أقيمت مباراة الإسماعيلي والأهلي تحت شعار " في حب مصر" ، وهنقول إنها إنتهت على خير ، ولم يحدث إعتداء على حافلة النادي الاهلي ، على إعتبار أن الحدث فردى ومن قلة منحرفة، وما إلى ذلك من شعارات لا تقل سخافة عن شعار في " حب مصر " . لو تم حادث إلقاء الحجارة على حافلة فريق الأهلي في وقت أخر غير الوقت الذي رفع فيه الجميع شعار " حب مصر" لصعدت إدارة الأهلي الأمر ، ولكن لم يحدث ذلك بتعليمات من حسن حمدي رئيس النادي حتى يتأكد الجميع أن اللقاء تم في حب مصر . مديرية أمن الإسماعيلية نفت أن يكون هناك إعتداء قد حدث على فريق الأهلي رغم إعتراف الجميع بالحادث ، ولكن أمن الإسماعيلية إعتمد في نفيه على أنه لا توجد محاضر رسمية في أقسام الشرطة لإننا " بلد شهادات " . في كل الأحوال لا يجب فعلا أن نتوقف عند الحادث " الخايب " الذي وقع لفريق الأهلي وأن نبدأ من الأن في بناء جسور الروح الرياضية بين الجماهير ، ولكن هذا لن يحدث بالمبادرات " الفوقية " بل سيحدث ذلك عندما تشعر الجماهير بالعدل بين الأندية وأن تتعامل إدارات الأندية بإحترافية محترمة ، وإذا لم يحدث ذلك فسيبقى "اللي في القلب في القلب ". حب مصر لا يكون بالشعارات ، ولكنه بإحتراف العمل الجاد ، وليس ب " الضحك على الدقون" وإيقاظ الضمير ومحاسبة المخطئين في كل المجالات سواء في الوسط الرياضي أو غيره ، وإذا كنا جادين في تفعيل شعار " في حب مصر " يجب أن يخرج علينا مسئولي إتحاد الكرة والجهاز الفني للمنتتخب الوطني الأول ليفسروا للرأي العام أسباب خروج مصر من تصفيات كأس العالم ، بعيدا عن الأسباب الوهمية التي باعها إتحاد الكرة للجماهير طوال الفترة الأخيرة وحصرها في إعتداءات الجزائريين على الجماهير المصرية في السودان لأن هذه الإعتداءات المبالغ فيها تمت بعد المباراة . لاشك أن اتحاد الكرة الحالي أصاب وأخطأ وهذه طبائع الأمور وليس مطلوبا من الإتحاد أو الجهاز الفني أن يحقق النجاح على طول الخط لأن الفوز والخسارة واردان في كرة القدم ، ولكن يجب أن نناقش الأخطاء حتى نتعلم منها ونعرف أسباب الخلل ، أما الهروب ومحاولة نسيان ما حدث ليس في صالح الكرة المصرية . حب مصر لن يتحقق إذا ما إستمرت سياسة إتحاد الكرة التي تفرق بين الأندية ، رغم أنه من المفترض أن الإتحاد هو الأب الشرعي لكل الأندية ويجب أن يتعامل مع الأندية بسياسة واحدة ولا تفرق بين الأندية بناء على جماهيريتها وشعبيتها ، بدليل أن الجبلاية علقت نتيجة مباراة الزمالك وحرس الحدود ، وحسمت نتيجة لقاء الجونة وغزل المحلة لصالح الغزل فورا بدون مناقشة الأسباب ، وهو ما أشعر نادي الجونة بالظلم لأنه ليس ناديا جماهيريا .
"حب مصر" في دماء الفقراء والمظلومين حتى لو كان "حب من طرف واحد" حب مصر يسري في دماء المصريين ، الفقراء والمظلومين - حتى لو كان حب من طرف واحد - قبل الأغنياء الحاصلين على حقوقهم كاملة ، ولكن هذا الحب سيتأكد لدى المصريين عندما يجدون أن هناك جهات مسئولة تحاسب وتعاقب المخطيء وتعيد الحق لأصحابه . حب مصر سيتحقق عندما تكون الكفاءة هى معيار الإختيار وليس الوساطة و"الكوسة" وأن يكون للموهوب مكان في هذا البلد ، لأنه في غياب العدل لا مكان للحب ، فالظلم يأخذ في طريقه شيء . حب مصر سيأتي بطريقة منطقية وبلا ترتيبات عندما يشعر كل مواطن بأنه يشعر بكرامته في بلده قبل البحث عنها في الخارج . حب مصر سيجد لنفسه مكانا عندما يتوافر الحد الأدني للحياة الكريمة لكل مواطن ، وأن يكون كل المواطنين أمام القانون سواء ، ولا يشعر أحد بأنه مواطن من الدرجة الثانية وهناك أخرين من الدرجة الأولى . عندما نقضى على العشوائيات والبطالة والظلم وسوء السلوك والفساد الذي يسرى في جسد المجتمع المصري حتى أنهكه ويتحقق العدل سيعود الحب لمصر،لأنه من غير المقبول أن نعيش على أطلال الماضي وذكرياته ، ونقضي ما تبقى من العمر في مباهاة الأخرين بماضينا فالأمم تعيش على تاريخها ولكن حاضرها لا يقل أهمية . حب مصر سيكون أكثر فعالية عندما تدار المؤسسات على إعتبار إنها ملكية عامة وليست عزبا خاصة لمديريها يتصرف كل منهم فيها وكأنه صاحبها ورثها عن أجداده . أعلم مقدما أن ما يقوله الإعلام مجرد كلام في كلام لأنه لا أحد يسمع ولا يريد أحد أن يتحرك ، ولكن ليس مطلوبا من الإعلام ملاحقة الفاسدين بل واجبه إلقاء الضوء عليهم وعلى الجهات المسئولة إتخاذ إجراءاتها التي لا تحدث .