أكد وزير الخارجية المكلف في الحكومة السودانية، عمر قمر الدين، أن الخرطوم جزء أصيل في ملف سد النهضة، وليس وسيطا. وقال قمر الدين في مقابلة مع قناة “فرنسا 24” ردا على سؤال عما إذا كانت بلاده تنسق مع القاهرة “لا ننسق مع أي أحد إلا بمقدار مصالح السودان، فالسودان ليس وسيطا أو متفرجا، بل جزءٌ أصيلٌ من ملف سد النهضة”. وأضاف “نحن نناقش ونحاور ونتفاوض في هذا الملف لأن للسودان مصالح، ونحن نفاوض من أجل مصالحنا فقط في سد النهضة أو أي مسألة أخرى”. وزاد “السودان جزء أصيل من ملف سد النهضة، وليس لنا مصلحة في التعامل مع مصر أو إثيوبيا على انفراد، فالسودان ليس وكيلا لمصر أو إثيوبيا”. حظر الطيران فى شأن ذي صلة، حظرت إثيوبيا الطيران فوق سد جديد ضخم لتوليد الكهرباء على النيل الأزرق لاعتبارات أمنية، وذلك في الوقت الذي تعهدت رئيسة البلاد بأن يبدأ السد في توليد الكهرباء خلال ال 12 شهرا المقبلة. ولم توضح هيئة الطيران المدني، في القرار المعلن عنه الاثنين الماضي، مزيدا من التفاصيل عن أسباب الحظر، واكتفى رئيس الهيئة بالقول: "حظر مرور جميع رحلات الطيران لتأمين السد". لكن هذا القرار يأتي بعد أسبوع من قول الميجر جنرال يلما ميرداسا قائد القوات الجوية إن إثيوبيا مستعدة تماما للدفاع عن السد من أي هجوم. وتقول كارولين روز، باحثة فى الشأن الأفريقى، إن هذا التوتر الإثيوبي، يعكس مخاوف من شن مصر ضربات على السد أو محاولة التلاعب بأعمال البناء والتعبئة الجارية. حل عسكري وعلى الجانب الآخر، فسر الخبير الأمني، سمير راغب، رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية، القلق الإثيوبي بمحاولة أديس أبابا إرسال رسائل للداخل والخارج تتعلق بتعرضها لتهديد عسكري من القاهرة رغم عدم صدور أي تصريح مباشر أو ضمني لمسؤول مصري بشأن ذلك. ويضيف الخبير الأمني إن العمل العسكري لن يحل الأزمة، حيث يمكن إعادة بناء السد، "لكن ما بين هدمه وبنائه لن يتفرج العالم على دولة تعتدي على أخرى عضو بالأممالمتحدة، وبالتالي سيتخذ مجلس الأمن قرارا ضد الدولة المعتدية". وبحسب، رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية، فإنه في حالة شن ضربة جوية للسد، فإن مصر لن تواجه إثيوبيا فقط، بل جميع الدول والمؤسسات الدولية التي ساندتها في بنائه. إخفاقات مستمرة وأخفقت إثيوبيا ومصر والسودان في التوصل لاتفاق بشأن عمل سد النهضة، قبل بدء إثيوبيا إنجاز عامها الأول ملء الخزان الواقع خلف السد في يوليو الماضي، بفضل سقوط المطر في المنطقة. ونتيجة لهذا القرار الإثيوبي الأحادي ببدء ملء السد قبل التوصل لاتفاق، قررت الولاياتالمتحدة، الشهر الماضي، خفض 100 مليون دولار من المساعدات. وفي أكتوبر 2019، وبعد انفراجة في المحادثات بين القاهرةوأديس أباباوالخرطوم، نقلت وكالات أنباء تعليق رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على أزمة سد النهضة مع مصر، خلال جلسة برلمانية بقوله: "مستعدون لحشد مليون شخص للحرب"، الأمر الذي أثار غضب القاهرة. وفي مارس الماضي، قال رئيس الأركان الإثيوبي آدم محمد إن الجيش مستعد للتصدي لأي هجوم عسكري يستهدف سد النهضة، وللرد على مصدر الهجمات بالمثل. وفي كلمة أمام البرلمان، هذا الأسبوع، قالت رئيسة إثيوبيا سهلورق زودي إن "هذا العام سيكون العام الذي يبدأ فيه سد النهضة الإثيوبي العظيم في توليد الكهرباء من توربينين". وأضافت أن العمل يجري للقيام بثاني عملية ملء للسد خلال ال12 شهرا المقبلة. وأمام الأممالمتحدة، قال أبي أحمد، الشهر الماضي، إن بلاده "ليس لديها نية" الإضرار بالسودان ومصر بهذا السد، وذلك بعد أيام من تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مخاوفه من هذا المشروع. ويقع السد على بعد 15 كيلومترا من الحدود مع السودان على النيل الأزرق، أحد أفرع نهر النيل الذي يمد المصريين البالغ عددهم نحو مئة مليون نسمة، بتسعين في المئة من احتياجاتهم من المياه العذبة. استراتيجية حافة الهاوية وترى الباحثة كارولين روز أن مصر ستطبق سياسة مماثلة لما طبقته في ليبيا مؤخرا، حيث هددت بالتدخل العسكري إذا تجاوزت القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا خط "سرت – الجفرة" الأمر الذي أعقبه وقف لإطلاق النار، والتشاور بين أطراف النزاع. وقالت: "أعتقد أننا سنرى سيناريو مماثلا يحدث في حوض النيل كما رأينا في ليبيا، حيث ستواصل مصر التهديد بالتعزيزات العسكرية أو العمل بها كأداة للضغط، لكنها ستتراجع في النهاية". وأضافت "مع اكتمال بناء السد بحوالي الثلثين، وافقت مصر على سد النهضة باعتباره أمرا واقعا، وحاولت التأثير على الجدول الزمني لملء المشروع وتشغيله. من خلال استراتيجية حافة الهاوية، تهدف القاهرة إلى التهديد بالعمل العسكري كوسيلة لإكراه إثيوبيا على تبني بعض مطالبها في ظل ظروف الجفاف مع تجنب المواجهة". ويقصد باستراتيجية "حافة الهاوية" تحقيق مكاسب عن طريق تصعيد أزمة ما دوليا، ودفعها إلى حافة الحرب، بصورة خاصة، مع إيهام الخصم أنك تأبى التنازل أو الرضوخ ولو أدى بك ذلك إلى اجتياز الحافة الخطرة.