كونك لاعبا موهوبا لا يعني بالضرورة أن تكون مناسبا لكل فريق ستلعب بألوانه أو كل مسابقة تطأ قدميك ملاعبها. كرة القدم أثبتت ذلك على مدار أجيال متعاقبة، مواهب ونجوم فشلوا هنا ونجحوا هناك، والعكس صحيح. ذلك المشهد السينمائي المستهلك بوجود نفق طويل ومظلم ينتهي بضوء ساطع موجود بالفعل في كرة القدم وفي أكثر من مثال، لكننا هنا نستعرض 5 أمثلة استطاعت قلب الطاولة لصالحهم. بيير إميريك أوباميانج: لا يبدأ الكثيرون مسيرتهم الاحترافية مع عملاق بحجم ميلان الإيطالي، غير أن الدولي الجابوني فشل في أن يرتدي القميص الأحمر والأسود في أي مباراة رسمية. انتقل إلى الدوري الفرنسي على سبيل الإعارة فلعب لأربعة فرق أشهرها موناكو وسانت إيتيان، تألق بشدة مع الأخير فسجل 10 أهداف في 35 مباراة كانت كفيلة بأن يشتريه النادي الفرنسي ليثبت أنه كان صفقة رابحة بتسجيل 31 هدفا في 62 مباراة. في 2013 تمكن بروسيا دورتموند من خطف اللاعب العداء الذي أثبت هذا الموسم تحديدا أنه رغم كل ما مر به كان مادة خام للموهبة الإفريقية. يذكر أن أوباميانج المرشح الأقوى حاليا للفوز بجائزة أفضل لاعب إفريقي في 2015. كينجسلي كومان: قضى كومان 9 سنوات من عمره داخل نادي باريس سان جيرمان متدرجا بين الفئات العمرية المختلفة، فريق الرديف والفريق الأول الذي لعب له 3 مباريات فقط. على الرغم من ذلك، كان صاحب الأعوام التسعة عشر محظوظا جدا لأن أعين الخبراء في يوفنتوس استقطبته في 2014 في صفقة انتقال حر بعد انتهاء عقده مع النادي الباريسي. الحظ وحده لا يكفي، بل الكثير منه. في 30 أغسطس الماضي وقع الشاب عقدا مع بايرن ميونيخ لمدة موسمين على سبيل الإعارة، عين جوارديولا الشابة والخبيرة وقعت هذه المرة على كومان الذي يبدو سعيدا جدا في بافاريا حيث صرح مؤخرا "أنا سعيد جدا هنا ولا أفكر في العودة ليوفنتوس".. لم لا؟ فقد استدعاه المنتخب الفرنسي الأول للمرة الأولى في مسيرته بعد أن انضم لبايرن. خوان ماتا: لا يعلم الكثيرون أن صانع الألعاب الإسباني قضى 4 سنوات في ريال مدريد من 2003 إلى 2007 بين فريق الشباب وفريق الرديف الذي لعب له 39 مباراة سجل فيها 10 أهداف، لكن ذلك لم يؤمن له مكانا في الفريق الأول ليتوجه إلى نادي فالنسيا. تألق ماتا في فالنسيا أجبر أندري فيلاش بواش مدرب تشيلسي آنذاك على التعاقد مع اللاعب الذي تسلم قميصه المفضل (رقم 10) ومرت الأيام تباعا في هدوء حتى عاد جوزيه مورينيو لقيادة الفريق من جديد في 2013 الذي جعل الدكة موقع ماتا الجديد، فكان يفضل أن يلعب بالبرازيلي أوسكار مكانه على أن يسعى ماتا جاهدا لتطوير نفسه واللعب على الأطراف، فكانت فترة سيئة للاعب شعر فيها بالإحباط. هربا من جحيم مورينيو، انتقل ماتا في يناير 2014 إلى مانشستر يونايتد في صفقة لم يتوقعها الكثيرون لكنها حدثت مقابل حوالي 37 مليون جنيه إسترليني. ماتا بدأ النصف الأول من الموسم مع تشيلسي مسجلا هدفا واحدا في 17 مباراة، بينما استطاع تسجيل 6 أهداف في 15 مباراة فقط في النصف الثاني بألوان الشياطين الحمر في جميع المسابقات، وهو الآن يشعر بالاستقرار أكثر من أي وقت مضى. ماتس هوميلز: هوميلز يحمل علامة الجودة من بايرن ميونيخ الذي دخل أكاديميته في 1995 حيث كان في السادسة من عمره وظل لاعبا للنادي حتى 2009، لا يوجد أي لاعب آخر في هذا التقرير بقى في فريقه الأصلي أكثر من المدافع الألماني (14 سنة). على الرغم من كل هذا لم يلعب للفريق الأول سوى مباراة واحدة فقط! ثم خرج في إعارة لموسم واحد (2008/09) إلى بروسيا دورتموند حيث لعب هناك 25 مباراة بجوار نيفين سوبوتيتش الذي أصبح زميله الدائم لاحقا. في فبراير 2009 وقع هوميلز على عقود تضمن بقاؤه في دورتموند بصورة نهائية مقابل 4 ملايين يورو فقط لتبدأ رحلة جديدة في موسم 2010-11 الذي شهد تألق الثنائي الدفاعي الجديد هاملز وسبوتيتش ونجحا في الفوز مع الفريق ببطولة الدوري ليس مرة واحدة بل مرتين متتاليتين، فالفريق فاز بالدوري مجددا في الموسم التالي. مستوى هوميلز مع دورتموند كان مفتاح وجوده أساسيا في تشكيل يواكيم لويف المدير الفني لمنتخب ألمانيا وحقق معه بطولة كأس العالم 2014 وكان أحد الأعمدة الأساسية مع الماكينات. بول بوجبا: الكرة الذهبية والفتى الذهبي في 2013، أفضل لاعب شاب في كأس العالم 2014.. هذه أهم إنجازات بول بوجبا على المستوى الشخصي منذ انضمامه إلى يوفنتوس ولكن، لم يأتي كل هذا بين يوم وليلة. في 31 يوليو 2009 أعلن بوجبا أنه سيرحل عن ناديه الأصلي (لو هافر) وأن وجهته ستكون مانشستر يونايتد الإنجليزي في خطوة فاجأت ناديه الفرنسي الذي أصدر لاحقا بيانا رسميا يهاجم فيه اللاعب وعائلته والنادي الإنجليزي الذي "حرض" اللاعب بطريقة أو بأخرى وهدد أيضا باللجوء إلى الاتحاد الدولي. حرب بوجبا القانونية – وغير القانونية - للانتقال إلى مانشستر نجحت في النهاية وأكمل اللاعب انتقاله رسميا في 7 أكتوبر 2009 لكن الأمور لم تجري على ما يرام بالنسبة للشاب الذي كان واثقا بشدة في نفسه، في المقابل كان سير اليكس فيرجسون بكل خبرته هناك على رأس الفريق. وكما فعل في ناديه الأصلي، جاء الدور على مانشستر يونايتد الذي عانى مما فعله مع لو هافر. بوجبا رفض تجديد عقده مع الفريق وخرج السير ليعلن أن بول بوجبا وقع لمصحلة نادي يوفنتوس منذ فترة طويلة، وصرح قائلا: "انه لأمر محبط. لا أعتقد أنه أظهر لنا أي احترام بكل صراحة." يضاف إلى الإنجازات الفردية السابق ذكرها حصول بوجبا مع فريقه الجديد، يوفنتوس، على بطولة الدوري 3 مرات وكأس ايطاليا مرة واحدة والسوبر الإيطالي 3 مرات، كما فاز مع منتخب فرنسا تحت 20 عاما بكاس العالم في 2013.