أكد خبراء أن الحوادث والتفجيرات والعبوات الناسفة التى تخلف قتلى ومصابين فى سيناء ومحافظات مصر، والتى كان أحدثها الانفجار الذى تم بأتوبيس مدينة نصر اليوم الخميس ، هى محاولات يقوم بها الانقلاب العسكرى الدموى من أجل ترويع أبناء الشعب المصرى وتشويه صورة رافضى الانقلاب العسكرى ومؤيدى الشرعية واستغلال كل ذلك فى تبرير أعمال العنف والقتل التى تقوم بها ميليشيات الانقلاب ضد مؤيدى الشرعية بزعم أنهم "الإرهاب". وأوضحوا أن هذه المشاهد الكثيرة التى تربك المشهد السياسى فى عهد الانقلاب الدموى والتى يتخذها ذريعة لارتكاب مزيد من أعمال القتل والقمع بحق الشعب، لم يتم فى أى منها فتح تحقيقات بشكل حقيقى ونزيه وشفاف؛ حيث تظل التحقيقات مستمرة ويحيط بها شىء من الغموض ولا يتم الإعلان عن مرتكبى هذه الأعمال ويظل الفاعل مجهولا.. وهو ما يشير بحسب الخبراء إلى ضلوع بعض الأجهزة الأمنية السرية فى ارتكاب هذه الأعمال. قتلى ومصابون والفاعل مجهول! لعل الانفجار الشديد الذى وقع بجوار مديرية أمن الدقهلية فى الساعات الأولى من صباح أمس الأول والتى تسبب فى حالة من الفزع والهلع سادت محيط المنطقة، وراح ضحيته 16 شخصًا وأكثر من 150 مصاب. وتكشف تصريحات اللواء عبد الفتاح عثمان -مساعد وزير الداخلية لإدارة الإعلام والعلاقات العامة- أنه " قريبا جدا سيتم تحديد هوية الجناة المتورطين بالحادث الإرهابى الذى استهدف محيط مديرية أمن الدقهلية"، ما اعتادت عليه داخلية الانقلاب الدموى انتهاجه خلال الفترة الأخيرة؛ إذ تخرج علينا عقب كل حادث وتتوعد بمعرفة الجناة والبدء فى التحقيقات لكن دون جدوى ولا نعرف فى النهاية من المسئول عن هذه التفجيرات. ومنذ أيام وقع انفجار عبوة ناسفة بدائية الصنع خلف مسجد عمر بن عبد العزيز باعتباره المسجد الرئيسى بمدينة بنى سويف، مما تسبب فى حالة من الهلع والذعر بين المواطنين، ودلت التحريات المبدئية عن قيام مجهولين بهذا الحادث. ولم تتوقف مثل هذه الأحداث فى عهد الانقلاب العسكرى الدموى وهى غالبا مرتبطة بما يحدث على الساحة المصرية، حدث تفجير فى أكتوبر الماضى بالقرب من مبنى المخابرات بمحافظة الإسماعيلية نتيجة لانفجار سيارة مفخخة كانت بالقرب من المقر مما أدى إلى انفجار جزء من المبنى والسور الخارجى لمكتب المخابرات وإصابة 4 جنود. خرجت علينا مديرية أمن القاهرة صبيحة يوم 7 أكتوبر الماضى معلنة أنها تلقت بلاغا يفيد بسماع دوى انفجار بمبنى الاتصالات الخاص بالأقمار الصناعية بمنطقة المعادى، لكنه لم ينجم عنه وقوع أية خسائر بشرية. وطالعتنا وسائل الإعلام بنبأ وقوع انفجار ضخم ناجم عن سيارة مفخخة استهدف موكب وزير داخلية الانقلاب اللواء محمد إبراهيم أثناء خروجه من منزله بمدينة نصر أسفر عن إصابة 22 شخصا ولا وفيات. أما الوضع فى سيناء -والتى يُثار عنها بوسائل الإعلام أنه يوجد بها بؤر إجرامية وإرهاب- فقد شهدت العشرات من التفجيرات حيث انفجرت سيارة مفخخة الأيام الماضية كانت تقف بجوار السور الخارجى لمكتب المخابرات الحربية بحى الإمام على فى مدينة رفح الحدودية، وأعلن المتحدث العسكرى أنها أدت إلى تدمير المبنى بالكامل، وسقوط 6 شهداء، وإصابة 17 شخصا من المدنيين والعسكريين. كما حدث أيضا انفجار سيارة مفخخة بكمين "الريسة" فى مدينة العريش بشمال سيناء وعلى إثرها لقى 4 جنود حتفهم وأصيب 5 آخرون، كما أصيب 4 أفراد من القوات المسلحة فى انفجار عبوة ناسفة وضعها مجهولون فى طريق حافلة جنود أثناء سيرها على طريق (السويس نخل) بوسط سيناء طبية، وأصيب أيضا 4 جنود إثر انفجار عبوة ناسفة قرب آلية عسكرية غرب مدينة رفح. ولعل عدم الإفصاح عن التحقيقات بشأن هذه التفجيرات يثير شكوكًا حول تورط أجهزة الأمن فى القيام بذلك وأحداث كنيسة القديسين خير مثال، حيث وقع تفجير استهدف كنيسة القديسين بمنطقة سيدى بشر بمدينة الإسكندرية فى ساعة مبكرة من صباح أول يوم في يناير 2011 عشية احتفالات رأس السنة الميلادية، راح ضحيته نحو 20 قتيلًا وأكثر من 110 مصاب. وبعد الثورة المصرية ظهرت على صفحات الجرائد المصرية مستندات -لم يتسنّ التأكد من صحتها- تجزم بضلوع وزير الداخلية آنذاك حبيب العادلى فى التفجير وتكليفه القيادة رقم 77 ببحث القيام بعم،ل والتفجير جرى بالتعاون بين الداخلية وأحد المعتقلين النافذين فى الجماعات المتطرفة ويدعى أحمد محمد خالد. تقصير أمنى تعليقًا على هذه الأحداث يقول مدحت ماهر -المدير التنفيذى لمركز الحضارة للدراسات- أن هذه التفجيرات المتتالية تعكس عن تراجع وضعف الحالة الأمنية فى مصر ووجود تقصير فى الدور المنوط بها، موضحا أنه فى عهد الرئيس الشرعى الدكتور محمد مرسى كانت هناك مطالب بتطهير وزارة الداخلية وإقالة المسئولين، أما الآن هذه التفجيرات تؤخذ فى إطار الصراع السياسى. ويضيف "ماهر": المعلومات المتوفرة عن طبيعة تلك الانفجارات الماضية قليلة، فضلا عن أنه لا تظهر نتائج تحقيقات واضحة يتم إعلانها للرأى العام لتوضيح الحقيقة كاملة وتحديد من المسئول عن هذه التفجيرات"، مشيرا إلى أن ذلك يجعل الكثيرين يرون أن هناك أجهزة أمن سرية والتى كانت تفتعل الأزمات قبل 30 يونيو تستمر فى عملها هذا من أجل المزيد من تشويه القوى المناهضة للانقلاب العسكرى الدموي. وتابع: "ربما تقوم هذه الأجهزة بذلك للتمهيد لقرارات استثنائية أو سلوكيات استبدادية"، لافتا إلى اتهام جماعة الإخوان المسلمين بتنفيذ كل انفجار هذه "أسطوانة مشروخة" يرددها الانقلابيون باستمرار لمجرد حدوث أزمة، مؤكدا أن هذه الطريقة ترتد على أعقابها ولا يصدقها إلا من نطق بها، خاصة وأنه لا أحد يعرف من الفاعل ولا يتم الاعلان عن تورط أسماء فيها ولا تظهر نتيجة التحقيقات التى تتم فى سرية تامة. ويشير -المدير التنفيذى لمركز الحضارة للدراسات- إلى أن قادة الانقلاب يرسلون بهذه التفجيرات المتوالية رسائل واضحة للمجتمع والسياسة والأحزاب مفادها أنه عليهم التفاوض للاحتياج الأمنى ويتم التمسك والتشبث به، منوها إلى أن وسائل الإعلام تتهم جماعة الإخوان المسلمين فى القيام بذلك حتى تستنفر المواطنين للنزول والمشاركة فى الاستفتاء على الدستور الانقلابى الباطل. تحقيقات نزيهة من جانبه يقول محمد عبد اللطيف -أمين عام حزب الوسط والقيادى بالتحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب- "نستتكر أى عمل إرهابى، لكن فى الوقت ذاته نحتاج إلى إجراء تحقيقات حقيقية وعاجلة لما يحدث لتحديد الجناة الحقيقيين وتقديمهم للمحاكمة العاجلة والعادلة"، موضحا أنه لا يصح أن نلقى بالاتهامات على عاهل جماعة الإخوان المسلمين قبل البدء فى أية تحقيقات، خاصة وأن هناك تجارب مع كنيسة القديسين بالاسكندرية، وكشفت التحقيقات فيما بعد عن تورط وزير داخلية المخلوع مبارك فى هذا الحادث. ويؤكد "عبد اللطيف" ضرورة عمل تحقيقات نزيهة وشفافة وإعلانها للرأى العام لمعرفة ما إذا كان وراء هذه التفجيرات جماعات إرهابية بالفعل أم أنها جماعات إرهابية حكومية، على حد قوله، مشيرا إلى أن ما يحدث له علاقة بتصريحات نجيب ساويرس –رجل الأعمال الانقلابى- الذى هدد باستخدام العنف، مناشدا بضرورة تدخل الجهات القانونية لكى تقوم السلطات المعنية بالتحقيق مع ساويرس على تصريحاته التى تدعو إلى الاحتراب الأهلى وتشعل الفنية الطائفية. ويوضح عبد اللطيف أن ما يحدث ربما يكون له علاقة بكل ما يحدث على الساحة لحين يتم الاستفتاء على الدستور الانقلابى "اللقيط"، لافتا إلى أن الهدف منها محاولة ترويع الشعب بالإرهاب، رُغم أن الانقلاب هو الارهاب الحقيقى.