يعد مرض التصلب العصبي المتناثر من أكثر الأمراض شيوعاً التي تصيب الجهاز العصبي المركزي المكون من الدماغ والحبل الشوكي. وهو مرض إلتهابي مزيل لصفائح الميلانين "النخاعين" المغطية للأعصاب. وهي عبارة عن مادة دهنيه تحمي وتساعد على سرعة إيصال الإشارات العصبية من المخ إلى أجزاء الجسم، مما يساعد على تحرك الجسم بشكل طبيعي. وتكمن خطورته في تأثيره المباشر على كافة أعضاء الجسم، وعن أسباب الإصابة به نتعرف خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد مؤخراً عن كل ما يدور حول هذ المرض. وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور فاروق طلعت أستاذ الأمراض العصبية بجامعة الاسكندرية، أن هذا المرض يعد من أكثر أمراض الجهاز العصبي انتشاراً، حيث يوجد أكثر من 2 مليون ونصف المليون مريض مصابون عالمياً، وهو يصيب النساء بنسبة 01 % اكثر من الرجال ) 3 نساء لكل 2 رجال، وينتج عن هذه الإصابة تعطيل للإشارات العصبية بين المخ وأجزاء الجسم الأخرى. ويستطرد الدكتور فاروق قائلاً: "يعد مرض التصلب العصبي المتعدد حالة متغيرة وتعتمد الأعراض على أماكن الإصابة بالجهاز العصبي المركزي فلا يوجد نمط واحد للأشخاص وبالرغم من وجود أعراض شائعة بين كثير من المرضى فلن يعاني مريض واحد من كل الأعراض مجتمعة. أعراض المرض ومن أكثر أعراض المرض شيوعاً هي: اضرابات بصرية تتمثل في غشاوة بصرية، زغللة أو ازدواج في الرؤية، والتهاب العصب البصري وغيرهم ، مشاكل من الأتزان وانسجام الحركة، وتحول في الاحساس مثل التنميل، ووخز إبر أو تخدير أو آلم بالوجه، آلم العصب الخامس أو آالم العضلات، بطء في النطق، وتلعثم في الكلام وغيرهم، مشاكل في المثانة والأمعاء، مشاكل مصاحبة للحياة الجنسية مثل العجز الجنسي أو الخمول، وزيادة الحساسية للحرارة أو معوقات الإدراك مثل فقدان التركيز وفقدان الذاكرة قصيرة المدي. وبالنسبة لمرض التصلب العصبي المتناثر فإن من الصعب التنبؤ بمسار المرضي فبعض الناس يتأثرون بالمرض بشكل طفيف بينما يعاني البعض الآخر من تقدم سريع للحالة تصل إلى عجز كلي كما يقع معظم المرضى بين هذين الطرفين. لذا يشدد الدكتور فاروق على أهمية التشخيص المبكر لمرض التصلب العصبي المتناثر، حيث أظهرت الأبحاث أن التشخيص المبكر والبدء المبكر في العلاج قد يؤخر من ظهور الإعاقة مقارنة بالعلاج المتأخر، وأن البدء في إعطاء العلاج مثل "البيتافيرون" للمصاب بعد الهجمة الأكلينيكية الأولي يؤخر تطور المرض لأكثر من سنتين في 11 % من الحالات وأن البدء المبكر للعلاج يخفض بوضوح ظهور اصابات نشطة جديدة عن المخ. وهناك طرق للتشخيص ومنها الفحص الطبي السريري حيث يتوقع حدوث المرض في النساء والرجال صغار السن عندما تظهر عليهم فجأة زغللة بالرؤيا أو رؤية مزدوجة أو أمراض حركية أو حسية في أماكن مختلفة ومتفرقة أو متعددة وغير مترابطة بالجسم، ويكون تذبذب الأعراض ووجود فترات نشاط وفترات كامنة للأعراض داعماً لتشخيص المرض، وعندما يشتبه في وجود التصلب العصبي يتم فحص قاع العين ومنطقة اتصال العصب البصري بشبكة العين. الفحص باستخدام الرنين المغناطيسي والذي تظهر به أماكن نزع الميلين الموجود بالمخ أو النخاع الشوكي على شكل بقع. وفحص السائل النخاعي، حيث تزداد نسبة البروتينات والاجسام المضادة مما يساعد على تشخيص الحالة في ما يقرب من 01 % من الحالات. ومن أساليب التشخيص عمل اختبارات لقياس الاستجابات، وذلك بتنشيط أماكن معينة بالمخ ثم رصد النشاط الكهربي بهذه الأماكن، وذلك من خلال التنبيه الحسي على سبيل المثال يستخدم الوميض الضوئي في التعرف على إصابة العصب البصري والذي يبين أن سرعة توصيل الإشارة تكون بطيئة بسبب نزع الميلين. واخيراً فقد تساعد أيضاً التحاليل المعملية في التمييز بين التصلب العصبي المتعدد والحالات المشابهة.
العلاجات المستخدمة للمرض وفي هذا الصدد، أشار الدكتور طارق توفيق أستاذ الأمراض العصبية بجامعة القاهرة، إلى بعض العلاجات المستخدمة لعلاج مرض التصلب العصبي المتناثر والجديد منها فيقول: أنه في حالة علاج الحالات الحادة من المرض يتم العلاج فور حدوث أعراض المرض وتشخيصه، وذلك بجرعات عالية من الكورتيزون ويستجيب لها أكثر من 01 % من المرضى، ويمكن أن يكرر هذا العلاج إذا لم يتحسن المريض خلال أسبوعين وبعدها يمكن اللجوء في الحالات التي لا تستجيب لجلسات فصل البلازما. والعلاج أيضاً يشمل علاج الأعررض التي تحدث بين الهجمات، وذلك مثل الآلم، والتنميل، وعدم الاتزان، وصعوبة الحركة، وسلس البول، بالإضافة إلى بالفيتامينات والكالسيوم. وهناك أيضاً علاج لتغير مسار المرض، وهذا هو العلاج الأكثر تأثيراً، ويهدف إلى: - تقليل عدد الهجمات أو النوبات وزيادة الفترة الزمنية بينها. - وقف أو ابطاء التدهور في الحالة الذى ي ؤدي للعجز وفقدان القدرة الحركية. - وقف أو إبطاء التدهور في القدرات الذهنية. - تقليل التغيرات التي تسببها الإصابة بالمرضى في فحص الرنين المغناطيسي سواء للمخ أو الحبل الشوكي، وتنقسم هذه الأدوية التي تعمل على تغير مسار المرض إلى ثلاثة أنواع، أولهم هو الانترفيرون، وهذا العلاج موجود منذ فترة طويلة وقد وصل بعض منه)، مثل "انترفيرون بيتا" إلى أكثر من 21 عاماً، ويلاحظ أنه علاج آمن ويقلل من حدوث النوبات بنسبة تصل إلى 11 %، كما أنه يقلل من التدهور الحركي والذهني وكذلك يقلل من التغيرات التي تحدث بفحص المخ والحبل الشوكي بجهاز أشعة الرنين المغناطيسي. ويتميز هذا العقار "انترفيرون بيتا" بأنه عقار آمن إلى حد كبير، وقد لوحظ أن المرضى الذين لا يتناولون هذا العقار فان معدل العمر لديهم يقل بنحو 11 سنوات مقارنة بأولئك الذين يتناولون العلاج. وهناك أيضا علاج آخر، مثل "الناتليزوماب" وهوعلاج قوي يقلل من نسبة حدوث الهجمات بنسبة 86 % ولكن هناك تخوف من حد وث التهاب في المخ بنسبة تصل إلى 1 في الآلف ويجب اتباع خطوات معينة لتجنب هذا العرض الجانبي الخطير.
وهناك نوع آخر وهو "الفينجلومود" وهو أول عقار يؤخذ يومياً بالفم وهو فعال ويقلل من حدوث الهجمات بنسبة تقل إلى 08 % وما ينقص هذا العقار أنه لم يجرب إلا لفترات قليلة وتحتاج لمزيد من الوقت لنتأكد من عدم حدوث أعراض جانبية خطيرة. ويلاحظ أننا نبدأ دائماً ب"الانترفيرون" ويمكن لنا في الحالات التي لا تستجيب أو لو وجد مانع من استخدام "الانترفيرون" فإنه يمكن البدء بأخذ أحد العقارات الأخرى مثل "الناتاليزوماب" أو" الفينجلومود". كما أوضح الدكتور ساهر هاشم في مصر أن معدل انتشار المرض بدأ في زيادة ولقد قمنا اعتباراً من 2010، 2012، بعمل إحصائيات للتعرف على مدى انتشار هذا المرض في محافظات أسيوط، والقاهرة، وطنطا، والاسكندرية، وتشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن هناك نسبة تتراوح بين 25-30 شخصاً من كل 100 ألف يعانون من المرض أى أن نحو 250 ألف مريض يعاني من التصلب العصبي المتناثر.