"فوضت نفسي بنفسي وأنا قبلت بنفسي!!".. هكذا وفي انقلاب تلفزيوني إماراتي احترقت ورقة الدمية خليفة حفتر في ليبيا، وعلى طريقة انقلاب جنرال اسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، ودون الاستناد لشرعية نصّب نفسه على رأس ليبيا جاء ذلك في بيان متلفز، بثته قناة "ليبيا الحدث" التي يملكها نجله صدام حفتر، بعد أيام من دعوة وجهها حفتر للشعب الليبي لتفويض المؤسسة التي يراها لإدارة البلاد. وقال حفتر، في خطاب مكتوب بقلم شيطان العرب في أبو ظبي، محمد بن زايد: "تابعنا استجابتكم لدعوتنا لكم بإعلان إسقاط الاتفاق السياسي المشبوه وتفويض من ترونه أهلاً لقيادة هذه المرحلة". وأضاف: "وفي الوقت الذي نعبر فيه عن اعتزازنا بتفويض القيادة العامة لهذه المهمة التاريخية في هذه الظروف الاستنائية، وإيقاف العمل بالاتفاق السياسي، ليصبح جزءًا من الماضي، بقرار من الشعب الليبي مصدر السلطات"، على حد قوله. لواء المرتزقة..! وأعلن الانقلابي حفتر تولي القوة العسكرية التي يرأسها وتتكون من ميليشيات من عدة دول قيادة ليبيا، استجابة لما زعم أنها مطالب الشعب الليبي بتفويضه لقيادة المرحلة. وحاول بعضهم في قمة باليرمو الإيطالية قبل عامين تهميش الدور التركي ومنع أنقرة من حماية مصالحها في ليبيا وشمال إفريقيا وشرق المتوسط، فقررت الرد بتغيير جذري في سياسة واستراتيجية التعامل مع كل هذه الملفات. هم يتهمون تركيا بالتدخل في شؤون ليبيا الداخلية، ولكن لا أحد يريد أن يتحدث عن حجم الدعم الذي يقدّم لميلشيات الخراب التي يقودها خليفة حفتر على المستويات العسكرية والمالية والسياسية من عواصم الخراب العربية والغربية. يطالب البعض تركيا بالتوقف عن دعم حكومة شرعية معترف بها دوليا في ليبيا لكنه يتغاضى عن تقارير نشرتها الأممالمتحدة منذ فبراير من العام 2018 تتحدث عن وجود مرتزقة تشادية وسودانية ونيجرية وروسية تقاتل الى جانب حفتر، غير إرسال السماسرة إلى دمشق والخرطوم للبحث عن المزيد من المقاتلين المراد إرسالهم إلى الغرب الليبي. ويأتي انقلاب حفتر هذا، بعد 48 ساعةً على انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن -المدعوم إماراتيًّا- على اتفاق الرياض، وطلب من مؤيديه على طريقة السفيه السيسي بالنزول للشوارع، من أجل تفويض قواته بإدارة البلاد، وإسقاط الاتفاق السياسي الليبي وهو ما عاد بردود فعل متباينة محليًّا ودوليا، أثارات تساؤلات عن أهداف الجنرال من هذه الخطوة، وما إذا كانت تؤكد فشله عسكريا في حسم المعركة والسيطرة. ووصف “حفتر”، في كلمته المتلفزة التي رصدتها (الحرية والعدالة)، اتفاق الصخيرات ب”المشبوه والمدمر” زاعمًا أنه “قاد ليبيا إلى منزلقات خطيرة”، ومن ناحيته، قال الكاتب الصحفي ياسر الزعاترة: “حفتر يعلن قبوله “تفويض” الشعب الليبي لإدارة البلاد!! هذا ما قاله قبل قليل. كان في حاجة إلى مظاهرة كبيرة، مع الاستعانة بمخرج يجعلها 10 أضعاف!!! القذافي الصغير (تلميذ ال”CIA”) يلهث لأجل حلم طال انتظاره!! هي مرحلة بائسة لا بد أن تنجلي؛ ومعها رموزها. هذه أمّة تستحق حياة أفضل”. اما المحامي والخبير في القانون الدولي محمود رفعت فقال: “اقدام حفتر على إلغاء اتفاق الصخيرات خطوة شديدة الخطورة الإجرامية ستؤجج نار الحرب في ليبيا.. اللعب الان على المكشوف، والحل الأنجز وربما الوحيد محاصرة حفتر وتجريمه دوليا وعدم انتظار الدول الأوروبية أن تقوم بذلك من تلقاء نفسها فمنها من يسلحه وقد تعترف به لو تأخرت طرابلس”. السقوط السريع أعلنت قوات حكومة الوفاق الوطني ملاحقة فلول قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الهاربة بعد السيطرة الكاملة على مدن مختلفة في الساحل الغربي، وأفادت القوات الحكومية بأنها سيطرت على مدن صبراتة وصرمان والعجيلات وزلطن والجميل ورقدالين، بعد طرد قوات حفتر منها. وأكدت غرفة العمليات المشتركة برئاسة الأركان العامة في حكومة الوفاق أن الهدف من العملية العسكرية طرد المجرمين وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، محذرة من "استغلال تضحيات الأبطال للقيام بأي أفعال انتقامية". وأكد المتحدث باسم الجيش الليبي محمد قنونو أن قوات الوفاق تواصل تقدمها وفق الخطة التي أعدتها غرفة العمليات في إطار عملية "عاصفة السلام"، ردًّا على القصف المتكرر لإحياء العاصمة طرابلس و"تأديبا لمليشيات المرتزقة"، وأظهرت صور وفيديوهات نشرت على منصات التواصل الاجتماعي كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والعربات المسلحة -بينها مدرعات إماراتية- حصلت عليها قوات حكومة الوفاق أثناء سيطرتها على مدينة صبراتة غربي ليبيا. وقال وكيل وزارة الدفاع بحكومة الوفاق صلاح النمروش إن عملية السيطرة على مدن في الغرب الليبي لم تكن مفاجئة، وإنما خطط لها مسبقا وتم اختيار التوقيت المناسب لتنفيذها بحرفية عالية من قبل الجيش الليبي والوحدات المساندة له. وأضاف النمروش: "وجدنا كميات كبيرة جدا من الذخائر والأسلحة والآليات التي تثبت الدعم اللامحدود المقدم لمجرم الحرب حفتر من بعض الدول المساندة لجرائمه". واعتبر النمروش أن من أسباب السقوط السريع لمسلحي حفتر في المناطق الغربية هو إرادة الليبيين الذين يرفضون حكم العسكر الدكتاتوري ويريدون العيش بحرية وديمقراطية في دولة مدنية. وأثنى على ترحيب أهالي مدن صرمان وصبراتة وزلطن والعجيلات ورقدالين والجميل والعسة، مشيرا إلى أن وزارة الدفاع ستكلف فورا إحدى الوحدات العسكرية بحكومة الوفاق لتأمين المناطق عبر الدوريات الأمنية والعسكرية والقبض على جميع المجرمين وتقديمهم للعدالة. الباب مشرع ورغم إعلان جنرال الخراب خليفة حفتر صبي "الCIA" التزامه بالهدنة المعلنة في مارس الماضي، فقد راهن هو وداعموه الإقليميون على فرصة استغلال انشغال العالم بجائحة كورونا لاختراق أبواب العاصمة الليبية والسيطرة عليها، رد قوات حكومة الوفاق كان موجعا والدليل محاولة رمي الكرة في ملعب تركيا وبعض الدول الأفريقية. المؤكد هو أن هزيمة مجموعات حفتر في المعارك الأخيرة غرب ليبيا سببها غياب الحجة القانونية والسياسية والشعبية في صفوف الليبيين التي كان البعض يروج لها لتعطيه حق محاصرة العاصمة واستهداف المدنيين هناك بالقذائف والصواريخ. تحولت العنتريات والتحديات في بعض وسائل الإعلام المساندة لحفتر حول أن القوات التركية الموجودة في ليبيا ستخرج مهزومة في صراع النفوذ هناك، إلى صم بكم بين خياري الصمت والتجاهل أو الحديث عن "الدواعش والمرتزقة السوريين الذين بعثهم أردوغان إلى ليبيا لمحاصرة أهل ترهونة". بين آخر المعلومات التي كشف المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب" النقاب عنها والتي ستتفاعل إقليميا ودوليا سقوط قتلى في صفوف قوات حكومة الوفاق نتيجة استخدام ميليشيات حفتر لغاز الأعصاب المحرم دوليا في عملياتها القتالية على محاور جنوبطرابلس. أنقرة ستستجيب لطلبات حكومة الوفاق والقوات المتحالفة معها بأسلحة هجومية متطوّرة، ومدفعية ثقيلة، بقدر ما يقدم بعض العواصم من دعم في السلاح والخبرات والتدخل المباشر إلى جانب حفتر، والواضح من خلال الرسائل والمواقف التركية الأخيرة أن أنقرة ستزيد من دعمها للحكومة الليبية، بحسب زيادة الآخرين من دعمهم للخارجين على الشرعية وتصعيدهم ضد الشعب الليبي. التساؤل الأهم بالنسبة للكثيرين كان حول احتمال حدوث التدخل الجوي العسكري التركي المباشر في معارك غرب ليبيا فجاءت الإجابة من خلال ترك الباب مشرعا أمام طلبات حكومة الوفاق واحتياجاتها عند الضرورة مع العلم أن الأمور تحت السيطرة اليوم.