عجز الموازنة العامة لدولة العسكر أزمة أبدية فهى دائما تعانى من العجز رغم تعاقُب الحكومات وتغيّر المسئولين لكن مادام الرأس فاسدا فمن الطبيعى أن يستمر هذا العجز ويتواصل هذا الفشل فى علاجه بالرغم من زعْم السفيه المنقلب المدعو عبد الفتاح السيسى أن مصر ستكون فى مقدمة دول العالم رافعا شعاره الأعرج "بكره تشوفوا مصر". حكومات الانقلاب تقدم حلولا على الورق فقط وتصدر تصريحات رنانة من وقت لآخر عن نجاحها فى كل المجالات.. فهى تعلن زيادة الإنفاق وفى نفس الوقت زيادة الإيرادات وزيادة الانتاج وزيادة الصادرات وزيادة الاحتياطى الأجنبى وتحقيق إنجازات لم تتحقق منذ خمسين عاما، لكن الواقع يكذّب هذه التصريحات ويشير إلى أن عجز الموازنة مستمر بجانب تزايد القروض والديون وتراجع الإنتاج والصادرات وعدم تحقيق أى إنجازات. هذا الواقع الأليم كشف عنه محمد معيط وزير مالية الانقلاب وقال إن موازنة دولة العسكر فقدت 220 مليار جنيه من إيراداتها، خلال الربع الأخير من العام المالي الماضي. وزعم معيط فى تصريحات صحفية أن دولة العسكر أنفقت 65 مليار جنيه حتى نهاية يونيو من الحزمة البالغة 100 مليار جنيه المخصصة لمواجهة فيروس كورونا، في الربع الأخير من السنة المالية 2019-2020 المنتهية في 30 يونيو الماضي. كما زعم أن دولة العسكر تستهدف خفض العجز في الموازنة العامة إلى 7.5% في العام المالي 2020-2021، من 7.9% في العام المالي السابق وتستهدف فائضا أوليا 0.5%، متوقعا أن تنخفض تكلفة خدمة الدين إلى 540 مليار جنيه من 570 مليار جنيه في العام المالي الماضي وفق تعبيره. حلول ورقية تصريحات معيط ردت عليها دراسة للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية تحت عنوان «البيان المالى للموازنة العامة للدولة: إجراءات تقشفية لمواجهة أزمة على حساب العدالة الاجتماعية» حيث أكدت الدراسة أن خفض العجز في الموازنة بما لا يتجاوز 10% من الناتج المحلي الإجمالي يفتقر إلى رؤية اقتصادية وإلى إجراءات اقتصادية تحد من تأثيره السلبي أو تؤدي لمراجعة جادة لهيكل الإنفاق العام الذى ينتج عجزًا مستمرًا، أو رؤية متكاملة للتعامل مع المشكلات الهيكلية للاقتصاد القومي ككل. وحول لجوء مالية الانقلاب، إلى طرح أذون خزانة لسد العجز فى الموازنة لدرجة أنها طرحت أذونا بنحو20.2 مليار جنيه فى يوم واحد لأول مرة فى تاريخ مصر، قال عز الدين حسانين خبير اقتصادى ومصرفي، إن خطة دولة العسكر للاقتراض من أجل تمويل عجز الموازنة تمثل أزمة كبيرة، موضحا أن حصولها على هذا المبلغ بطرحه خلال يوم أو عدة أيام يتوقف على مدى تغطية البنوك لهذه القيمةن ولما كانت السيولة متوفرة فى البنوك فى هذا الوقت فإن طرح هذه القيمة فى يوم واحد ليس له أى تداعيات. وأضاف حسانين فى تصريحات صحفية أن اقتراب الدين المحلى من الناتج المحلى الإجمالى لدولة غير مصنعة أو مصدرة وتعانى نقص الدولار يشير إلى أن اقتصادها يسير نحو الأسوأ، فهناك دول مثل اليابان يبلغ الدين العام 212% من الناتج المحلى الإجمالى لكنها لديها موارد دولارية وقاعدة صناعية كبيرة وصادرات بقيم مرتفعة ودائنة لصندوق النقد الدولى وأمريكا، وأيضا الدين المحلى الإجمالى لأمريكا يقدر بنحو 120% من الناتج المحلى لها لكنها أيضًا أكبر دولة صناعية وتستطيع سداد ديونها، فالدين العام يقاس خطورته بقوة الدولة الاقتصادية وليس بقيمة الناتج المحلى فقط. وأشار إلى أن مصر دولة ضعيفة اقتصاديًا ووصول الدين المحلى لأكثر من 100% من الناتج المحلى الإجمالي، وهى ليست دولة صناعية أو دولارية وليس لها قواعد استثمارية فى الخارج وتعانى من انخفاض العملة المحلية تجعلها مقبلة على مشكلات اقتصادية كبيرة، مع ارتفاع فى الدين وفوائده واستمرار عجز الموازنة مما يخلق اضطرابًا داخليًا. وتوقع حسانين فى ظل عدم وجود حلول من شأنها خفض الاستيراد وزيادة الصادرات مع زيادة الإنفاق العام وزيادة الإنتاج أن يرتفع الدين المحلى الاجمالى إلى 150%من الناتج المحلى. وحمّل ما يسمى بالمجموعة الاقتصادية فى حكومة الانقلاب مسئولية الكوارث الاقتصادية وتفاقم الأزمات الحالية واستمرارها، لكونها من صميم عملها وضْع حلول لزيادة إيرادات الدولة وخفض عجز الموازنة وميزان المدفوعات ومعدل التضخم. وتابع حسانين: حكومة الانقلاب لديها حلول لكل الأزمات لكنها حلول ورقية وغير منطقية وغير قابلة للتطبيق، خاصة وأنهم يستهدفون خفض عجز الموازنة بنحو 9% دون وضع آليات لتنفيذ هذا الخفض، فى ظل تراخٍ كبير من وزارة الاستثمار وعجزها عن إقرار قانون الاستثمار حتى الآن، أو حتى وضع حوافز للاستثمار المحلى أو إعادة هيكلة لقطاع الأعمال. وأكد أن حكومة الانقلاب عاجزة عن مجرد توقُّع حجم الإيرادات فى ظل وجود نحو 250 مليار جنيه تهربا ضريبيا ونحو30 مليار جنيه تهربا جمركيا وفى ظل زيادة الإنفاق. محذرا من أن عدم وجود رؤية جادة فى التطبيق واستثمارات حكومية على الواقع وخطط اقتصادية من شأنها خفض الدين العام فإن مصر ستكون مقبلة على نفق مظلم فى ظل تباطؤ اقتصادى عالمي. مؤشرات سالبة وأكد الدكتور شريف مختار، خبير اقتصادي، أن مصر تمر بأزمة اقتصادية على مستوى كل القطاعات، مشيرا إلى أننا نحتاج إلى زيادة الإنتاج لأنه أقل من النمو السكاني، مما يزيد عجز الموازنة العامة وميزان المدفوعات، وكلها مؤشرات سالبة تجهد الاقتصاد المصري وتضعنا في أزمة، وقال مختار فى تصريحات صحفية إن هذه المشكلة لا تحل إلا بمنظومة الإنتاج وكفاءته، خاصة أن مجال السياحة تراجع دخله مؤخرا إلى أقل من 13 مليار دولار. وقال المحلل الاقتصادي السيد الغضان، إن وزارة مالية الانقلاب قد تستطيع خفض العجز في الموازنة العامة للعام القادم فقط عند زيادة الضرائب والرسوم، وخفض الدعم وفقا لتوصيات صندوق النقد الدولي. وحذر "الغضبان" فى تصريحات صحفية من أن المواطن البسيط هو الذي يتحمل الزيادة في الضرائب لكونه المستهلك النهائي للسلع والخدمات المحملة بتلك الزيادات. وأوضح أن الدول التي تسعى لخفض معدلات العجز تحقق ذلك من وفورات وعائدات الناتج المحلي للدولة، إلى جانب أدوات أخرى، مثل زيادة الصادرات المحلية، والاستثمار الأجنبي المباشر وغيرهما، وليس بزيادة الجبايات. وأضاف "الغضبان": قد تستطيع حكومة الانقلاب خفض العجز ولكنه مصحوب بمزيد من التقشف والضغط على فئات أصبحت غير قادرة على تحمل سياسات مالية واقتصادية غير مدروسة. أزمة مستمرة وقال الدكتور حمدي عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الادارية سابقا، إن الأزمة الاقتصادية مستمرة، مشيرا إلى أن الأسعار أصبحت مرتفعة، وزادت نسبة البطالة، ومعدل التضخم ارتفع إلى نحو 12 في المائة. وأضاف عبد العظيم فى تصريحات صحفية: عجز الموازنة العامة والديون زادت نتيجة القروض والودائع التي تأتي من الدول العربية، وسعر الصرف أو الجنيه تراجع مقابل العملة الأجنبية. وأشار إلى أن الاستثمار الأجنبي منخفض، وكذلك قطاع السياحة مما أثر على إيرادات مصر من السياحة.