الألم العصبى هو ألم ناتج عن وجود ضرر ما أو الإصابة بمرض معين يؤثر على النظام الحسى الجسدى، وهو ألم مزمن ويستمر لفترة طويلة إذا لم يتم علاجه مبكراً، وأسبابه الحقيقية غير معلومة حتى الآن، فنحو 30% من حالات الألم العصبى مجهولة السبب، و30% أيضاً نتيجة الإصابة بمرض السكرى، وهناك نحو 50% من مرضى السكر يعانون من الألم العصبى، وعلى الرغم من أن السبب الحقيقى لظهور الإحساس بالألم ليس معروفاً فقد تكون دوافعه: حدوث صدمة، تناول المشروبات الكحولية بصورة مزمنة، نقص فى الفيتامينات، أو التعرض لمواد سامة مثل تناول بعض الأدوية المعالجة لأمراض معينة مثل أمراض السرطان، هذا ما أكده الأطباء أثناء المؤتمر التاسع لرابطة أطباء أعصاب طب القاهرة الذى أقيم تحت عنوان «مناقشة الجديد فى مكافحة الألم العصبى». ناقش المؤتمر كل ما هو حديث فى مجال معالجة الألم العصبى بما فى ذلك أساليب العلاج الحديثة، وكيفية التشخيص الدقيق للمرض، والآليات الحديثة فى مكافحة المرض. يقول أ. د. طارق توفيق، أستاذ أمراض المخ والأعصاب، طب القاهرة: يعد الألم العصبى مرضاً متجدداً، حيث إن ما كان يُتبع منذ عامين يعد الآن قديماً، فكل يوم يحدث جديد فى مجال الألم العصبى ولذلك تكمن أهمية المؤتمر فى أنه يتناول النواحى الحديثة فى المرض. وألقى د. توفيق محاضرة عن مصادر تولد الأمراض التى ينتج عنها الإصابة بالألم العصبى وركز على الأسباب الرئيسية التى تؤدى لحدوث الألم العصبى وهى مستقبلات الألم، يقول د. توفيق إن هناك نوعين من الألم، الألم السريع وهو ألم حاد وقوى ويحدث بشكل مفاجئ وألم بطىء مزمن يتطور خلال فترة من الزمن. ويضيف د. توفيق أن الإحساس بالألم فى الجسم يكون من خلال آليتين رئيسيتين، الأولى وهى الألم الذى يشعر به المريض عندما يكون هناك ضرر فى جهاز معين أو فى نسيج ما من أنسجة الجسم، مثلما يحدث بعد تلقى ضربة، أو التعرض لحرق ما، أو حدوث جرح أو وقوع ضغط ما على الجسم، أما الآلية الثانية فتتمثل فى الألم الذى يكون مصدره عصبياً، أو ناتجاً عن حدوث اعتلال عصبى وهو يحدث نتيجة الإصابة فى أحد أعضاء الجهاز العصبى، بما فى ذلك الدماغ والحبل الشوكى والأعصاب المحيطة. ويوضح د. توفيق أن الأعصاب الحسية تنقل المعلومات الحسية من جميع أجزاء الجسم إلى الدماغ، حيث تتم معالجتها وإعطاؤها المعنى الملائم لها، وكل نوع من الأعصاب المحيطة ينقل نوعاً مختلفاً من الإحساس، بما فى ذلك اللمسة الخفيفة، اللمسة العميقة والألم، درجة الحرارة، وغالباً ما ينتج الألم العصبى عن حدوث ضرر فى الأعصاب التى تنقل الألم أو درجة الحرارة. أما عن الآلية الدقيقة التى يتكون منها الألم العصبى، فيقول د. توفيق إنها حتى الآن ليست معلومة، ولكن من المرجح أن العصب بعد تعرضه لإصابة ما يعود إلى العمل بطريقة مختلفة عن تلك التى كان يعمل بها قبل الإصابة، فيرسل إلى الدماغ إشارات مغلوطة تنعكس فى تولد الإحساس بالألم، وفى بعض الحالات يكون الألم خِلْقياً أى منذ الولادة، ولكنه يكون فى الغالب مكتسباً فى إحدى مراحل الحياة. وعن نسبة الإصابة بالألم العصبى، يقول أ. د ساهر هاشم، أستاذ أمراض المخ والأعصاب، طب القاهرة، إنه حتى الآن لا توجد نسبة محددة دقيقة، وقد أثبتت الدراسات الأوروبية أن نحو 7% إلى 8% من مجمل تعداد الشعب الأوروبى يعانون من الألم العصبى، ويضيف د. هاشم أنه من المحتمل جداً أن يعانى أى مريض سكر بالأم العصبى. وعن أعراض المرض، يقول د. هاشم إن علامات الألم العصبى واضحة جداً ولكن يمكن للمريض أن يتجاهلها باعتبارها آلاماً عادية، وتتمثل الأعراض فى التنميل الشديد لدرجة أن المريض لا يستطيع النوم من كثرة التنميل فى ساقه العليا، الإحساس القليل لمحفزات الآلام، الإحساس المفرط والمبالغ فيه تجاه أشياء عادية مثل الشعور الزائد بالبرودة أو السخونة لشىء ما، أما أهم الأعراض فهى تتمثل فى عدم الشعور بالأشياء المؤلمة أى عدم استجابة الجسم لمحفزات الألم الطبيعية، وحدوث ألم ناتج عن استجابة زائدة عن حدها لمحفزات الألم، وأيضاً هناك الآلام الجلدية وهى الشعور بالألم من جراء محفزات لا يفترض أن تسبب الألم وهو ألم يشبه الشعور بالاحتراق أو الطعن، ويضيف د. هاشم أن النساء أكثر عرضة للإصابة بألم متلازمة الساق أكثر من الرجال وهو ألم شديد يحدث فى الساق لا يستطيع الجسم تحمله ويقال عنه «الساق الحزينة». واختُتم المؤتمر بنصيحة للأطباء بضرورة التدقيق الشديد فى التشخيص مع ملاحظة أهمية إجراء الأشعة اللازمة فور ظهور أى من الأعراض السابقة، كما أنه على من يشعر بوجود أى من العلامات التى تناولها المؤتمر أن يتعجل بزيارة طبيب متخصص فى أمراض المخ والأعصاب لتدارك مضاعفات المرض سريعاً.