أمسك شعبان بكر بمطرقته وشاكوشه وجلس أمام مزلقان العمال فى الإسماعيلية، فى انتظار إشارة من أصبع صاحب عمل. منذ 40 سنة وعم شعبان يجلس فى المكان نفسه يصلى الفجر، ويتوكل على من يرزق الطير فى السماء، سنوات عمره ال67 لم تمنعه من الخروج مبكراً للحصول على لقمة عيش تقيم أوده وأسرته، حال عم شعبان لا يختلف عن حال 12 مليون عامل تراحيل ينتشرون فى طول مصر وعرضها، لا يعرفون عيد العمال ولا يسمعون عنه، لم يتحدث عنهم خطاب زعيم ولم تشملهم المنحة. عم شعبان قال: «يوميتى تختلف حسب طبيعة العمل وتقدير الزبون، أيام كثيرة تمر دون أن يطلبنى أحد للعمل». عمال التراحيل يواجهون ظروفاً معيشية صعبة ويعملون فى ظروف أصعب بدون تأمين اجتماعى أو صحى، يعتمدون على قوّتهم التى تخور مع مررو الزمن واعتلال الصحة، لم تهتم بهم يوماً حكومة أو وزارة قوى عاملة، ولا حتى نقابة. فى الإسماعيلية أغلب عمال التراحيل من محافظات الصعيد مهنتهم المعمار، يجلسون فى مكان اصطُلح على تسميته مزلقان العمال. حمدى على، عامل تراحيل منذ أكثر من 30 سنة، قال: «لا نعرف عيد العمال ولا ننتظره، لأنه لا يحمل لنا جديداً. نريد نقابة قوية تحمينا وتحافظ على حقوقنا، تضمن لنا فرص عمل كريمة وتأميناً صحياً واجتماعياً، ومعاشاً شهرياً يسترنا آخر العمر». ووقف شعبان سلطان، رغم شيخوخته البادية على ملامح وجهه، فى انتظار فرصة عمل لا تأتى بسبب كبر سنه وضعف قوته. يقول: «أخرج كل يوم من بيتى فى الميعاد نفسه، أقف وسط عشرات من الشباب أنتظر فرصة عمل، يأتى صاحب العمل يختار الشباب، ويتركنى، لا أستطيع الوصول إلى صاحب العمل بسبب مشاجرات الشباب، واشتباكهم بالأيدى للفوز بفرصة عمل». وطالب أشرف محمد حسن، عامل تراحيل من الإسماعيلية، بتوفير فرص عمل لعمال التراحيل من أبناء الإسماعيلية. وقدّر جلال الجيزاوى، ناشط عمالى، عدد عمال التراحيل فى مصر بأكثر من 12 مليون عامل، يعملون دون مظلة تحميهم، ليس لديهم تأمين صحى أو اجتماعى.