هل أصبحت المصالح الشخصية البحتة والمقززة هى من تحكم جميع القرارت في مصر؟ وهل مات ضمير المسؤولين وهانت عليهم بلدهم - سابقا - بهذا الشكل المرعب؟ خاصة وأن الأمر لم يعد يقف على ناحية واحدة فقط، بل أن رائحة المصالح الشخصية والفساد يتشممها الجميع في أغلب القرارت بما فيهم من يعانون عيوبا في حاسة الشم، لأن رائحة المصالح الخاصة أصبحت تزكم الأنوف وتعمي العيون، وتقزز من يملكون ذرة ضمير الذين يتذكرون أغنية محمد منير "آه يا بلاد ياغريبة ... عدوه ولا حبيبة". أصبح لا يوجد أمر في مصر يسير إلا وراء المصالح الشخصية، اللهم إلا في القليل النادر، وأخر صيحات المصالح الشخصية يجري إعدادها الأن على قدم وساق في مسرح اتحاد كرة القدم، بسبب عقد الرعاية الجديد الذي طرحه الاتحاد للمزايدة بين الوكالات الإعلانية لمزيد من العدل، ولن أقول الشفافية تلك المصطلح الذي أكل بسببه أغلب المسؤولين أموال الناس، بعد أن مرت عليه سنوات من البيع بالأمر المباشر. جبهة المصالح في "الجبلاية" تصالحت مع بعضها البعض ورفعت شعار "يحيا الثبات على المبلغ" ، وطالبت بتأجيل المزايدة لوقت آخر لأسباب مختلفة، ولكنها اتفقت على مصلحتها الشخصية، ولكل طرف منها له مصلحة مختلفة، وللأسف فإن الاتحاد عاش سنوات طويلة تحكمه تلك المصالح وليس من الآن، والتجربة الجديدة هى استمرار لتلك الحالة "المقرفة". فالاتحاد طوال سنوات ماضية كان يصدر قرارته خاصة فيما يخص النواحي المالية حسب وجهة نظر المستفيدين، الله يرحم أيام بيع حقوق بث المباريات في بدايتها. الغريب أن كل من يتحدث عن مصالحه الشخصية "جدا" ، يغلف كلامه بأنه نوع من الحرص على الصالح العام وتظهر على ملامحه علامات التقوى والورع وكأنه "لسه جاي من حالا الحج" وتنقصه "السبحة والجلبية القصيرة". وتجد ذلك في كل النواحي الرياضية، فالرافضين لبيع حقوق الإتحاد بنظام المزايدة يبررون طلبهم بأنه نوع من الحرص على المال العام "الله على الكلام الشفاف" ويتعاملون مع الرأي العام على اعتبار أنه مجموعة من " العبط" والمجانين أو العميان، وهم في الحقيقة مثل القرد الذي يمشى مختالا بنفسه وكأن الناس لا تشاهده على حقيقته. كل من يعرف أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة يعرف بالتأكيد أسباب طلب التأجيل أو الرفض، وكلهم – الرافضون – اتفقوا على ضرورة تحقيق مصالحهم الشخصية، ومنهم من يعمل في المحطات الفضائية. وعندما طالب البعض بضرورة عدم الجمع بين عضوية مجالس الإدارات والعمل الإعلامي، خرج علينا الأشواس يؤكدون أن عضوية مجلس الإدارة عمل تطوعي - الله على التطوع - وأن العمل الإعلامي أكل عيشهم، كما أن هناك آخرين رفضوا بيع الحقوق بالمزايدة لاعتبارات الصداقة التي تجمعهم بمسؤولين في إحدى الوكالات - الله على الصداقة - وهو الواحد ليه عند صاحبه إيه إلا ثلاث حاجات معروفين "ولو كنت متعرفهمش خلي واحد من أصحابك يعرفهملك يمكن تكون في يوم من الأيام عضو مجلس إدارة. لذا فإن الحدث الأخير يوجب على حسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة اتخاذ قرارا ينهى به هذا اللغط والبحث عن المصالح الشخصية، وعدم ترك الأمر في أيدي مجموعة من المنتفعين. في نادي الزمالك هناك تطاحن بين الجميع للقفز على كراسي مجلس الإدارة، وطبعا كل منهم يسوق نفسه على اعتبار إنه منقذ العناية الإلهية للبيت الأبيض، رغم أنهم جميعا لا يبحثون إلا عن مصالحهم الشخصية، بل أن منهم من نصب نفسه كصاحب للنادي، ويمنح صكوك الغفران للجميع، لدرجة أصابت جماهير النادي المجروحة في كرامتها على حال ناديها بالإحباط والغضب والحزن، وأصبح النادي في حالة يرثى لها. في الوقت الذي يعلن فيه المسؤولين السابقين في الزمالك عن مدى حبهم لناديهم - الله على الحب والهيام - فمن الحب ما قتل، ويظهر ذلك في التهافت على التعين في اللجان المؤقته التي أدارت النادي في السنوات الماضية التي تخطى عددها عدد مجالس الإدارت المنتخبة في نفس المدة . ما لايريد البعض من جماهير نادي الزماالك أن يقتنع به أن ناديهم لن يعود طالما استمرت الأوضاع بداخله بهذا الشكل المؤسف، وأن نادي الزمالك خلال سنوات قليلة لم يعد ناديا كبيرا بفعل التصرفات الصغيرة والمخزية التي قام بها مسؤوليه على مدار السنوات الماضية، وأصبح النادي يعيش على ذكريات الماضي، والكبير لا يكون بماضيه، ولكن حاضره أيضا لا يقل أهمية عن الماضي. المؤكد أن نادي الزمالك لن يعرف طعم الإستقرار في الفترة المقبلة، ولن يكون قرار حسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة بخصوص النادي بعد الحكم القضائي هو الأخير، فمجلس الإدارة إذا رحل سيلجأ للمحكمة هو الأخر للطعن على حكم الحل الذي حصل عليه مرتضى منصور، وقد تعيده المحكمة بعد أن تكون لجنة مؤقته لإدارة النادي لحين إجراء انتخابات، بعدها سيلجأ منصور للمحكمة من جديد، ويستمر الجميع يدور في حلقة مفرغة والخاسر الوحيد سيكون النادي الأبيض. فالأحداث التى شهدها نادي الزمالك في السنوات العشر الأخيرة أخذت من رصيده الكثير، لدرجة أن جماهيره الشابة موجودة فقط بالوراثة، من النادر عن تجد شابا صغيرا زملكاويا من تلقاء نفسه. على الهامش: الأيام القليلة المقبلة ستشهد مفاجأة من العيار الثقيل لجماهير النادي الأهلي ومجلس إدارته، بفعل خبر أعلنه مجلس الإدارة منذ شهور، ولكن تلك المفاجأة ستغضب إدارة النادي بشدة، لأنها تأخذ من مصداقيتها أمام جماهيره العريضة!