هذه البطولة ليست مثل أي بطولة سابقة لكأس العالم ، ليس فقط لأن مبارياتها أذيعت تليفزيونيا في العديد من دول العالم للمرة الأولى في تاريخ المونديال ، ولكن لأنها شهدت بزوغ نجم من أبرز نجوم كرة القدم عبر التاريخ إن لم يكن الأبرز على الإطلاق هو البرازيلي إدسون أرانتيس دو ناسيمينتو الذي عرفناه باسم الجوهرة السوداء "بيليه". أقيمت النسخة السادسة من التجمع العالمي السادس على الأراضي السويدية ، وذلك في المرة الثاني على التوالي التي تستضيفها دولة أوروبية ، وشهدت نظاما جديدا من حيث مبارياتها ، فشارك فيها 16 فريقا من جميع أنحاء العالم تم تقسيمهم إلى أربع مجموعات تضم كل منها أربعة فرق ، ولأول مرة أقيمت مباريات بين فرق كل مجموعة من أجل الوصول إلى أول وثاني كل مجموعة ، وتقام مباراة فاصلة بين فريقين إذا ما تساويا في النقاط. ولم يكن العمل بإجراء القرعة عن طريق التصنيف مثلما هو حاليا ، بل كان بناء على الجغرافيا ، فتم وضع فريق واحد في كل مجموعة من أوروبا الغربية ، وآخر من أوروبا الشرقية ، وفريق من المملكة المتحدة وأخير من أمريكا اللاتينية. لكن أكثر الفرق التي دفعت ثمن ذلك كانت إنجلترا التي تفخر دوما بكونها الدولة التي اخترعت اللعبة ، فوقعت في مجموعة كابوسية تضم بجوارها كل من البرازيل ، الاتحاد السوفييتي والنمسا صاحبة الميدالية البرونزية في المونديال السابق في سويسرا. كما أن المجر لم تعد نفس الفريق الذي يرعب جميع منافسيه ، فقد هرب نجومه الكبار بوشكاش وكوشسيس وشيبور بعد الاجتياح السوفيتي للبلاد في 1956 ، بينما استفاد السوفيت من ذلك وشاركوا في المونديال للمرة الأولى ، وكانوا أحد الفرق المرشحة للفوز باللقب. وبالرغم من مرور ما يقرب من نصف قرن على هذه البطولة ، فإن الكثير من الخبراء والنقاد يعدونها أفضل بطولة في تاريخ المونديال حتى يومنا هذا ، ويكفي أنها البطولة التي شهدت ميلاد نجم بيليه كأفضل لاعبي العالم بلا منازع ، وذلك بالرغم من صغر سنه آنذاك فلم يتعد عمره الثامنة عشرة عند بداية البطولة. والطريف أن البرازيل لم تكن تنوي الاعتماد على لاعبها المراهق ، لكن منتخب السامبا اضطر لإشراك بيليه بعد تعادله المخيب للآمال مع إنجلترا بدون أهداف ، وهو التعادل السلبي الأول في تاريخ بطولات كأس العالم ، ليشكل بيليه وطريقة 4-2-4 المبتدعة في هذه البطولة من قبل البرازيليين ثنائيا رهيبا استطاع إخضاع كل المنافسين بعد النتيجة السلبية أمام الإنجليز. لكن بيليه لم يكن النجم الأوحد للبطولة ، فقد كان هناك المهاجم الفرنسي جوست فونتين الذي أحرز 13 هدفا في البطولة ليعتلي عرش هدافيها ، بل ويحقق رقما قياسيا لم يقترب منه أي لاعب عبر تاريخ البطولة حتى الآن رغم زيادة عدد المباريات ، فأحرز منتخب الديوك 11 هدفا في الدور الأول بمساعدة فونتين وتأهل بسهولة إلى ربع النهائي ، كما تأهل أيضا منتخب الدولة المضيفة. وفي حين شاركت أربعة فرق ممثلة للمملكة المتحدة في البطولة ، لم يكن أحد يتخيل أن الفريقين المتأهلين من بينهم هما ويلز وأيرلندا الشمالية ، وأن الفريقين المغادرين مبكرا هما إنجلترا واسكتلندا. مباريات دور الثمانية لم تشهد مفاجآت ، فتخطت ألمانيا حاملة اللقب المنتخب اليوجوسلافي بهدف نظيف ، كما تخطى أصحاب الأرض العقبة السوفييتية الصعبة بجدارة وهدفين نظيفين ، في حين استخدمت فرنسا وسيلتها السحرية "فونتين" في اكتساح أيرلندا الشمالية برباعية نظيفة ، بينما كانت البرازيل المتممة لفرق المربع الذهبي بفوز صعب على ويلز بهدف وحيد كان الأول لبيليه في تاريخ مسابقات كأس العالم. وبالرغم من أن عدد المباريات المتبقية على نهاية البطولة كان أربع مباريات فقط ، شهدت تلك المباريات الأربع 27 هدفا ، كانت أقلهم معدلا للتهديف مباراة السويدوألمانيا في قبل النهائي وانتهت لمصلحة أصحاب الأرض 3-1 ، في حين شهدت المباراة الأخرى في نفس الدور فوز البرازيليين على الفرنسيين 5-2 ، واضطر أبناء السامبا للجوء إلى سحر بيليه ليتغلب على سحر فونتين ، فأحرز الأول ثلاثية رائعة دكت حصون "الديوك". لكن فونتين لم يتوقف عند مباراة قبل النهائي ، بل تجاوزها إلى رباعية رائعة ساعدت فريقه على الحصول على الميدالية البرونزية متغلبا على ألمانيا 6-3 ، في حين واصل بيليه توهجه المونديالي مساعدا منتخب السامبا في الحصول على لقبه الأول بالفوز على السويد 5-2 ، وكأن البرازيل لم تعرف كأس العالم قبل "الجوهرة السوداء". نجم البطولة : أدسون أرنتاس دي ناسامينتو هو أشهر إسم في في التاريخ الكروي العالمي ولكن بطريقه أخرى هي "بيليه". ولد بيليه في الثالث والعشرين من أكتوبر 1940 ليكتب له أن يكون أحد أفراد شهر ا