إذا قلت لأي مشجع يوناني قبل بداية كأس الأمم الأوروبية إن منتخب بلاد الإغريق سيعبر المجموعة الأولى للدور الأول التي ضمت إسبانيا والبرتغال وروسيا , لقال لك إنه من الممكن أن نفعلها , فنحن نعد هذا الفريق منذ ثلاث سنوات. أما لو قلت له إن اليونان ستعبر المجموعة الأولى وتهزم فرنسا في دور الثمانية لاتهمك بالجنون بدون تردد , ولكن هذا ما حدث , فبالرغم من أن مجموع أسعار لاعبي اليونان مجتمعين لا يساوي ثمن زين الدين زيدان أو تيري هنري , فإن هذا المنتخب فعلها وأخرج "الديوك" المتعالية من يورو 2004! فماذا حدث في اليونان خلال السنوات الثلاثة الماضية؟! من المؤكد أن اليونان تملك لاعبين ممتازين , ولكن الملاحظ أن السبب في التطور الهائل لمستوى اليونان هو المدرب الألماني القدير أوتو ريهاجل , 65 عاما , فهذا الرجل نجح في تحويل اليونان من فريق يعتبره الجميع "حصالة" أي بطولة يلعب بها إلى منتخب يحسب له الجميع ألف حساب. والحقيقة أن ريهاجل على مدار مشواره التدريبي الذي بدأ عام 1974 نجح في وضع بصمته على جميع الفريق التي قام بتدريبها , على الرغم من أنه لم يكن لاعبا ذا شعبية كبيرة. بدأ ريهاجل مشواره مع الكرة مع فريق روت فايس آيسن , وهو هو أحد أندية الدرجة الثانية في ألمانيا , في أواخر الخمسينات , ثم انتقل إلى نادي العاصمة هيرتا برلين عام 1963 ولعب مع الفريق لمدة موسمين فقط , ثم بدأت قصته الجميلة مع كايزرسلاوترن عام 1965 , وظل بالفريق حتى اعتزاله عام 1972 , ولعب في الدوري 201 مباراة كظهير أيمن وأحرز 22 هدفا , ولم يستطع الفوز بأي بطولة. ثم اتجه ريهاجل إلى التدريب بعد حصوله على رخصة تدريب من الاتحاد الألماني , وكان ذلك عام 1973 مع فريق كيكرز أوفنباخ وظل مع الفريق حتى عام 1975 , لينتقل إلى بريمن عام 1976 ويترك الفريق بعد موسم واحد , وعانى ريهاجل في الفترة من 1977 حتى عام 1980 , وكان إنجازه الوحيد في عام 1980 عندما قاد فريق فورتونا دوسلدورف لبطولة الكأس , ليعود إلى بريمن مرة أخرى عام 1981 وظل يدرب الفريق حتى عام 1995, حقق خلالها أفضل إنجازات فريق شمال ألمانيا , قاد الفريق خلالها إلى الفوز ببطولة الدوري عامي 1988 و 1993 , وكأس ألمانيا عامي 1991 و1994 , وكأس الدوري عام 1992 , بالإضافة إلى حصوله على المركز الثاني في الدوري أربع مرات أعوام 1983 و 1985 و 1986 و 1995 , ووصيف كأس ألمانيا عامي 1989 و1990.
كاريستياس يجري فرحا بهدفه في فرنسا وينتقل ريهاجل بعد ذلك , بعد مسيرة 15 عاما مع بريمن , إلى الفريق وقم واحد في ألمانيا بايرن ميونيخ , ولكنه لم يحقق سوى بطولة واحدة هي كأس الإتحاد الأوروبي عام 1996 وحصل على لقب وصيف الدوري الألماني في نفس الموسم , ولكن ريهاجل لم يشعر بالراحة خلال الموسم الذي أمضاه مع بايرن , لينتقل إلى كايزرسلاوترن الذي كان يلعب في الدرجة الثانية. وينجح ريهاجل في الصعود بكايزر إلى البوندزليجا عام 1997 , وفي أول موسم يصعد فيه كايزر , يقوده ريهاجل إلى أبرز إنجاز في تاريخ الدوري الألماني عندما قاده للفوز بالبطولة , ويظل مع الفريق حتى عام 2000 , قبل أن يبتعد عن الساحرة المستديرة لمدة عام كامل. وفي عام 2001 تولى ريهاجل تدريب أبناء الإغريق , ولكن البداية لم تكن موفقة , فخسر أمام فنلندا بخمسة أهداف مقابل هدف , فكاد أن يرحل ويعتزل التدريب نهائيا , ولكن النتيجة التي حققها مع منتخب إنجلترا في تصفيات كأس العالم 2002 عندما تعادل مع الإنجليز بهدفين لكل منهما في معقل نادي مانشستر يونايتد أعادت ريهاجل إلى عهد الإنجازات , التي لم تتوقف عند هذا الحد , ففي تصفيات كأس الأمم الأوروبية بالبرتغال , نجح في تصدر المجموعة السادسة على حساب المنتخب الإسباني بعد أن هزم "الماتادور" الإسباني في بلده بهدف دون رد. وفي البطولة الأوروبية الحالية , أثبت الفريق اليوناني تحت قيادة المدرب الألماني أن صعوده للبطولة لم يكن وليد صدفة , فقد هزم البرتغال وتعادل مع إسبانيا وهزم أمام روسيا وصعد إلى دور الثمانية للمرة الأولى في تاريخ اليونان , وفي دور الثمانية قلبت اليونان موازين القوة عندما هزمت "الديوك" الفرنسية بهدف دون رد للتأهل إلى الدور قبل النهائي , وهي أفضل نتيجة لمنتخب يوناني في التاريخ. وريهاجل معروف عنه أن له بصمات تظهر بوضوح على الفريق الذي يقوم بتدريبه , ويعتبر "الملك" ريهاجل كما أطلق عليه اليونانيين هو الأب الروحي لهاني رمزي نجم مصر المحترف , فهو الذي اختاره من نيوشاتل زامكس السويسري ليلعب في بريمن , ثم طلبه مرة أخرى في كايزرسلاوترن. وتعتبر أهم مميزات ريهاجل أن جميع اللاعبين بالنسبة له واحد , لا يفرق بينهم سوى كيفية تأديتهم لخططه داخل الملعب. ويقول ريهاجل إن النجاح الذي حققه مع اليونان يرجع إلى نجاحه في