في تطورات متلاحقة للمشهد السياسي، وفي إطار المناكفة السياسية والمكايدات على طريقة “كيد النسا” التي تحرك قائد الانقلاب العسكري، المدفوعة بأهداف إماراتية تشترط على السيسي تغطية مشروعها الاستثماري في الأراضي الليبية بقوات مصرية، ردًّا على المواقف التركية الثابتة ضد المشروع الإماراتي المصري في فرض الاستبداد السياسي والكبت والقهر على شعوب المنطقة، سواء في مصر أو قطر أو ليبيا أو تونس أو المغرب أو السودان أو موريتانيا أو غيرها من دول المنطقة، والتي تصب في دائرة الفعل الصهيونية الهادفة إلى علمنة المنطقة العربية والإسلامية؛ من أجل استقرار مشروعها الاستيطاني في المنطقة، جاءت تصريحات السيسي متصاعدة ضد الحكومة الليبية المنتخبة، والتي مارست حقوقها السيادية في توقيع اتفاقية مع تركيا للاستثمار وليس للحرب، كما يفعل السيسي مع المنقلب حفتر. استدعاء “زكي” اليوم، أشارت مصادر صحفية إلى أن السيسي استدعى وزير الدفاع بعد تصريحاته عن التدخل في ليبيا. وجاء استدعاء السيسي لوزير دفاعه الفريق أول محمد زكي للقائه في قصر الاتحادية الرئاسي، كرسالة موجهة للأتراك والليبيين بأن تصريحات السيسي ليست للاستهلاك الإعلامي أو التخويف، كما يفعل حفتر منذ فترة مع حكومة طرابلس، عبر إعلانات عديدة عن اقتراب ساعة الصفر لحسم معركة طرابلس. ومؤخرًا وصف السيسي حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليا، بأنها “أسيرة لمليشيات”، مؤكدا أن بلاده أعرضت عن التدخل بشكل مباشر في ليبيا رغم تهديد الوضع هناك لأمنها القومي. من جهتها استنكرت حكومة الوفاق تصريحات السيسي، مشددة على رفضها لأي تهديد يمس السيادة الوطنية. وأعرب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، في بيان له اليوم الاثنين، عن “استغرابه الشديد من تصريحات السيسي حول ما وصفه بغياب الإرادة الحرة للحكومة، ووقوعها أسيرة للتشكيلات المسلحة والإرهابية، والتلويح بقدرته على التدخل المباشر في ليبيا”. وطالبت الحكومة “مصر بمراجعة موقفها من الأزمة الليبية، ولعب دور إيجابي يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين ويسعى لتطويرها واستمرارها”. زيارة حفتر وكانت مصادر مصرية وأخرى ليبية محسوبة على “معسكر شرق ليبيا” قد كشفت عن قيام الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، المدعوم من مصر والإمارات، بزيارة سريعة للقاهرة، السبت الماضي، تعد الثانية في غضون أيام قليلة، ل”بحث التطورات الميدانية والسياسية”، التقى خلالها مسئولين رفيعي المستوى. وساندت القاهرة مؤخرا سلطات الجنرال الليبي “خليفة حفتر” في رفضها للاتفاق البحري الموقع بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني بشأن الحدود البحرية، بزعم تجاوزه لصلاحيات حكومة الوفاق، والتي نص عليها اتفاق الصخيرات. والخميس الماضي، وبعد 8 أشهر من فشل قواته في اقتحام العاصمة الليبية، أعلن “حفتر” عن بدء “المعركة الحاسمة” للتقدم نحو قلب طرابلس، دون حدوث أي جديد على الأرض. فيما استمر، خلال اليومين الماضيين، إعلان القبائل وبلدات ليبيا عن دعمها لطرابلس في معركتها مع المنقلب حفتر. ويخشى مراقبون مصريون من مغامرة السيسي بالجيش المصري في المستنقع الليبي، ودخوله في حرب برية مع الليبيين لتمكين حليفه المنقلب من السيطرة على غرب ليبيا، وإنهاء حكومة الوفاق المعترف بها دوليًّا. وسط تسريبات عن اتفاقات سرية، خولت بموجبها أمريكا السيسي وروسيا لحسم الأمر في ليبيا لصالح المنقلب الذي يجيد التعامل مع الأمريكان، وجلب الروس لبلاده للعمل في قواعد ليبيا الجوية، وقوات المرتزقة من أجل العمل مع القوات البرية لحفتر. ولعل الأخطر من ذلك هو توغل الجيش المصري في دماء الأشقاء الليبيين، ما يخلق تهديدات كبيرة للأمن القومي المصري، الذي يهدده السيسي بمغامراته غير المحسوبة، كما فعل جمال عبد الناصر في المشاركة بحرب اليمن، التي لم يكن لمصر فيها ناقة ولا جمل، سوى مزاعم الزعامة الفاشية التي يكررها السيسي، الذي تستهويه وظيفة شرطي المنطقة العربية.