د. سيف عبد الفتاح: إصدار القرار فى "فترة الريبة" يثير علامات الاستفهام فاروق جويدة: لم يكن لدى علم بهذا القرار على الرغم من أنى من الأربعة المعينين أبو القاسم: الصعيد مظلوم بشكل دائم فى التمثيل بالمجلس لأسباب لا نعلمها فى ضربة استباقية وقبل الرحيل، أصدر الدكتور كمال الجنزورى رئيس الحكومة السابقة قرارا وزاريا تم نشره فى الجريدة الرسمية العدد 30 بتاريخ 26 يوليو 2012 برقم 840 بالتجديد لأعضاء المجلس الأعلى للثقافة، على الرغم من أن الحكومة القائمة هى حكومة تصريف أعمال، وأن وزير الآثار هو من يتولى إدارة شئون وزارة الثقافة. وتعليقا على هذا الموضوع، أكد د. سيف عبد الفتاح -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- أن من حق رئيس الوزراء الجديد إلغاء قرار التجديد لأعضاء المجلس الأعلى للثقافة؛ لأن هذا القرار صادر من جهة الإدارة ولا يحصن، وكان يجب الانتظار حتى يتولى وزير الثقافة الجديد ويضع تصورا يتناسب مع الفكر الذى تأسس بعد 25 يناير، ولا يفرض عليه أشخاصا بعينهم، أداروا الحياة الثقافية بمفهوم النظام السابق الذى شابه الفساد والمجاملة، وتولى أهل الثقة مقاليد الأمور، وتم استبعاد أهل الكفاءة وأسند الأمر لغير أهله. وأشار عبد الفتاح إلى أنه "لا يجوز إصدار هذا القرار فى وقت الريبة، وهى الفترة الفاصلة بين تسليم السلطة من حكومة إلى أخرى، وفى وقت يتحول فيها المجتمع من نظام قامت عليه ثورة وانتفضت على سياساته الجماهير إلى نظام جديد يتطلع إلى التغيير وتصحيح المسار"، لذلك كان يجب تسليم مقاليد الأمور إلى الإدارة الجديدة دون قرارات مكبلة أو أشخاص لا تتوافق أفكارهم مع العهد الجديد. وأضاف أنه يجب صدور قرار بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للثقافة قبل مرور 60 يوما على صدور القرار السابق، وإعادة النظر فى تكوين تلك المؤسسات حتى تقوم على أسس جديدة تتوافق مع أهداف الوطن وتطلعاته. ولفت إلى أن الحكومة الحالية هى حكومة تسيير أعمال، ولا تملك إصدار مثل هذا القرار، الذى يترتب عليه أوضاع مستقبلية، وإنشاء مراكز قانونية لا تتوافق مع السياسات الجديدة التى يعول عليها تصحيح الأخطاء والمفاهيم وبناء مؤسسات تتبنى تنفيذ مشروعات تنموية بمفهوم جديد. من جهتها، أكدت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد أنه يجب إعادة النظر فى مؤسسات الدولة لتتوافق مع مبادئ الثورة، وإعادة تشكيلها بما يتناسب مع الواقع الجديد، فلا يمكن التمديد لمؤسسات تم تكوينها فى ظل النظام السابق، ولا يمكن أن نثق فى أنها سوف تحقق أهداف الثورة. وقالت فؤاد: إننا لا ننكر أن هناك شخصيات محترمة فى المجلس الحالى، ولكن يغلب عليه شخصيات من غير المقبول أن تستمر فى رسم خريطة الحياة السياسية والثقافية فى مجتمع تغيرت فيه ثقافة الخنوع والاستسلام إلى ثقافة الكرامة والمطالبة بالحقوق الإنسانية وسقوط ثقافة الخوف والاستسلام للأمر الواقع، بعد أن تم دفع الثمن غاليا، فلا يمكن الرجوع للماضى مرة أخرى، مؤكدة ضرورة البحث عن صيغ قانونية وآليات ديمقراطية تفتح طريق التغيير وإعادة بناء المؤسسات. من جهته، أشار الشاعر الكبير فاروق جويدة إلى أنه لم يكن لديه علم بهذا القرار، على الرغم من أنه من الأربعة المعينين الذين تم استكمال قوام المجلس بهم، بعد أن أصبحت تلك المقاعد شاغرة، وقال إنه ربما جاء هذا الاختيار لتصحيح موقف سابق حدث معه انسحب على إثره من عضوية المجلس السابق، ولكنه طلب عدم التعليق على القرار لحساسية موقفه كونه عضوا بالمجلس. فى حين أوضح د. يسرى العزب -أستاذ الأدب بجامعة بنها، وعضو مجلس إدارة الكتاب- أن المجلس الأعلى للثقافة فى حاجة إلى تغيير، فقد طالت مدة بقاء نفس الأشخاص فى عضوية المجلس، وفى لجانه النوعية المتخصصة مع تغيرات طفيفة غير مؤثرة على القوام الرئيسى لكيان المجلس الذى يتحكم فى كل الأنشطة، ويقرر جوائز الدولة السنوية، التى يمنحونها إما لأنفسهم أو للمقربين منهم. وتابع: "كل عام نطالع أسماء حصلت على جوائز الدولة فى الأدب، نصفها على الأقل لا يستحقها صاحبها إذا كانت قواعد التحكيم نزيهة وموضوعية، فمعظم الفائزين يحصلون على الجوائز لأسباب صحية أو اجتماعية أو أسباب أخرى، فالمجلس فى حاجة إلى تطهير، ومصر بها مثقفون كبار يمكنهم توجيه أداء المجلس إلى ما هو مطابق للأهداف التى أنشئ من أجلها. وأضاف "أنه من العجيب أن الوزير الذى أوصى بالتجديد للمجلس الحالى هو وزير الآثار الذى يشرف على شئون الثقافة". وقال: "إننا نريد وجوها جديدة لم تلوث أيديها بالتطبيل للنظام السابق، وربما قد صدر القرار الحالى كإجراء روتينى ولكنه عشوائى، لذلك يجب تغيير جميع المؤسسات الحكومية فى مصر، وأن يتم هذا التغيير بأسباب موضوعية تعتمد على الخبرة والنزاهة والقدرة على اتخاذ القرار، وتطبيق آليات موضوعية جديدة توفر المساواة والفرص المتكافئة للجميع". ونوه بأن المشكلة الكبرى لدينا تتمثل فى المجالس القومية المتخصصة التى تستنزف موارد الدولة بلا طائل، فى حين أن منتجها دون المستوى، وهى مكان لاحتواء عدد كبير من المثقفين. بدوره، قال محمد عبد الحافظ ناصف -عضو لجنة ثقافة الطفل بالمجلس- إنه كانت هناك وجهتا نظر فى هذا الموضوع، إحداها استكمال مدة المجلس الحالى وعدم التجديد بعد ذلك وضخ دماء جديدة فى الوسط الثقافى، والأخرى حل المجلس الحالى، وإنشاء مجلس جديد، ويجب أن يتم ذلك طبقا لتقديرات الإدارة الجديدة، أما اتخاذ قرارات استباقية والإبقاء على أشخاص بعينهم فيؤدى إلى عدم الارتياح فى الوسط الثقافى. وأضاف: إن رئيس الوزراء القادم له الحق فى إلغاء القرار وتشكيل مجلس جديد بآليات موضوعية تتناسب مع المرحلة الجديدة، وإن هذا قرار إدارى من مستوى تنفيذى يمكن إلغاؤه من نفس المستوى التنفيذى، ما لم يحصن بمرور الفترة القانونية، لذلك نطالب رئيس الوزراء الجديد أن يكون على رأس أولوياته إلغاء القرار وإعادة تشكيل المجلس من جديد، واختيار وجوه جديدة مختلفة تتناسب مع الحالة التى تمر بها مصر الآن. أما يوسف أبو القاسم -سكرتير عام اتحاد كتاب جنوب الصعيد- فأشار إلى أن الصعيد مظلوم بشكل دائم فى التمثيل بالمجلس لأسباب لا نعلمها، وأن الثورة قامت لتصحيح مسار الثقافة والإبداع، فكان يجب أن تكون هناك أسماء تنتمى لتيارات مختلفة. وتابع: "يتضح من هذا القرار الإصرار على التجديد لأعضاء ينتمون إلى تيار فكرى من لون واحد ساهم فى فترة الحكم السابق فى تشكيل الوعى الجمعى للأمة فى اتجاه معين معاكس للتيار الرئيسى السائد، لذلك جاء التجديد بمثابة ضربة استباقية لإجهاض أى تغيير قادم، مع الأخذ فى الاعتبار أن بعض الشخصيات التى تم التجديد لها عليها علامات استفهام كثيرة، وكانت تنتمى إلى مدرسة لجنة السياسات وركيزة أساسية فى التمهيد لمشروع التوريث". وتساءل أبو القاسم: "كيف يستقيم لمجلس أعلى للثقافة بعد ثورة عظيمة بأن يضم بين جنباته من يناوئون الثورة ومبادئها وأفكارها، وإلى متى تتخذ القرارات المعوقة والمكبلة لمسار التغيير والإصلاح".