يومها يبدأ بحكاية، وينتهى بحكاية أخرى، وبين الحكايتين عشرات القصص والتفاصيل المختلفة التى تستحق أن تروى، فالعمل الأساسى الذى تقوم به سمر طاهر حالياً هو «الحكى» للأطفال، حيث تعتبر نفسها هى والعديد من أبناء جيلها ممثلين ل«الحكائين الجدد» الذين يختلفون بشكل كبير عن طرق حكايات أمهاتنا وجداتنا. وسط عشرات الأطفال تجلس سمر فى إحدى المكتبات الحديثة ل«تحكى»، لا تقول الحكاية فقط بصوتها، لكنها تعبر عنها بكل حواسها، حيث تستخدم كل ما تملكه من مؤثرات صوتية وحركية لإيصال المعنى للأطفال، ليس ذلك فقط، لكنها أيضاً تجعل من حكاياتها لعبة، فبعد انتهائها من حكى القصة تجعل الأطفال الحاضرين يمثلونها أو يرسمونها، أو حتى يشكلوها بالصلصال لكى تصل إليهم المعانى كاملة، وهو ما يجعل الأطفال أكثر تفاعلاً وحباً للقصة. «فى الأساس الطفل كائن معندوش ضمير، لأن الضمير لا يخلق فيه، والشىء الوحيد الذى يميزه فى سنواته الأولى عن أى كائن آخر هو التربية» هكذا تتعامل سمر فى حكاياتها للطفل، فالهدف الرئيسى هو تربيته ليكون إنساناً ذا ضمير ويحترم الآخر، حيث تؤلف سمر قصصها بعد تعمقها فى قراءة العديد من مذاهب التربية العربية والأجنبية، وتحكى سمر عن الفرق بين المدرستين «المدرسة العربية تقوم على تربية الطفل من خلال المذهب الدينى والثواب والعقاب، فالأم تأمر طفلها بأن ينظم غرفته لأن النظافة من الإيمان، أو علشان ربنا مايزعلش منك، وهو الأمر الذى لا يستوعبه الطفل بشكل كامل، بينما تقوم معظم مذاهب التربية الأجنبية على ربط السبب بالنتيجة، مثل أن يُحكى للطفل أنه يجب أن يرتب غرفته حتى تستطيع والدته أن تدخل وتلعب معه، أو «لكى تجد مكاناً تضع فيه لعبة جديدة سيأتيك بها والدك»، وتكمل سمر: «يجب مزج المدرستين معاً أثناء حكى الحكايات للطفل لخلق التوازن»، سمر أيضاً مؤلفة لسلسلة من القصص باسم «حكايات ليلى»، على اسم ابنتها الصغرى: «ليلى فتاة صغيرة عادية تتعرض لمشكلات صغيرة مثلها، فهى فتاة جيدة وليست فاسدة، وفى الوقت نفسه ليلى ليست فتاة مثالية، لكن بها الأخطاء الصغيرة التى نراها فى كل أطفالنا، لتصبح بذلك شخصية حقيقية من لحم ودم، صادقة وقريبة من الطفل، وهى محبوبة من أسرتها مهما كثرت أخطاؤها وهو مبدأ تربوى هام». تطور الزمن وتبدله لم يغير من اقتناع سمر بأهمية قصص ما قبل النوم، حيث بدأت حياتها العملية منزلياً من خلال حكى قصص قبل النوم لابنتيها، وتؤكد سمر أن العلم الحديث أثبت أن القصص فى هذا التوقيت تجعلها تترسخ فى عقل الطفل مدى الحياة، لذلك من المفيد وضع القيم الهادفة لكن بشكل غير مباشر ودون تخويف، وترصد سمر الفرق بين قديماً وحديثاً: «محمد فوزى فى أغنيته الشهيرة ماما زمانها جاية كان يقول: «ما بيشربش اللبن الصبح وكل صحابه ضحكوا عليه» أما الآن فلا نخاطب الطفل بهذه الطريقة، بل نبين له أضرار عدم شرب اللبن على صحته فى قصة مسلية تقوم على احترام عقل الطفل، فيجب أن نتكلم بلغته لكى يكون قادراً على التوحد مع بطل القصة، ماينفعش بطل القصة يبقى مثالى لأن كده الطفل مش هيعرف يتوحد معاه، لازم يبقى بشرى مش خارق وفيه عيوب ومميزات حقيقية». المكسب الحقيقى الذى تجنيه سمر من وجهة نظرها هو أن تعوّد الأطفال والأهالى على الذهاب إلى المكتبات لسماع الحكايات، يجعل فكرة الخروج من المنزل لا تنحصر فقط فى الوجبات الخارجية والملاهى، لكن أيضاً أصبح للكتاب والمكتبات جزء حقيقى فيها.