من جديد رفع ميدان التحرير لافتة "كامل العدد"، وارتفع الهتاف وتوحدت الإرادات ضد الإعلان الدستوري الجديد، ورغم جمال المشهد نكتشف أننا أمام مشكلة حقيقية، تتلخص في عناد الرئيس محمد مرسي ورفضه التراجع عن قراراته الأخيرة. في هذا الملف نقدم رؤية عدد من المبدعين في كتابة السيناريو للخروج من الأزمة الراهنة، والتي باتت تهدد أمن وسلامة الوطن. لميس جابر: تنحي الرئيس أفضل سيناريو للخلاص من المأزق وقالت الدكتورة لميس جابر إنه "يجب أن نعود للبداية، فما حدث من وجهة نظري يعد بمثابة سطو مسلح على السلطة في مصر، صحيح أن الديمقراطية هي التي جعلت مرسي رئيسا للجمهورية لكنها رغم سماتها الجيدة جلبت لنا ديكتاتورا". وأضافت "مشكلة جماعة الإخوان أنهم يمارسون الكذب ليل نهار، يتحدثون عن الحرية والعدالة ويفعلون عكس ذلك تماما. يجب أن يستيقظ الإخوان لأنهم يلعبون خارج الزمن، ولا يشعرون بالأحداث والمتغيرات الجديدة، فالشعب المصري ربما يسكت ويصبر لكنه ليس شعبا عبيطا، فهو يقظ ويعرف جيدا متى يتحرك للحصول على حقه". وواصلت لميس جابر حديثها "الإعلان الدستوري الذي أعلنه الدكتور محمد مرسي (قلب الدنيا) لأنه يعيدنا إلى عصر تكميم الأفواه وحبس الحريات، وهذا الإعلان كان له صدى في الخارج، حيث وصف رئيس وزراء ألمانيا الرئيس مرسي ب"هتلر الجديد"، وعلى الإخوان إدراك شىء مهم جدا وهو أن عصر التكويش انتهى". وعن السيناريو الذي تراه مناسبا للخروج من الأزمة، قالت "أنصح الرئيس أن يتصرف كما تصرف الرئيس السابق حسني مبارك، حيث تنحى تحت الضغط الشعبي، وقرر أن يترك المنصب، لذا أتمنى أن يتنحى مرسي ويترك المنصب حتى تعبر مصر الأزمة التي تهدد وحدتها". مجدي صابر: الرجوع للحق فضيلة وقال الكاتب مجدي صابر إن "الحل الوحيد في عبور الأزمة هو الرجوع للحق، فليس من صلاحيات الرئيس ولا من حقوقه الدستورية إصدار إعلانا دستوريا، فقرار الرئيس الأخير بإعادة المحاكمات يعد اعتداء واضحا وصريحا على القانون، كما أن الإعلان يعد تحصينا لقرارات الرئيس، بمعنى أنه لا يمكن الطعن عليها وهذا مخالف لقانون المحكمة الإدارية والدستورية العليا التي تتمتع بحق الاعتراض على قرارات الرئيس في حال مخالفتها للقانون". وأضاف صابر "أتصور أن الرئيس مارس حقا لا يملكه، وقام بالاعتداء على السلطة، ومع احترامي لشخص الرئيس أرى أنه يجب أن يتراجع عن قراراته الأخيرة التي أصدرها بدون مبررات مقنعة. وأتبع "لا أرى في تراجع الرئيس أي عيب أو خطأ لأن الرجوع للحق فضيلة، ويجب أن يدرك الرئيس أننا في محنة خطيرة تهدد المجتمع بالانقسام والبحث عن حل عاجل أمر ضروري لتفادي تداعيات وآثار الأزمة". محمد صفاء عامر: الانسحاب من السلطة يعيد الهدوء للشارع وعلق الكاتب والسيناريست محمد صفاء عامر، بقوله "المخرج الوحيد هو أن ينسحب الرئيس من السلطة، فهو بكل أسف لا يمتلك مقومات المنصب ولا يصلح أن يكون زعيما، والقرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس تؤكد أنه يعيش بمعزل عن الشارع وكان عليه أن يدرك أن الشارع الذي خرج لإسقاط مبارك ورجاله الفاسدين قادر على تصحيح الصورة في أي وقت". وحيد حامد: ما حدث انقضاض على الشرعية.. وسقوط النظام السبيل الوحيد لاسترجاعها رفض الكاتب وحيد حامد وصف الإعلام للأحداث الجارية بكلمة "الأزمة"، مؤمنا بأن ما يحدث يتجاوز هذا التعبير بكثير، وقال وحيد "أدرك تماما أن الإعلام يتعرض لضغوط كثيرة في هذه المرحلة، وأنه مهدد ومكبل وبالكاد يتنفس بصعوبة، لذا فأنا أرى أن كلمة "أزمة" تحمل تخفيفا شديدا للمصيبة الكبيرة التي نعيش فيها والتى تتشابه تماما مع هزيمة 67 والتي أطلقنا عليها مصطلح "النكسة". وأضاف وحيد "الإعلان الدستوري الأخير ليس إلا انقضاضا على الشرعية، ومن يعتدى على الشرعية فلا شرعية له، وعليه فإن العودة إلى الشرعية تتطلب إسقاط هذا النظام دون نقاش". بشير الديك: مرسي "البطل التراجيدي" في الأحداث.. والصراع سيضعنا في نفق مظلم وأكد السيناريست، بشير الديك، أن الرؤية الآن أصبحت واضحة، وأن الصراع أصبح في أقصى حالات الحدة والاشتعال. وأضاف "عندما يحتوي الصراع أطرافا كثيرة يصبح الحل أكثر سهولة، أما في الحالة التي نحن فيها يصبح الحل في غاية الصعوبة، لأن كل طرف يتمسك برأيه ووجهة نظره، فالطرف الأول وهو النظام الذي صنع الأزمة بإعلانه الدستوري واستقطب خلفه مؤيدين من جماعات الإسلام السياسي، هذا الطرف هو الذي صنع الانقسام الحاد في المجتمع ، أما الطرف الثاني فقد جمع كل الأطياف الثورية بجانب القوى المدنية ومعهم فلول النظام السابق، وهنا يصبح الصراع في أقصى حالاته اشتعالا. ووصف الديك الرئيس محمد مرسي ب"البطل التراجيدي" الذي تتجمع لديه العديد من السمات الدرامية مثل مسؤوليته عن حياة الكثيرين وبالتالي أخطاؤه تعود على الجميع ولا تضيعه وحده فقط. وقال بشير "كان أمام مرسي فرصة تاريخية للخروج على الشعب وإعلانه التراجع عن ذلك الإعلان الدستوري الذي انقسم الشعب بسببه ليثبت أنه حاكم لمصر كلها وليس لجماعة الإخوان المسلمين وحدها، وهذا سيجعله بطلا شعبيا ويضعه أمام مسؤوليته كقائد ورئيس متجاوزا الصغائر، وفي نفس الوقت لا يعطي فرصة لأذناب النظام السابق للتواجد في المشهد واستغلال الفرصة للعودة من جديد، أما السيناريو الآخر وهو عدم الاستجابة لمطالب القوى المدنية فسيؤدي إلى تصاعد للأزمة بشكل أكثر قوة وحدة مما يضع مصر في نفق مظلم، ونتمنى أن لا تصل الأمور لذلك أبدا، لذا فنحن نحتاج العقلاء من أبناء هذا الوطن لحل الأزمة وتجاوزها. عاطف بشاي: الصراع سيأخذ شكلا دمويا.. والشعب لن يتراجع عن مطالبه وضع السيناريست عاطف بشاي عنوانا لسيناريو الأحداث التي تشهدها مصر حاليا، وهو "عودة الروح والوعي". وقال "السيناريو الذي نعيش فيه حاليا بدأ من "نقطة التحول" التي تمثلت فيما عرف منذ عدة شهور ب"غزوة الصناديق"، والتي أوجدت تيارات الإسلام السياسي في المشهد، ومنحته الشرعية التي جعلته يكون أحزابا سياسية بمرجعية دينية، وهي مغالطة كبيرة ساهمت فيما وصل إليه الوضع الآن في مصر. وأوضح "للأسف لم ينشأ صراع في الشهور الماضية لأن القوى المدنية والليبرالية كانت للأسف متفرغة للسخرية من قوى الإسلام السياسي، وبينما كان تواجد التيار الديني يزداد قوة في الشارع المصري، كانت القوى المدنية والمثقفون يتحدثون بمصطلحات مضحكة وغير مفهومة بجانب وجود ما يسمى "بالنخبة الانتهازية". وعن المشهد الحالي، قال بشاي "بلغة الدراما نحن الآن أمام "المشهد الإجباري" أو "الماستر سين" في الأحداث وهو الذي تتجمع فيه قوى الصراع وتنتهي إلى ذروة درامية، وعلى الرغم من تأخر القوى المدنية في الاتحاد إلا أن الإعلان الدستوري الأخير كان له الفضل في ذلك، وأتصور أن الصراع سيأخذ شكلا دمويا في الأيام المقبلة، فمصر لم تكن أبدا دولة دينية ولن تكون، خاصة وأن النظام الحالي أخفق في تحقيق أهم مطلب للثورة وهو العدالة الاجتماعية ما دعا الشعب لمساندة القوى المدنية في صراعها مع قوى الإسلام السياسي بعد أن عاد إليه وعيه عندما لم يحصل على نتائج اقتصادية واضحة، وعندما اكتشف أن الجميع كانوا يتاجرون بآلام الفقراء دون تحقيق أية نتائج إيجابية". وأضاف "أرى بوادر قوية لاتحاد الإرادة الشعبية مع النخبة والذي سيكون له الغلبة في نهاية الأمر من وجهة نظري، سواء تراجع الرئيس عن الإعلان الدستوري أو لم يتراجع، ففي النهاية الشعب لن يقبل أن يحرم من تحقيق العدالة الاجتماعية التي فشل النظام الحالي في توفيرها له". محسن الجلاد: خائف من اشتعال الأزمة وحدوث "ثورة جياع" وصف الكاتب والسيناريست محسن الجلاد المشهد في مصر بأنه أشبه بصورة قاتمة، وأن الإعلان الدستوري يهدد بسقوط النظام، وقال الجلاد إن الحل الوحيد أمام الرئيس هو المواجهة، بمعنى أن يخرج للناس ويحاول إلغاء التحصين الذي حاول أن يمنحه لنفسه حتى يطمئن الشعب من جديد". وأوضح الجلاد "المصريون نجحوا في كسر حاجز الخوف، ومستعدون للدفاع عن حريتهم مهما كلفهم الأمر". وأشار الجلاد إلى أنه في حالة اشتعال الصراع بين القوى المدنية وتيار الإسلام السياسي سوف تشهد مصر ثورة جياع ونقدر نقول على مصر السلام. وأضاف "في هذه الحالة لن تفلح القوات المسلحة في احتواء الأزمة، وفي هذه اللحظة سوف ندخل نفقا مظلما من المستحيل الخروج منه. مصر الآن في أزمة وتحتاج من القيادة السياسية لتحكيم العقل واحتواء غضب الشارع لأن التحرك الشعبي يزيد من غليان الأحداث السياسية". وأكد أن التأخر في اتخاذ القرار يمثل كارثة لا يعلم مداها إلا الله، ومن الحكمة معالجة الأمور بسرعة قبل أن تزداد تعقيدا.