شهدت إنتخابات إتحاد كرة القدم التي تجرى يوم الخميس ، العديد من المشاهد التي يجب التوقف أمامها والتمعن فيها ، ليتأكد الجميع أن مصر تتغير ، والحكم على نتيجة هذا التغير سيحتاج لمزيد من الوقت. كان إستبعاد هاني أبوريدة ، وهو أول ملامح التغير ، ليس برحيله عن الكرة المصرية ، ولكن لأن إستبعاده لم يكن متاحا في السابق ، بما له من علاقات يستغلها وينفذ بها مخططاته دون أدنى صعوبة أو رفض ، وصممت الدولة على تنفيذ وتطبيق القانون عليه ، وهو أمر لم يكن سيحدث في ظل النظام السابق ، وهنا كانت صدمة مناصريه الذين لم يشكوا للحظة واحدة في عودته حتى بعد قرار لجنة الطعون ، وتمسك أبوريدة ومناصريه بعودته ، ولكن القانون قال كلمته ورفضت الدولة الإنصياع للضغوط ، كان هذا هو المشهد الأول . المشهد الثاني ، هو تهديد أبوريدة للدولة ومحاولة إحتمائه بالفيفا ، وقام بشكوى مصر لدى الإتحاد الدولي لكرة القدم ، في محاولة منه للضغط للإستيلاء على مقعد رئيس إتحاد الكرة المصري ، ولكن هذه التهديدات لم تأت بثمارها . حاول المرشح المستبعد هاني أبوريدة ، الإحتماء بالجمعية العمومية للجبلاية ، بعد أن فشلت محاولاته لدى الفيفا ، وتكرر فشله أمام تصميم الدولة على تنفيذ القانون عليه ، وكان لا يتصور أن يحدث ذلك على إعتبار إنه فوق القانون كما كان يتعامل في الماضي ، هكذا كان المشهد الثالث . ما بين المشهدين الثاني والثالث ، سرب أبوريدة عن طريق أصدقائه العديد من الأخبار غير الصحيحة في وسائل الإعلام ليثير حالة من الجدل ، بدأها بخطاب قيل إنه من إدارة الإتحادات بالفيفا يهدد مصر بالإيقاف ما لم يعد أبوريدة للإنتخابات ، ثم خطاب أخر قيل إنه من سكرتير الإتحاد الدولي يشرح فيه كيفية إجراء إنتخابات الجبلاية ومعها عودة المرشح المستبعد ، وثبت أن كلا الخطابين " مفبركين " ، ليكون المشهد الرابع . تعامل البعض مع ترشح أبوريدة أنه الرئيس القادم للجبلاية ، وأن وصوله لكرسي الرئيس مجرد وقت لا أكثر ، وروجوا له بأنه الرجل المناسب للمرحلة القادمة ، برغم أن كل الشواهد تشير إلى عكس ذلك ، ولكن الأنصار لم يروا الحقيقة وأعماهم الطمع عن رؤية الحقيقة ، وجاء قرار لجنة الطعون بإستبعاده ليصدمهم نصف صدمة ، على إعتبار أن الرجل القوي لن يترك مجموعة موظفين – من وجهة نظرهم – يبعدونه عن حلمه الذي طالما حلم به وهو رئاسة اتحاد كرة القدم ، وفعل كل ما في وسعه لعودته من جديد ولكنه فشل أمام تصميم الدولة على تطبيق القانون عليه وعلى غيره . سؤال طرحه البعض .. من يصلح لرئاسة إتحاد الكرة بعد إستبعاد أبوريدة ؟ وهو سؤال يحمل في طياته تقليلا من قدر مرشحي الرئاسة ، والإجابة على هذا السؤال لا تحتاج لتفكير طويل ، وهو أن أي مرشح من المرشحين لرئاسة الجبلاية قادر ، بل أن أي شخص في مصر يستطيع ، والإستثناء الوحيد في إدارة كرة القدم المصرية هو رئيس الإتحاد السابق سمير زاهر ، سواء إختلفت معه أو إتفقت ، فزاهر هو الفارق الوحيد ، وسيذكر له التاريخ إنه صاحب الفضل في الطفرة المادية التي حدثت في الكرة المصرية بما لها من ملكه تسويقية ، وعاش في جلبابه كل رجال الجبلاية طوال السنوات الماضية . إستبعاد هاني أبوريدة ، من إنتخابات الجبلاية قد يكون بداية لعصر جديد للكرة المصرية ، ليس لإبتعاد شخص أبوريدة ، ولكن لفكرة تطبيق القانون الذي صممت عليه الدولة هو أمر يحسب للنظام الجديد ، لإنه بإستبعاده سيسقط ورائه العديد من أصحاب المصالح الذين تربوا داخل مزرعة الجبلاية وتعودوا على اللعب من تحت الترابيزة ، كما سيرسخ لفكرة إنه لا أحد فوق القانون . إذا كانت الدولة قد تمسكت بتطبيق القانون في إنتخابات اتحاد الكرة ، فهذا ليس كافيا في حد ذاته ، ولكن مطلوب من الدولة أيضا الإستمرار في تطبيق القانون ، وفتح كل ملفات الفساد التي تعج بها أروقة الجبلاية ، مثلما فعلت في أغلب مؤسسات الدولة المهترئة ، خاصة وأن الرأي العام يعلم تفاصيل عديدة عن هذا الفساد المسكوت عنه ، وهى مهمة وزير الدولة للرياضة العامري فاروق ، الذي يعاني الأمرين من كم الفساد الموجود في الأوساط الرياضية بصفة عامة والكروية بصفة خاصة . رحيل أبوريدة عن كرة القدم المصرية سيكون بداية لسقوط رموز أخرين في الوسط الكروي ، بدأ الطابور برئيس النادي الأهلي حسن حمدي.