غضب ستيفانو فارينا كثيرا من مدربه في صفوف الناشئين بسبب خلاف على مركزه في الملعب، ولكنه بدلا من خوض تجربة في مكان آخر، اتخذ قرارا أكثر شجاعة بتحويل مساره إلى التحكيم، ليصبح واحدا من أهم قضاة الملاعب في الكرة الإيطالية. لم يحتج فارينا، الذي اختير حكما لمباراة القمة بين الأهلي والزمالك، وقتا طويلا للتضحية بخمس سنوات من لعب الكرة عندما أيقن أن هناك طريقا آخر لتحقيق هدفه: وهو التفوق على ذلك المدرب! ويسترجع فارينا تلك اللحظة التي وقعت وهو في ال17 من عمره قائلا: "اختلفت مع المدرب فطلب مني الذهاب واللعب في فريق آخر". ويضيف للموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يوفا) "بدلا من ذلك، قررت أن أكون حكما ووضعت نصب عيني هدفا واحدا، وهو التحكيم في مسابقة أعلى من تلك التي يمارس فيها التدريب". وربما تبرز هذه اللحظة الشجاعة والإصرار الكبيرين اللذين يتمتع بهما فارينا، واللذين كانا السبب في وصوله إلى التحكيم في الدوري الإيطالي الممتاز ودوري أبطال أوروبا، وهما بالتأكيد أعلى كثيرا من البطولات التي خاضها مدربه السابق. قرارات حاسمة ويرى فارينا أن "الشجاعة التقنية" هي أهم ما يميز الحكم الناجح. ويفسر هذه النظرية بقوله: "على الحكم أن يتحلى بالشجاعة الكافية لاتخاذ قرارات حاسمة في أي وقت من المباراة، منذ الدقيقة الأولى وحتى الدقيقة الأخيرة". ويحفل تاريخ فارينا بكثير من القرارات الحاسمة التي تختلط أيضا بالبطاقات الملونة، ربما كان أبرزها مباراة تشيلسي وبرشلونة في دوري أبطال أوروبا، والتي أخرج فيها البطاقة الصفراء عشر مرات. وساهم الحسم الشديد الذي يتمتع به فارينا، والذي يعترف بأنه تعلمه من الحكم الإيطالي السابق لويجي أنيولين، في تحقيق قفزات سريعة في مشواره مع التحكيم. وبدأ فارينا بتحكيم مباريات دوري الدرجة الثانية الإيطالي في أواخر عام 1994 ولكن تم تصعيده لإدارة مباريات الدوري الممتاز بعد أربعة أشهر فقط. وانطلق فارينا بعدها لإدارة مباريات هامة مثل كأس السوبر الإيطالي إضافة إلى لقاءات حساسة في دوري أبطال أوروبا منها ريال مدريد وأرسنال في 2006. اعتراف بالخطأ ولا تقتصر جرأة فارينا على اتخاذ قرارات صعبة في الملعب فحسب، وإنما تمتد لتشمل الاعتذار عن هذه القرارات في حال ثبوت خطأها.
فارينا يناقش مورينيو ففي فبراير من العام الجاري، احتسب فارينا هدفا سجله إستيبان كامبياسو لإنتر ميلان ضد فريق كاتانيا على الرغم من وجود اللاعب الأرجنتيني في موقف تسلل. وبعد مشاهدته لإعادة اللعبة في التلفزيون، وجد فارينا في نفسه الشجاعة الكافية للاعتراف. وقال في محطة راي التلفزيونية الإيطالية: "ليس لدي مشكلة في الاعتراف بأني مخطئ". ويوضح الحكم البالغ من العمر 46 عاما أن الحكم الناجح عليه أيضا أن يتقن "التعامل مع ضغوط الصحفيين ومراسلي التلفزيون والجماهير وأن تبتعد بنفسك عن كل ذلك". ولكن واقعة أخرى في المباراة نفسها بين إنتر وكاتانيا أثبتت فشل فارينا في تنفيذ هذا الجزء من نظريته حول تعريف الحكم الناجح. فارينا اضطرب بشدة أثناء المباراة بعد الهجوم العنيف الذي شنه عليه جمهور كاتانيا نتيجة احتساب الهدف، ما جعله يتخذ قرارا مفاجئا بمغادرة الملعب بعد نهاية المباراة، من دون مصافحة لاعبي الفريقين، كما تنص القواعد المعمول بها في الدوري الإيطالي. وأوضح فارينا أنه فضل الانسحاب سريعا "حتى نتجتنب إثارة مزيد من الجدل في الملعب. بدا لي في وقتها أن هذا هو القرار الصحيح". مثير للجدل ولكن هذه الواقعة لم تكن الوحيدة المثيرة للجدل في مشوار فارينا، الذي أثبت في أكثر من مناسبة أنه يتأثر بالضغوط الخارجية سواء من الجماهير أو اللاعبين. واتهم جوزيه مورينيو المدير الفني السابق لتشيلسي الحكم الإيطالي بأنه تأثر سلبا باعتراضات لاعبي برشلونة في المباراة التي حصل فيها لاعبو الزرق على ستة إنذارات. وقال مورينيو حينها في تصريح أبرزته هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي.) "عندما ترى كل هذه الإنذارات في مباراة ليست عنيفة، فذلك يعني أن لاعبي المنافس سعوا إلى ذلك". وأوضح "في كل خطأ كان يحيط بالحكم سبعة أو ثمانية لاعبين (من برشلونة) يطالبونه بإشهار البطاقة الصفراء. الأمر لم يكن سهلا عليه". وكان لأليكس فيرجسون المدير الفني لمانشستر يونايتد واقعة أخرى تزيد في حدتها مع فارينا. فالمدرب الاسكتلندي المخضرم أعلن أن ناديه يدرس تقديم شكوى رسمية ضد فارينا في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بسبب تعامله مع إصابة