القاهرة: تباينت ردود الأفعال داخل الوسط الثقافي المصري علي أثر قرار الحكومة المصرية برئاسة د. أحمد نظيف استبعاد اسم الشاعر الكبير فاروق جويدة من عضوية المجلس الاعلي للثقافة . وكان جويدة قد كشف مؤخراً عن اتصالات رسمية قبل ثلاثة أشهر بينه وبين وزير الثقافة فاروق حسني أكد له فيها نية الوزارة ضمه لعضوية المجلس الاعلي للثقافة وعليه تم إرسال قرار عضوية الي د. أحمد نظيف رئيس الوزراء لكي يتم اعتماده لكن هذا لم يحدث وبدا وكأنه عقاب حكومي علي مقالاته السياسية التي بدأ يكتبها مؤخراً ويهاجم بقوة سياسات الحكومة المصرية ومنها ما كتبه أخيراً عن مافيا بيع اراضي الدولة بتراب الفلوس.. وهو ما أكده فاروق حسني في مؤتمر صحفي بقوله ان خطاباً واثنين أرسلا لمجلس الوزراء لكي يتم اعتماد جويدة لكن دون رد وكان ينبغي المتابعة. ونقلت جريدة "الراية" القطرية عن المفكر الكبير محمود أمين العالم قوله إن موقف الحكومة تجاه جويدة يعد متعسفا وغير لائق وغير إنساني بالمرة، مؤكداً ان جويدة وان كانت كتاباته تختلف مع الحكومة لكنها تنحاز للقضايا المصرية وتمتاز بالعقلانية والدقة. وأشار العالم إلي أن قرار استبعاد جويدة جريمة ليس في حقه هو فحسب ولكن في حق الثقافة المصرية برمتها، مطالبا بضرورة ان تكون لدي الحكومة مساحة من سعة صدر للافكار المعارضة مشيرا الي انه ليس من حقها لا أدبياً أو إنسانياً ان ترفض أو تمنع كاتبا شريفاً مبدعاً من الانضمام لعضوية المجلس. الكاتب اسامة أنور عكاشة أكد أن شطب جويدة واستبعاده من الانضمام لعضوية المجلس الاعلي للثقافة قرار تعسفي من جانب الحكومة لا حق لها فيه، موضحا انه يعكس صدق مقالاته الصحفية الاخيرة عن وجود مافيا وزارية علي مستوي عال تدير عملية بيع عشرات الآلاف من الافدنة والاراضي التابعة للدولة. واعتبر الأديب سعيد الكفراوي أن ما حدث زوبعة في فنجان ففاروق جويدة جزء من المؤسسة الثقافية حصل علي جائزة الدولة التقديرية من قبل علاوة علي انه ابن الاهرام الجريدة القومية الاولي فليس ثمة خلاف حقيقي بين وزارة الثقافة وفاروق جويدة والنقد الذي يمارسه بالنسبة للنظام هو هامش متفق عليه فالحكومة تعطي في أحيان كثيرة للصحف القومية كارتاً أبيض لنقد بعض السياسات حتي تبيض وجه النظام. أما القول بأن ثمة اضطهاداً تعرض له فاورق جويدة من وزارة الثقافة فهو ينطوي علي مغالاة ومبالغة لانه في النهاية صديق للمؤسسة الرسمية منذ الستينات ومن ثم فليس هناك خلاف علي قضايا جوهرية ومعارضته ليست بالحدة التي كانت بها أعمال مثل أمل دنقل أو نجيب سرور أو محمد عفيفي مطر ويعتبر من رموز المرحلة الذين استفادوا علي مستوي الانجاز الشعري والتواجد الاعلامي. من جانبه أكد الدكتور عاطف العراقي أستاذ الفلسفة الاسلامية بجامعة القاهرة ان مسألة الانضمام لعضوية المجلس الاعلي للثقافة قضية لها حسابات كثيرة جداً والاستبعاد منها في كثير من الحالات يكون امرا طبيعيا وقد حدث ذلك من قبل مع المفكر الكبير د. فؤاد زكريا صاحب الرصيد العلمي الضخم الذي رشح ثلاث مرات وتم استبعاده وبالتالي فانه لا يمكن النظر الي المسألة بحسبانهاعقابا سياسيا للمثقفين وتصويرها علي هذا النحو مغالطة لا يجوز الاستمرار فيها. بينما رأي الروائي يوسف القعيد ان جوهر المشكلة في المجلس الأعلي للثقافة نفسه الذي لم يتفق بعد علي آليات تعيين أعضائه لافتا الي ان د. جابر عصفور الامين العام السابق كان قد اشار الي أنه سيجري انتخاب الاعضاء الجدد المقرر ترشيحهم لعضوية المجلس لكن هذا لم يتم العمل به وهو ما يؤدي الي تجدد المشكلة مع كل ترشيح وهناك آلاف الحالات الشبيهة المستبعدة لكن حالة جويدة خرجت للعلن. وأكد القعيد ان قرار الحكومة المصرية باستبعاد جويدة يحمل في داخله إدانة لكل أعضاء المجلس الحاليين باعتبارهم موالين للنظام رغم ان فيهم شرفاء كثيرين. وأوردت جريدة "الجريدة" الكويتية أن الكاتب والصحافي مجدي الجلاد هاجم قرار نظيف وعزا الأمر إلى مقالات جويدة التي كتبها سابقاً، وكشف فيها عن فساد حكومي في أراضي الدولة وبيعها لصالح رجال الأعمال، واتهم نظيف بعدم درايته بمكانة الشاعر الأدبية ولا بأسماء الكتب التي تبلغ 41 ديواناً شعرياً. وقال وزير الثقافة فاروق حسني انه "لو كان هناك خطأ فهو خطئي، لأنني أبلغت جويدة أنه يُفكَّر في إمكان اختياره عضواً في المجلس الأعلى للثقافة". وأضاف حسني أنه اتصل منذ أشهر بالشاعر جويدة وأخبره أنه ينوي تعيينه في المجلس الأعلى للثقافة, موضحاً أن مجلس الوزراء لم يقبل ولم يرفض الترشيح، شأنه شأن مواضيع كثيرة لا يكون فيها رد عاجل لكثرتها، ويحتاج الأمر إلى تذكير من جانب الوزارة. وأكد أن عدم اختيار جويدة غير مرتبط بانتقاده للدولة، قائلا "كثير من أعضاء المجلس ضدي وضد الدولة، وحصل جويدة على جائزة الدولة التقديرية على رغم من أنه ينتقدني دائماً".