الانتماء مطلوب ، ولكنه في كثير من الأحيان يتحول إلى التزام إجباري برأي واحد لا يجب الخروج عنه ، حتى ولو خالف هذا الرأي الحقيقة ، فيصبح الأمر أقرب منه إلى التعصب ، ومن يريد أن يفهم ما أقول ، عليه أن يستمع إلى الآراء التي قيلت في هدف الأهلي الأول في المصري والذي جاء من تسلل واضح حسبما أظهرت الإعادة التليفزيونية. ربما كانت اللعبة سريعة بعض الشيء ، وربما كانت الكرة تتحرك بشكل عشوائي ومتداخل بين عماد متعب وأحمد بلال وكاستيللو ثم بلال ثانية ، وربما كان سقوط سمير كمونة مدافع المصري قرب خط مرمى فريقه قد أربك مساعد الحكم ، ولكن الحقيقة التي ظهرت واضحة هي أن الكرة عندما وصلت إلى كاستيللو جاءته وهو في موضع تسلل ، وكان ينبغي على مساعد الحكم رفع الراية معلنا تسلله ، إلا أنه لم يفعل ، وبالتالي مرر كاستيللو الكرة إلى بلال الذي أودعها إلى المرمى محرزا هدف الأهلي الأول ، والذي أعقبه مباشرة هدف ثان أنهى به الأهلي المباراة بفوز مستحق ، بل إنه من باب إعطاء الحق لأصحابه يجب أن نقول إن النتيجة الطبيعية التي كان يجب أن تنتهي عليها المباراة هي فوز الأهلي بأربعة أهداف نظيفة على الأقل ، ولهذا ، فإن حديثنا عن صحة هدف بلال أو عدم صحته لا علاقة له من قريب أو من بعيد بأحقية الأهلي في الفوز بالمباراة ، لأن الفوز كان سيأتيه لا محالة أمام فريق ثقيل مستسلم يذكرني بفريق "الشمس" لكبار السن في النادي الأهلي ، ولكننا نناقش قضية أخرى ، وهي أن المحللين الذين كانوا يعلقون على هذا الهدف في محطات التليفزيون المصري كانوا يتحدثون وفق انتماءاتهم ، فأولئك الذين ينتمون إلى نادي الزمالك اعتبروا أن الهدف مشكوك في أمره ، وكل من ينتمي إلى النادي الأهلي اعتبر أن الهدف صحيح بنسبة 100% ، على الرغم من أن الإعادة التليفزيونية أظهرت بوضوح شديد أن كاستيللو كان متسللا ، ولكن الانتماء إلى لون القميص في الأغلب ما يعمي أعين الأغلبية عن الحقيقة. وحدث هذا في مواقف أخرى عديدة ، ففي مباراة الزمالك والجيش ، كان هناك لفريق الجيش ركلة جزاء واضحة وضوح الشمس ، ولكن الحكم لم يحتسبها ، ربما لم يرها ، وربما افترض سوء النية في لاعب الجيش معتقدا أنه "يمثل" باعتبار أن هذا الأمر أصبح بمثابة "عقدة" لدى بعض الحكام تجعلهم يتغاضون عن احتساب ركلات جزاء عديدة مؤكدة! المهم أن كل من علق على هذه اللعبة في وسائل الإعلام ، وبخاصة في التليفزيون من الزملكاوية ، إما تجاهلوها تماما ، أو أكدوا أن اللعبة "مافيهاش حاجة خالص" ، بينما أكد الأهلاوية منهم أن اللعبة ضربة جزاء واضحة! ولكن الإعادة التليفزيونية أوضحت أن اللعبة ركلة جزاء بالفعل ، ولو كان الحكم قد احتسب اللعبة ركلة جزاء لما لامه على ذلك أحد ، ولكن "كبر دماغك"!
"المسألة ليست أهلي وزمالك ، المشكلة مشكلة تعصب أعمى ، هذا التعصب هو الذي يجعلنا نرى لاعبا مثل مدحت عبد الهادي يكاد يفترس مهاجم الفريق المنافس فيطلق الحكم صافرته معلنا احتساب خطأ ضده ، فنجده - أي مدحت - يثور ويتعامل مع الأمر على أنه تعرض ل"ظلم بين" وأن الحكم قد أصدر ضده حكما بالإعدام". وهناك أيضا هدف أحرزه حسام حسن في مرمى الإسماعيلي في مباراة المصري والإسماعيلي الأخيرة ، حيث رفع مساعد الحكم رايته معتبرا أن حسام كان متسللا قبل إحرازه الهدف رغم أن الإعادة التليفزيونية أيضا أظهرت أن حسام كان يقف على خط واحد مع مدافع الإسماعيلي ، بما يعني - وفقا لقانون اللعبة - أنه لا يعد متسللا. المسألة ليست أهلي وزمالك ، المشكلة مشكلة تعصب أعمى ، هذا التعصب هو الذي يجعلنا نرى لاعبا مثل مدحت عبد الهادي يكاد يفترس مهاجم الفريق المنافس فيطلق الحكم صافرته معلنا احتساب خطأ ضده ، فنجده - أي مدحت - يثور ويتعامل مع الأمر على أنه تعرض ل"ظلم بين" وأن الحكم قد أصدر ضده حكما بالإعدام ، وبالتالي يكون رد الفعل على الجمهور الجالس في المدرجات هو التعبير عن نفس حالة الغضب والظلم التي عبر عنها اللاعب ، رغم أنه مقتنع تماما أنه أخطأ! والمشكلة نفسها يقع فيها دائما لاعب دولي كبير للأسف هو عبد الحليم علي ، إذ تشهد مباريات الزمالك مشهدا شبه متكرر بينه وبين مساعد الحكم ، إذ يختلفان على تسللات تحتسب ضد المهاجم ، على الرغم من أن مساعد الحكم هو الأقدر على ضبط التسلل في هذه الحالة ، مع العلم أن بعض حالات اعتراض عبد الحليم تكون على لعبات يكون فيها متسللا بفارق أمتار عديدة عن أقرب مدافع له ، ولكنه يصر على اعتراضه! وحتى نقول قولا فاصلا في مسألة الأخطاء التحكيمية ، نكتفي بأن نشير إلى قاعدة واحدة يجب على لاعبينا ومدربينا اتباعها حتى يستطيعون التركيز في اللعب وهي : "التزم بتعليمات الحكم وقراراته حتى ولو كنت مقتنعا تماما أنه أخطأ" ، ولا يجب لجماهير الأهلي أو الزمالك أن تتعامل مع الحكم على أنه "من دولة معادية" لمجرد أنه احتسب خطأ ضد أي من الفريقين ، وأتذكر هنا قولا مأثورا لعبده صالح الوحش عن مسألة أخطاء الحكام ، حيث يعتبر أن الحكم على اللعبة المشكوك فيها صعب للغاية داخل الملعب وفي نفس لحظة وقوع اللعبة ، ولكنه سهل جدا بعد مشاهدة الإعادة التليفزيونية ، وحتى بعد الإعادة يكون لكل منا ر