ستبقى مباراة البرازيل أمام منتخب مصر في ذاكرة الجماهير المصرية مثلها مثل مباراة مصر أمام هولندا في نهائيات كأس العالم 1990 بعد الأداء الطيب الذي قدمه المنتخب في كلا المباراتين، وإن حزنت الجماهير لنتيجة لقاء البرازيل الأخير خاصة وأن منتخب مصر لم يكن يستحق الخسارة التي مني بها أمام ملوك الكرة الجميلة في العالم لدرجة أن الناس في الشوارع والقهاوي والبيوت هنأت بعضها ونسيت أن منتخب مصر خسر المباراة لأن النتائج في مثل هذه المباريات الكبرى لا تهم. لو قلت لأي شخص لم يشاهد لقاء البرازيل ومصر أن اللقاء انتهي بسبعة أهداف، وطلبت منه أن يتوقع النتيجة، فلن يخطر علي باله أن المباراة انتهت 3-4، بل سيتوقع أنها انتهت بفوز السامبا بفارق كبير من الأهداف. جاء أداء منتخب مصر مقنعا علي المستوى الهجومي بدليل أنه أحرز ثلاثة أهداف في مرمى المنتخب البرازيلي بكل نجومه، ولكن للأسف لم يكن كذلك على المستوى الدفاعي، وتسبب دفاع مصر في خسارة اللقاء بأخطاء ساذجة ومتكررة في كل مبارياته تقريبا، وهي أخطاء تكلف المنتخب كثيرا بلا داعي، وأضاع خط دفاع المنتخب المصري الشكل الجميل الذي ظهر عليه المنتخب أمام البرازيل، ومنح الفوز لمن لا يستحق، لأن الأهداف الأربعة التي دخلت مرمى الحضري ليس لها علاقة بأننا نلعب أمام البرازيل بل هي أهداف يمكن أن تدخل مرمانا أمام أي فريق. يقول المثل الشعبي الدارج "اللي ملوش ظهر ينضرب علي بطنه" وهو مثل ينطبق تماما علي منتخب مصر، فالفريق "اللي ملوش ظهر يخسر من طوب الارض" فمنتخب مصر يلعب تقريبا أغلب مبارياته بلا خط دفاع، وهو أمر مستفز جدا، فمن غير المعقول أن تعاني الكرة المصرية منذ سنوات طويلة من أزمات دفاعية، ولم يجهد أحد نفسه في البحث عن حلول لهذه الأزمة العويصة، ولا يتحمل الجهاز الفني للمنتخب بقيادة حسن شحاتة مسؤولية ذلك، بل تتحملها الأندية خاصة الكبيرة، فمن يصدق أن الكرة المصرية تعاني بشدة من عدم ظهور ظهيري جنب منذ سنوات طويلة، ولجأ مدربي الأندية إلى توظيف لاعبين في هذين المركزين من أمثال احمد فتحي في الجانب الأيمن رغم أنه لا يلعب في هذا المركز، ولم يحاول أي مدرب من مدربي الأندية أن يجد الظهير الصريح. مشكلة الدفاع المصري لم تتوقف علي ظهيري الجنب، بل تعاني أيضا من مراكز قلب الدفاع، ووضح في لقاء البرازيل خطورة الكرات العرضية والتي أحرز منها منتخب السامبا ثلاثة أهداف من أهدافه الأربعة، لدرجة أن أي كرة عرضية أصبحت بمثابة ضربة جزاء علي المنتخب المصري. فأغلب المدافعين "يرتقون لأسفل" في الكرات العرضية، ويتركون المهاجمين يحرزون الأهداف بكل سهولة، وهي مشكلة أخرى تعاني منها الكرة المصرية والمنتخب الوطني منذ سنوات إلا أن الفوز المتتالي الذي حققه المنتخب في السنوات الأخيرة دفع البعض لتجاهل هذه الأزمة، ولكن لابد من التوقف الآن كثيرا أمام تلك المشكلة، لأن أي فريق مهما كانت قوته الهجومية لا يمكنه تحقيق الفوز طالما يعاني دفاعيا، وهي نفس الأزمة التي عانت منها الكرة البرازيلية لسنوات طويلة حتي وجدت الحل في السنوات الأخيرة. أهم ما خرج به منتخب مصر في لقاء البرازيل هي استعادة ثقة اللاعبين في أنفسهم وثقة جماهيرهم في لاعبيهم، كما استعاد أغلب نجوم المنتخب مستواهم السابق وعلى رأسهم محمد أبوتريكة - بعد غياب استمر ما يقرب من عام ونصف العام - الذي ساهم بشكل كبير في الأداء القوي الذي الذي قدمه الفريق بخلاف "بصمته" على الأهداف الثلاثة التي أحرزها المنتخب، بالإضافة إلى محمد زيدان الذي عاد كما كان في بطولة الأمم الإفريقية الأخيرة بغانا، كما اقترب محمد شوقي من مستواه السابق. في نفس الوقت مازال هناك العديد من اللاعبين بعيدين عن مستواهم السابق أمثال عصام الحضري وحسني عبد ربه، فمازالا بعيدين عن مستوياتهما التي كانا عليها في بطولة الأمم الإفريقية 2008، ويبدو أن احترافهما في دوري ضعيف في الموسم الأخير - في سويسرا والإمارات - لعب دورا كبيرا، وهنا يجب أن يعيد اتحاد الكرة النظر في احتراف اللاعبين الدولين في الدوريات الضعيفة. ثبت بالدليل القاطع أن المنتخب المصري يجيد عندما يلعب بحرية هجومية، مثلما حدث في بطولتي الأمم الإفريقية 2006 و 2008 ، وتكرر في مباراة البرازيل الأخيرة ، بعد أن مني مرمي عصام الحضري بثلاثة أهداف ، ولا يجب أن يغير الفريق استراتيجيته في أي مباراة. في ظل حالة الفرح والانبهار التي تعيشها الجماهير المصرية بعد الأداء القوي أمام البرازيل، لايجب أن ننسي أن الهدف الأهم لدي الجماهير المصرية هو الوصول لنهائيات كأس العالم، ويجب أن تكون بطولة كأس القارات ما هي إلا استعداد للمباريات الأربعة القادمة في تصفيات كأس العالم. - محمد صبحي حارس مرمي المنتخب والنادي الإسماعيلي ظل واقفا مع "ريكاردو كاكا" نجم البرازيل عقب اللقاء وظهر أمام شاشات التليفزيون وكأنه يتحدث معه "طبعا البرتغالي بتاع صبحي هايل".