ثلاث جمل لافتة فى دوامة الأربعاء الماضى لها دلالة. الأولى مرت عابرة فى حديث لنائب الرئيس فى مؤتمره الفارغ، قال: «إذا تقاعست مؤسسات الدولة عن حماية الشرعية فالشعب سيحميها»، كثيرون قالوا إن مؤتمر مكى فى ذاته مؤامرة؛ لأنه حول الأنظار عن مجزرة ترتكب أمام أبواب القصر لصالح حديث فارغ من المحتوى والوعود وخطوات الإصلاح، لكن الأخطر أن الجملة بمثابة كارت أخضر للسماح بميليشيا شعبية بقمع متظاهرين سلميين، فالشرعية بوجهة نظره هى شرعية الرئيس المنتخب، التى تتعرض لمؤامرة غامضة لإسقاطها، أما لماذا أجزم بأنها ميليشيا شعبية؛ فلأنها تحركت وقمعت وشحنت وهرولت وتراجعت بأمر شخص واحد ما يملك قراراً، وعند انصرافها جرت فى عرض عسكرى يهتف: «قوة عزيمة إيمان، رجالة مرسى فى كل مكان». تواطؤ مؤسسة الرئاسة فى مجزرة الاتحادية له قرائن، لعل أبرزها الخروج المنظم لمؤيدى الرئيس فى حماية الحرس الجمهورى بعد ليلة دامية، استخدمت فيها الآلات الحادة والخرطوش وأجهزة اللاسلكى على أبواب قصر الرئاسة. **** الجملة الثانية خرجت فى بيان تنظيم الإخوان، الذى قال إن متظاهرين سلميين من أبناء الجماعة ووجهوا بحشود من البلطجية المسلحين بكل أنواع الأسلحة النارية والبيضاء وقنابل المولوتوف وقنابل مسيلة للدموع والحجارة، كما وجد قناصة فى الساحة، ثم قال البيان إن المواطنين الشرفاء والإخوان «قد نجحوا فى إجهاض مؤامرة الأمس». تعالوا نناقش بقليل من التأنى، لماذا لم يقتحم من سماهم البيان الخونة والبلطجية وأصحاب المولوتوف الاتحادية قبلها بيوم واحد وقد كانوا على بعد خطوات من الرئيس؟!، كم كان عدد هؤلاء الخونة وقت اقتحام الإخوان للساحة وخلع الخيام، وضرب النساء، وهل كانت شاهندة مقلد الشخصية التاريخية الفذة التى زارها جيفارا وكرمها لوقوفها ضد الإقطاع واحدة من البلطجية، أم أن الحسينى أبوضيف، صحفى الفجر «قتال قتلة»، أم كان المواطن مينا فيليب الذى تم تعريته وسحله واحداً من شيوخ المنصر؟! لكن الأهم من ذلك كله.. كيف تمكن ثوار الإخوان من إيقاف (البلطجية) وحملة المولوتوف والخرطوش، وكيف اكتشف الإخوان المسلمون خيوط المؤامرة وذهبوا لنصرة أخيهم مرسى، هل لديهم جهاز معلومات مثلما ألمح الشاطر من قبل بتصريحه الشهير عن رصد مكالمات تتآمر عليهم، وكيف ينتصر المتظاهر السلمى على طلقات الرصاص، ثم يحتفل فى عرض عسكرى بالنصر المبين.. العقل يقول إنه لا يقضى على الميليشيا المتآمرة إلا الميليشيا الموازية. **** «اشنقوهم».. هكذا طلب متصل بقناة الإخوان شنق معارضى الرئيس، وصمت المذيع مؤمناً، ربما بتأثير تراث قديم لمنظر الجماعة سيد قطب يرى فى «الجيل القرآنى الفريد» أنهم أبناء النبع الصافى والفرقة الناجية من الجاهلية، والجيل المتمتع بالاستعلاء الإيمانى.. حانت اللحظة الفراقة التى تخرج فيها هذه المفاهيم إلى الممارسة فى لحظة التمكين، (ملحوظة: غنى الإخوان نشيد التمكين بعد نجاح الثورة). منذ عامين، هاجم العلامة القرضاوى سيد قطب، وقال إن أفكاره خارجة على اجتهادات أهل السنة والجماعة، تصدى الإخوان للهجوم، وكان مرسى أحد اثنين اعتبرا رؤية قطب هى الممثلة للإسلام الصحيح.. اليوم مرسى رئيسٌ وبديع عضو التنظيم القطبى القديم مرشدٌ.. والمصريون لسوء الحظ غرقى فى الجاهلية، وحان الوقت لتأديبهم.