سبع قطط سمان تسببوا في صدمة بريطانية بعد حصول إنجلترا على صوتين فقط من أصل 22 صوتا في عملية انتخاب البلد المنظم لكأس العالم 2018، برغم توفر متطلبات النجاح في هذا الملف الذي كلف 18 مليون استرليني. سبعة أعضاء في اللجنة التنفيذية وصفهم الإعلام البريطاني – الذي لعب دور البطولة في فيلم سقوط إنجلترا - بالقطط السمان أو "Fat Cats". ويطلق مصطلح القطط السمان في إنجلترا على الشخص صاحب النفوذ والسلطة والذي يسيطر عليه الجشع والطمع وحب المال. سبعة أسماء هم جاك وارنر نائب رئيس الفيفا والأمريكي شاك بلازر والجواتيمالي رافاييل سالجويرو والكوري شونج مونج والقبرصي ماريوس ليفكاريتيس والتركي سينيس إيرزيك والإيفواري جاكويس أنوما تواطؤا ضد ملف إنجلترا وفقا لما يؤمن به الإنجليز. وروت صحيفة ذا صن البريطانية كواليس يوم إعلان البلد المضيف لمونديال 2018 مبرزة تأكيدات أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا للأمير ويليام ولي العهد البريطاني بإعطائهم أصواتهم للملف الإنجليزي قبل ساعات من التصويت. ونقلت الصحيفة قول جاك وارنر للأمير ويليام وهو يضع ذراعه على كتف الأخير: "يمكنك الاعتماد علي". ولكن الوعود تبدلت عقب جلسة جمعت بين مندوبين من الفيفا وأعضاء الملف الروسي في أحد فنادق زيوريخ وفقا لما أكدته الصحيفة واسعة الشهرة. وهبط فشل إنجلترا في تنظيم المونديال كالصاعقة على رؤوس الإنجليز خاصة وأن التقرير التقني للفيفا أكد قبل أيام من التصويت أن بلاد منتخب الثلاثة أسود قادرة على تنظيم كأس العالم "غدا". وحصل الملف الإنجليزي المدعم من جانب القصر الملكي بالأمير ويليام ولي العهد ومجموعة من أبرز رموز الكرة الإنجليزية على رأسهم ديفيد بيكام على صوتين فقط ليخرج من المرحلة الأولى للتصويت. فساد الفيفا وافتقار نظام التصويت للعدل مع نظريات الرشاوى ومغامرات الإعلام البريطاني مثلوا الأركان الرئيسية للفشل التاريخي للملف الإنجليزي. مغامرات إعلامية وقبل العودة لماضي العلاقة بين الإعلام الإنجليزي والفيفا، لزاما علينا إلقاء الضوء على اتهام مسؤول في الاتحاد الدولي لكرة القدم لإعلام إنجلترا في فشل بلد الملكة إليزابيث. فوفقا لما أعلنه أندي أنسون رئيس الملف الإنجليزي فإن مسؤول في الفيفا أكد له أن "الإعلام البريطاني قتل حلم إنجلترا في تنظيم مونديال 2018".
ذلك بعدما كشف الإعلام الإنجليزي عددا من فضائح الفساد داخل منظومة الفيفا، ما أثار حفيظة رجال الاتحاد الدولي وجعلهم ينتقمون من إنجلترا بإسقاطها من حساباتهم لتنظيم المونديال لصالح روسيا. وأنسون بنفسه أطلق شرارة بدء العداء من جانب الفيفا لبلاده حينما أكد يناير الماضي أنه يعلم "أسماء 13 عضوا باللجنة التنفيذية مستعدين لبيع أصواتهم مقابل المال". ورغم تكتم أعضاء الملف الإنجليزي عن أقوال أنسون، تمكنت صحف إنجلترا من الوصول لما قاله أنسون ونشرته مثيرة ضجة كبيرة حول نزاهة الفيفا. ودفعت تصريحات أنسون رجال الإعلام الإنجليزي وعلى رأسهم الصحف لخوض مغامرات صحفية هدفها كشف فضائح الاتحاد الدولي. وكانت البداية مع صحيفة "صنداي تايمز" التي انتحل صحفيان منها شخصية ممثلين من أحد الاتحادات الكروية التي تنافس إنجلترا على تنظيم المونديال، وعرضا رشوة على عضوين من اللجنة التنفيذية للتصويت لصالح أحد الدول. وتم تسجيل الواقعة بالفيديو ليجد الفيفا نفسه في موقف محرج، فعالج كبريائه بإيقاف العضوين النيجيري أموس أدامو ورينالد تيماري رئيس اتحاد الأوقيانوس. لكن الإعلام الإنجليزي لم يتوقف، وفجر أزمة جديدة عبر برنامج "بانوراما" أحد أشهر البرامج في كشف الفضائح خلال ال15 عاما الأخيرة. اتهم "بانوراما" عيسى حياتو رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ونيكولاس لوبيز رئيس اتحاد أمريكا الجنوبية وريكاردو تكسيرا رئيس الاتحاد البرازيلي بالحصول على أموال غير مشروعة من شركة "إنترناشيونال سبورت أند ليجر" في التسعينات. وعقب مارك تومبوسون مدير هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": "كنا على حق لإذاعة تلك المعلومات، فهي مسألة خطيرة تهم الجماهير وتثير قلق الرأي العام". وأضاف تومبسون "عدم وجود أسباب قوية لمنع البث تجعلني اعتقد بأننا كنا على حق في الكشف عن تلك المعلومات، وأثق في دعم الرأي البريطاني لنا". وتعهد الإعلام الإنجليزي وعلى رأسه صحيفة "جارديان" بمواصلة الكشف عن الفضائح والمكائد في عالم كرة القدم، رافعا شعار "صحافة حرة أفضل من تنظيم المونديال بالفساد والتواطؤ". وبخلاف نظرية الإعلام وتسببه في تلك الهزيمة النكراء لإنجلترا، فإن نظام التصويت نال حصته من الانتقادات البريطانية كذلك. ويريد الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم إجراء تعديلات على عملية اختيار الدولة المستضيفة لبطولة كأس عالم.
وقال أليكس هورن رئيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم: "أسعى لمزيد من الإصلاح في عملية عرض ملفات استضافة المونديال والتصويت لها". ويرى هورن أن أهم تعديل يجب إجرائه هو "وجوب فتح باب المناقشة حول العروض المقدمة وعملية التصويت". وأوضح هورن كمثال عدم ضرورة توجه الدول الراغبة في الاستضافة إلى زيوريخ في يوم واحد لعرض ملفاتها، ومناقشة كل ملف على حدة بدلا من النظر للكل في يوم واحد. وتابع هورن "أشعر بخيبة أمل كبيرة وبالفعل احتاج لمناقشة إجراء إصلاحات على عملية عرض الملفات مع الفيفا". وأضاف هورن "من المدهش إننا كنا الأفضل وفقا لتقييم التقرير التقني للفيفا، كما عرضنا ملفنا بشكل أكثر من رائع، ومع ذلك حصلنا على أقل عدد أصوات، نحن في حاجة لفهم لماذا حدث ذلك؟". صفعة وفي الإطار ذاته، رفضت إنجلترا تعليق فشلها في تنظيم 2018 على شماعة فساد الفيفا وأعضائه فقط، وفتحت المجال أمام البحث عن أوجه القصور. وينوى البرلمان الإنجليزي برئاسة النائب جون وايت فتح تحقيقا موسعا حول فشل الملف الإنجليزي مع مثول أندي أنسون رئيس الملف. ونظرا لأن ما حدث يعد "صفعة على الوجه الإنجليزي" كما أكد جيرمي هانت وزير الدولة لشؤون الرياضة فان الحكومة ستعيد النظر في بعض أركان المنظومة الكروية من اجل مزيد من الإصلاحات. وقال هانت: "يجب علينا إعادة النظر في الأسس التي بنينا عليها عرضنا لاستضافة كأس العالم رغم ما حدث خلف الكواليس". ويكفى أن تعلم أن إنجلترا صرفت 18 مليون جنيه إسترليني رغم معاناة اقتصادها من أجل تحضير ملف قوي، لذلك فالفشل يثير قلق حكومتها. ويبدو أن هناك العديد من التغييرات الجذرية ستحدث في المنظومة الكروية بعد أن اكدت وسائل الإعلام أنه بجانب الفشل في تنظيم المونديال ستتم مناقشة عدد من القضايا. وأبرز تلك القضايا السالف ذكرها فهي: التوزيع غير العادل للأموال داخل كرة القدم الإنجليزية، فشل المنتخب الإنجليزي في كأس العالم 2010، القواعد المسيرة لملكية الأندية الإنجليزية، العلاقة بين رابطة الدوري الإنجليزي واتحاد الدولة لكرة القدم.
