قوة كروية كبيرة.. الأكثر تتويجا بالبطولة الأكبر في إفريقيا وإحدى مؤسسي الاتحاد الفدرالي للقارة.. كيف لمصر أن تملك تاريخا كهذا ولا تتأهل لكأس العالم سوى مرتين فقط في تاريخها؟ يظن البعض أن مصر كانت تتعرض لسوء توفيق مستمر في التصفيات المونديالية يخرجها من السباق، أو أن قوة المنتخبات الإفريقية حين يتعلق الأمر بكأس العالم هي السبب، لكن الحقيقة أن مصر هي من رفضت كأس العالم قديما، فلفظها في تاريخه الحديث. 19 نسخة من بطولة كأس العالم، ومصر لم تكن حاضرة سوى في بطولتين.. فهل أن مصر فشلت 17 مرة؟ الإجابة ببساطة لا، لكن مصر لها تاريخ طويل مع الاعتذارات والانسحابات أدى بها لهذا النصيب الضعيف من المشاركات. أوروجواي 1930 في النسخة الأولى من بطولة كأس العالم عام 1930 كانت مصر ضمن الدول المدعوة للمشاركة في البطولة لأنها لم تكن بنظام التصفيات بعد. منتخب مصر تأخر عن اللحاق بالسفينة التي كانت تقل المنتخبات المشاركة لأوروجواي، وهكذا ضاع علينا شرف المشاركة في أول نسخة من البطولة الكروية الأعظم على وجه الأرض. فرنسا 1938 بعد أن شاركت مصر في النسخة الثانية للبطولة عام 1934، كان على موعد مع المشاركة في أول تصفيات بتاريخ القارة الإفريقية للتأهل لكأس العالم. أوقعت القرعة مصر في مواجهة رومانيا، ولم يكن حينها نظام التصفيات يفصل بين القارات. مصر اعترضت على توقيت مباراة رومانيا لأنه تزامن مع حلول شهر رمضان الكريم وتقدمت بطلب رسمي لتعديله. وفي الوقت الذي كانت تدرس فيه الفيفا تعديل موعد المباراة، دعا الاتحاد المصري لكرة القدم فريق فرست النمساوي لخوض مباراة ودية مع منتخب مصر. الفيفا علم بالواقعة فقرر اعتبار المنتخب المصري منسحبا، وتأهلت رومانيا للمشاركة في البطولة للمرة الأولى في تاريخها. البرازيل 1950 بطولة كأس العالم توقفت في الفترة من 1938 وحتى 1950 بسبب الحرب العالمية الثانية، وتذكروا أن منتخب مصر حتى هذه اللحظة لم يغب عن كأس العالم بسبب الخسارة وإنما لأسباب تعود لمصر فقط. في مونديال البرازيل عام 1950 امتنعت مصر عن السفر للبطولة بسبب بعد المسافة بين البلدين. السويد 1958 أخيرا فشلت مصر في التأهل لكأس العالم لأسباب طبيعية، وكان ذلك في مونديال 1954 حين خسرت أمام إيطاليا. في المونديال التالي بالسويد عام 1958، كانت مصر ستلاقي الكيان الصهيوني في التصفيات المؤهلة لكأس العالم والتي أقيمت في السويد، لكن مصر اعتذرت عن المواجهة لعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني، فتأهلوا هم للمرحلة التالية من التصفيات. تشيلي 1962 مرة أخرى تكون الفرصة سانحة للمصريين، لكنهم يتعالوا على كأس العالم.. في تصفيات نسخة مونديال 1962 وقعت مصر مع السودان. توقيت المباراة تزامن مع موعد الرياح الموسمية على البلدين المتجاورتين، ما دعاهما لطلب تأجيل المباراة، وحين رفض الاتحاد الدولي ذلك، انسحبا من التصفيات معا ولم يتأهل أحدا منهما. إنجلترا 1966 مقاطعة مصر لكأس العالم لأسباب غير كروية مستمر، وفي نسخة عام 1966 التي أقيمت في إنجلترا، قاطعت مصر رفقة كل دول إفريقيا البطولة، اعتراضا منهم على احتلال بريطانيا لبعض الدول الإفريقية. المكسيك 1970 أخيرا كان مونديال 1970 في المكسيك، وفي تصفيات ذلك المونديال اعتذر المنتخب المصري عن المشاركة لظروف الحرب مع إسرائيل، والتي لم تنته سوى في 1973 حين استرد المصريين أراضيهم المحتلة في سيناء. كان ذلك هو تاريخ مصر مع الاعتذارات والإنسحابات والأسباب غير الكروية التي أبعدته عن كأس العالم، والتي جعلت محصلة مشاركات مصر في 9 نسخ من كأس العالم، مشاركة وحيدة و8 مرات غياب منهم مرة وحيدة بسبب الخسارة في التصفيات. بداية من 1974 وحتى 2014 لم يشترك المنتخب المصري في كأس العالم سوى مرة وحيدة أيضا في عام 1990 بإيطاليا، ولكن الإخفاقات هذه المرة كانت كروية وليست لأسباب أخرى.