كتبت في المقالة السابقة أنني أعيش حلما جميلا بعد فوز مصر على إيطاليا وتألقها أمام البرازيل وطالبت ألا يوقظني أحدا من هذا الحلم الجميل، ولكنني للأسف استيقظت على كابوس مريع. فالحلم الجميل الذي عشناه وحلمنا بالتأهل للدور قبل النهائي ومواصلة المشوار والحصول على المركز الثالث على أقل تقدير تبخر واستيقظنا على كابوس الخسارة الثقيلة والمذلة من منتخب مازال يحبو في عالم كرة القدم مقارنة بالبرازيل وإيطاليا أو حتى مقارنة بمنتخبنا صاحب التاريخ الطويل والعريق. وحقيقة كنت أتوقع الخسارة من أمريكا وكان "قلبي حاسس" ولكني توقعتها هزيمة بفارق هدف تمنح بطاقة التأهل لإيطاليا، ولكنني لم أتوقع أبدا ولم يتوقع أحد حتى بوب برادلي مدرب امريكا نفسه السيناريو الدرامي الذي انتهى بفوز أمريكا بثلاثية لتتأهل على حساب مصر وإيطاليا. وفي البداية يجب ألا نهاجم الجهاز الفني للمنتخب ولاعبيه أو نبدأ حملة "التقطيع فيهم" لأنهم هم أنفسهم المدربين واللاعبين االذين أفرحونا منذ أيام قليلة أمام إيطاليا وأمام البرازيل، ولكن يجب علينا وضع أيدينا على أسباب الخسارة المفاجئة والتي حرمتنا من كتابة تاريخ جديد للكرة المصرية والعربية. أولا: الاعلام المصري له الدور الأكبر في الهزيمة فهو يبالغ كثيرا في حالة الهزيمة ويبالغ أيضا في حالة الفرحة، وكان لابد أن نفرح بالفوز على إيطاليا ولكن ليس بهذه الطريقة المبالغ فيها والتي دائما ما تأتي بأثار عكسية على اللاعبين بل وعلى الجماهير أنفسهم بعد ذلك. ثانيا: الجهاز الفني أخطأ باقامة الأفراح والليالي الملاح في جنوب إفريقيا عقب الفوز على إيطاليا وشهد المعسكر حالة من الاحتفالات التي يصعب معها التركيز في مباراة هامة خلال أقل من 72 ساعة فقط من لقاء إيطاليا.
فوز الجزائر على زامبيا في ملعبها منح الجزائر بطاقة التأهل لكأس العالم، وأصبح شبه مستحيل أن تتأهل مصر للبطولة ثالثا: استهانة اللاعبين المصريين بالمنافس إذا كان أقل منهم وخاصة بعد تحقيق نتائج إيجابية مع فرق كبيرة وقلة التركيز لديهم عن تركيزهم الكبير في المباريات الصعبة، وهو ما يفسر مستوانا السيء مع أمريكا بعد التألق أمام البرازيل وإيطاليا، ويفسر مستوانا السيء في كأس العالم 90 أمام أيرلندا المتواضعة بعد تألقنا وتعادلنا مع هولندا الجبارة، وخسارتنا الثقيلة من السعودية بالخمسة في كأس القارات عام 99 بعد تعادلنا مع بوليفيا والمكسيك، وهو أيضا ما يؤكده خروجنا من تصفيات كأس العالم في العشرين عاما الأخيرة بالتعثر أمام منتخبات متواضعة رغم التألق أمام المنتخبات الكبرى والفوز عليها. رابعا: تجهيز حسن شحاتة ل15 لاعبا فقط واشراكهم بصورة أساسية مثلما كان يفعل مانويل جوزيه مع الأهلي وعدم منح فرص تدريجية للاعبين البدلاء لكي يكونوا جاهزين ويمتلكوا خبرة المباريات الدولية عندما يحتاجهم المنتخب، فوضح تأثير غياب محمد زيدان وسيد معوض للاصابة لأن البديل لهم لم يكن جاهزا وكان "مخضوضا" سواء أحمد سمير فرج أو أحمد عبد الغني أو محمد محسن أبو جريشة. خامسا: أخطأ حسن شحاتة بعدم ضم أحمد حسام "ميدو" خاصة بعد ابتعاد المهاجمين عماد متعب وعمرو زكي للاصابة، واذا كان خلاف ميدو مع زكي هو سبب استبعاده من البداية لصعوبة مشاركتهما معا، فإن ضمه كان لازما بعد خروج زكي للاصابة خاصة في ظل وجود مهاجم واحد فقط "دولي" بمعنى الكلمة، وبكل تأكيد فإن ميدو حتى ولو كان بقدم واحدة سيؤدي أفضل من عبد الغني أو أبو جريشة لما يمتلكه من خبرة طويلة في المباريات الصعبة ويكفي اسمه فقط لزرع الخوف في قلوب المدافعين المنافسين. خلاصة الموضوع: بطولة كأس القارات تجربة مرت وانتهت بحلوها ومرها، ويجب ألا نتوقف أمامها كثيرا، ولكن يجب أن نتعلم منها فكلها دروس مستفادة حتى لا نكرر هذه الأخطاء في المستقبل. نقطة أخيرة: فوز الجزائر على زامبيا في ملعبها منح الجزائر بطاقة التأهل لكأس العالم، وأصبح شبه مستحيل أن تتأهل مصر للبطولة، فيجب على الجمهور المصري الا يضع أمالا على التأهل كما يجب على الاعلام المصري تهييء الجماهير لذلك حتى لا تتعلق بالأمل المستحيل وتتعرض لصدمة كبيرة في نهاية المطاف مثلما حدث في كأس القارات.