أعاد حسن شحاتة المدير الفني لمنتخب مصر اكتشاف فراعنة 2008 أمام الجزائر، واستحق العلامة الكاملة قبل حتى الصراع على كأس البطولة. استعراض مصر أمام الجزائر لم يأت بسبب الحماس أو بدافع الانتقام، ولا لأننا أفضل منهم مهاريا فقط .. لكن لأن المعلم قدم مباراة مثالية يستحق عليها العلامة الكاملة. فكما تعرض حسن شحاتة المدير الفني لمنتخب مصر إلى نقد كبير بعد الأداء المتذبذب أمام الكاميرون، يستحق تماما كل كلمات الثناء والمديح بعد اكتساح الجزائر. ما قدمه منتخب مصر من إبهار سببه الرئيسي أننا لعبنا على نقاط ضعف الجزائر، فأجبرنا رابح سعدان على التركيز في إصلاح كوارثه، وتناسي الهجوم على الفراعنة. ومن يرى صانع ألعاب فولفسبورج كريم زياني يقف على حدود منطقة جزاء الجزائر يحاول مواجهة المحمدي أغلب دقائق مباراة مصر، يعي درس المعلم لسعدان وأشباله. فماذا فعل المعلم؟ أولا إصلاح الأخطاء، فمنذ بداية البطولة يضايقني شعور أننا لسنا مثل 2008، دفاعنا ليس منظما مثلما كان في الماضي، ومرتدات الفريق لا تخرج بالسرعة الكافية. وأغلب مشاكل مصر خططيا كان سببها غياب المساندة لظهيري الجنب، فلعب معوض والمحمدي دون غطاء، ولذا ظهر أكيلي إيمانا جناح الكاميرون بطلا دون بطولة. في 2008 كان عمرو زكي يميل تماما لليسار أثناء الدفاع ليكون غطاء معوض، وبالتالي كان دفاع مصر محكما وهجمات الفراعنة قوية موجهة، ما افتقدناه في أنجولا. لكن هذه المشكلة تم علاجها أمام الجزائر، فعادت مصر التي عهدناها في 2008، وقدمت أفضل أداء ممكن، بسبب صنع المعلم لمحطات لعب جديدة تدعم الظهيرين. محطات لعب أبرز نقاط ضعف الجزائر المساحات الكبيرة خلف ظهير جنب الفريق الأخضر، بسبب طريقة لعب عنتر يحيى يمينا، وضعف نذير بلحاج دفاعيا في مواقف رجل لرجل. ولذا تمركزت خطة شحاتة حول منح حرية هجومية للمحمدي، ولينجح في ذلك، قرر أن يلعب أحمد حسن بجوار ظهير أنبي بدلا من أمامه مثلما حدث منذ بداية البطولة. فكان الصقر يتحول للاعب ارتكاز أثناء انطلاقة المحمدي الهجومية، فعمل أحمد حسن كمحطة تساعد الظهير على الهجوم دون خوف من المساحات التي يخلفها في ظهره. كما أدى حسني عبد ربه ذات الدور الذي قدمه الصقر لكن مع معوض، وبالتالي كانت هجمات مصر تفتح دفاعات الخصم على مصرعيه. ومع تواجد معوض أو المحمدي على آخر الجناح، تقلصت المساحة التي كان يغطيها زيدان، فبات يتحرك في العمق أكثر من الطرف. وكانت تحركات زيدان على الطرفين تهدر طاقته، بينما مع تواجد المحمدي أو معوض بات لاعب دورتموند أقرب لعماد متعب، وظهرا كثنائي متفاهم لأول مرة في البطولة. بل وتحول زيدان لمحطة لعب تستند عليها الهجمات المصرية، ونجم البوندزليجا يجيد الاحتفاظ بالكرة، وسرعته تعينه على فتح آفاق لرفاقه استغلوها بنجاح ساحق. وذلك على عكس المباريات السابقة التي كان فيها عماد متعب هو محطة الربط بين الوسط والهجوم، ولاعب الأهلي يفتقر للقوة والقدرة على حماية كرته تحت الضغط. الضغط المثالي تحسن أداء مصر في الضغط بما لا يقاس أمام الجزائر، فظهر ثنائي ارتكاز الفراعنة في وسط الملعب، وليس على حدود منطقة جزاء الحضري مثلما حدث أمام الكاميرون. وتتلخص فكرة المعلم في توظيف أحمد فتحي كارتكاز وحيد يتقدمه ثنائي، حين نهاجم من اليمين يكون حسن ارتكاز، وينضم عبد ربه ليصبح صانع ألعاب مجاور لزيدان. والعكس في اليسار، يتحول عبد ربه لارتكاز يضغط مع فتحي على مفاتيح لعب الجزائر، ويدخل حسن العمق ليصبح صانع لعب يعين زيدان على التقدم لجوار متعب. وما أثار جنون سعدان أنه لم يعرف كيف يغلق المساحات المفضوحة وراء بلحاج، خاصة وأنه كان يلعب بخمسة في المنتصف ولا يمكنه تكثيف الوسط بأكثر من ذلك. وبما أن الجزائر فشلت في امتلاك نسق المباراة وهم 11 لاعبا، طبعا زادت حيرة سعدان وهو بعشرة فقط، وانتهى اللقاء بنسبة له حين وصل إلى تسعة. وبالمثل، تغييرات شحاتة جاءت مثالية، فكثف وسط الملعب حين شعر بأن نسق مصر يقل، وسحب فتح الله ليفسح مجالا أمام جدو المهاجم حين تطلب الأمر "لدغة هجومية". وأعتقد - ولا يمكن تأكيد ذلك - أن مشاركة محمد عبد الشافي تعكس افتقار أحمد عيد عبد الملك وشيكابالا لشيء ما فنيا أو بدنيا في عيون المعلم. وذلك يفتح جدالا أمام المعلم في مواجهة غانا، خاصة إن غاب متعب عن المباراة بسبب الإصابة، إذ أن مشاركة حسام غالي أو جدو تحتاج لحسابات ودراسة للنجوم السوداء.