لا أعلم لماذا ظل حاضراً فى ذهنى وأنا أتابع جلسة المناقشة والتصويت على الدستور من قبل الجمعية التأسيسية مشهد سفرجى فى محل يحمل طبق كشرى ساخناً على صينية ويجرى بين الزبائن الجالسين صائحاً: وسّع للدستور!!! الدستور السخن، الدستور الطازة، دستور مصر واللى منها، الدستور معانا واللى يطق يموت، الدستور دستورنا واللجنة لجنتنا وانا وانت!!! وظلت جمل شعبية تخطر على أذنى يوم بليلة! فى يوم وليلة خدنا حلاوة الحب والدستور كله فى يوم وليلة، الحب الذى أوصانا عليه الرئيس، غير الحب الذى قصداه وردة وبليغ فى الأغنية الشهيرة، فحب الرئيس وأحضانه من طرف واحد!!! يعنى تقدر تقول تحرش صريح، فى يوم وليلة تم سلق 236 مادة على نار الشوق، ولقد قالها اللمبى سابقاً الشوق الشوق، الحب الحب، بلوبيف بلوبيف، ولأول مرة أعرف ماذا كان يقصد اللمبى بالبولوبيف، فهو دستور تأسيسية الغريانى!!!! كان الإجماع هو سيد الموقف والأفاضل المصوتون يرفعون أيديهم 236 مرة بالموافقة، وقد تحول اجتماع التأسيسية إلى صاله (جيم) يمارس فيها أعضاؤها التمارين برفع الأيدى لتسليك العضلات وللفتونة على المنسحبين من القوى المدنية!! حرم أعضاء اللجنة من النوم فى ليلة مقدارها 18 ساعة ومين يجيله نوم يا قلبى فى ليلة حلوة، ليلة مارست فيها اللجنة ذكورتها على مبادئ الحرية والمساواة والعدل والاتزان فى السلطات وسيادة الشعب وقيم الديمقراطية! الليلة يا عمدة، قالها مكتب الإرشاد والغريانى برغم أن أبوالعروسة أعطاهم فرصة أسبوعين فى إعلان دستورى مباغت وفى كلمة من راجل لراجل!! ولكن لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم!! الليلة يعنى الليلة وهى اللجنة هتودى وشها فين من الناس الصبح لو خرجت من غير دستور قوى منتفخ منتصر منتشى!!! تم دس 236 مادة فى حلق ومعدة اللجنة التأسيسية فى يوم وليلة دون اعتبار لتأثير هذا على اللجنة والشعب، فأما اللجنة فمكثت يتحشرج صوتها وتتقطع أنفاسها ومكث الشعب يعانون من روائح ذلك الدستور المسلوق ومخرجاته! 18 يوماً عمر الثورة حتى التنحى و18 ساعة عمر الدستور حتى السلق، سجلت فيها اللجنة أعلى معدلات الاعتراض على مبدأ السيادة للشعب!! نعم بعد الثورة العظيمة التى قال فيها الشعب كلمته تسجل اللجنة اعتراضها على سيادة الشعب، وهو الشعب صدق نفسه ولا إيه!؟ وإحنا الشعب والشعب إحنا واللى تعوزه اللجنة يحرم على الشعب، تلك الجلسة اللاهثة لم تتوقف وتتأنى إلا حينما نوقشت سيادة الشعب! وكيف نتكلم عن سيادة الشعب وهناك سيادة الرئيس!! جلسة لاهثة يجرى فيها أعضاء التأسيسية خلف قطار الرئيس والجماعة علهم يلحقون به، ولكن أثناء جريهم وراء القطار فقدوا كل شىء، فمنهم من فقد كل أمتعته وأغراضه ومنهم من فقد بعض ثيابه ومنهم من نسى فى لهاثه وداس على إخوته بجانبه ولكن لا يهم، المهم قطار الرئيس والسلطة، ويا وابور قولى رايح على فين ويا وابور قولى الاتحادية منين!! انسحبت القوى المدنية من كتابة الدستور ولكن الغايب مالوش نايب، واللى يعرف أبويا يقوله، ولو حد فتح بقه هنقفله على الناصية فى مليونية وهو راجع، واللى عايزنا يجينا إحنا مبنروحش لحد، والرجولة أدب مش هز أكتاف، لغة (عبده موته) تسيدت الموقف والغرور والعزة بالإثم هى العنوان!ا لا يسعنى بعد كل هذه الكوميديا السوداء إلا أن أقول إن مصر حزينة على ثورتها ولن تحضر هذا الزواج العرفى وستمتنع وترفض قطاعات كبيرة من المجتمع أن تذهب لتبصم على سِفاح!