، وأن تلك الفترة كافية لتلقي العلاج وفق تعبيره. وأشار إلى أن الموظف المدمن يمكنه اللجوء إلى مستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، التابعة لوزارة صحة الانقلاب، لتلقى العلاج. وأوضح المصدر، أنه في حالة كون دخل الموظف بسيط؛ يُمكنه التواصل مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، والتقدم بطلب العلاج المجاني زاعما أن الموظف الذي يتقدم للعلاج في المستشفيات يُعامل باعتباره «مريض» وليس «مجرم». وقال الدكتور حمدى عرفة، الأستاذ بكلية الإدارة بالجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا: إن قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 نص على الآتى: تنتهى خدمة الموظف لعدم اللياقة للخدمة صحياً وذلك بقرار من المجلس الطبى المختص. وأضاف «عرفة» فى تصريحات صحفية، أن اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية تنص فى المادة 177 على أنه: إذا ثبت عدم لياقة الموظف للخدمة صحياً بقرار من المجلس الطبى المختص, يتعين على إدارة الموارد البشرية أن تعرض الأمر على السلطة المختصة أو من تفوضه لإصدار قرار بإنهاء خدمته, ولا يجوز للسلطة المختصة إنهاء خدمة الموظف لعدم اللياقة الصحية قبل نفاد إجازاته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب إنهاء خدمته دون انتظار انتهاء إجازاته. وأشار إلى أن عدد الموظفين متعاطي للمخدرات طبقاً للعينة المجتمعية التى تم أخذها هى 8% جاءت المنيا فى المركز الأول فى التدخين بنسبة 51.8%، وجاءت محافظة البحر الأحمر فى المركز الأول فى تناول الكحوليات بنسبة 5.4%، وفى تعاطى المواد المخدرة، احتلت سوهاج الترتيب الأول بنسبة 12.2%، وجاءت النسبة العامة فى المحافظات كما يلى: نسبة التدخين 27.9%، ونسبة تعاطى المخدرات 5.9%، ونسبة الإدمان 2.3%. وأوضح عرفة أنه من بين 4.8 مليون موظف يعملون فى الجهاز الإدارى للدولة فإن شريحة السائقين والعمال بالمؤسسات والهيئات والمديريات التابعة للوزارات والمصالح الحكومية فى المحافظات هم أعلى نسبة المتعاطين وتم اجراء الكشف على 262 ألف موظف ويعد الحشيش والترامادول أبرز مواد التعاطى للموظفين، لافتا إلى أنه يتم إحالة الموظف الذى يثبت تعاطيه للمواد المخدرة إلى النيابة الإدارية لاتخاذ الإجراءات القانونية ضده وتصل العقوبات إلى الفصل من العمل. وكشف «عرفة» أن هناك 16 ألف موظف تقدموا بأنفسهم للعلاج مجانا من خلال الخط الساخن، موضحا أنه يتم إجراء تحليل المخدرات على الموظفين فى الجهاز الإدارى للدولة بصورة مفاجئة، ويكون التحليل فى هذه الحالة استدلالياً، وذلك بالحصول على عينة التحليل من العامل وإجراء التحليل فى حضوره، وفى حالة إيجابية العينة، يتم تحريزها، وإيقاف العامل بقوة القانون عن العمل.
خمور بدل المخدرات وكشف الدكتور عماد الفقي، أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة السادات، أن قانون فصل الموظف متعاطي المخدرات من الخدمة يضيف شرطا جديدا لتولي الوظائف العامة أو الاستمرار فيها، متعلق بألا يكون المتقدم للوظيفة العامة أو من يشغلها متعاطيا للمواد المخدرة، وإذا ثبت من خلال التحليل الفجائي أو التوكيدي أن العينة التي أخذت من أيهما سواء المتقدم أو الموظف المستمر إيجابية لا يقبل المتقدم الأول في التعيين في الوظيفة والثاني يفصل من وظيفته. وأعرب الفقي في تصريحات صحفية، عن اندهاشه من أن القانون تحدث عن المخدرات فقط وليس المسكرات؛ وبالتالي الموظف الذي يتناول المسكرات لا يفصل من وظيفته، بينما يتم فصل الموظف الذي يتعاطي المخدرات رغم تشابه تأثير كلا منهما والآثار السلبية في جزئية غياب الوعي بل المسكرات في بعض الأحوال أشد تأثيرا من المخدرات. وطالب بعلاج من تثبت إيجابية عينته من الموظفين سواء المخدرات أو المسكرات، وأن تتكفل دولة العسكر بعلاجه بدلا من فصله وتهيئته نفسيا وصحيا وإعادة دمجه اجتماعيا مرة أخرى ليعود شخص غير متناول للمخدرات، مع صرف راتبه الشهري، حتى لا يلجأ الموظف المتعاطي أو المدمن إلى الإجرام لاسيما لو كان يعول أسرة. وقال الفقى: ممكن الموظف المدمن يبطل المخدرات ويلجأ للمسكرات، وبالتالي فان القانون الانقلابى يروج بشكل غير مباشر لتعاطي المسكرات بديلا عن تعاطي المخدرات. وأشار إلى أنه لا يمانع فى الشق المتعلق بألا يكون المتقدم لشغل وظيفة عامة متعاطيا للمخدرات، أما فيما يتعلق بالموظفين العموميين بالفعل من يشغل وظيفة عامة المسألة تحتاج لتمهل وإعادة نظر في مواطن كثيرة أولا فيما يتعلق بالموظف وأخذ العينة منه جبرا عنه. وأكد الفقي أن هناك أحكام قضائية أصدرت أحكاما بالبراءة لعدد من سائقي المركبات أخذت منهم العينة طبقا للمادة 66 من قانون المرور التي كانت تبيح أخذ العينة جبرا، وبسبب عدم وجود حالة التلبس بالجريمة وهي تعاطي المخدرات وأيدت ذلك محكمة النقض حيث قالت: إن الحصول على العينة جبرا من المواطن يشكل مخالفة للدستور والقانون والاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان.