أن تبدأ الأجهزة والمؤسسات الحكومية فى الالتفات إلى صناعة السينما فهو أمر رائع.. يبدو أن نداءاتنا لم تذهب سدى.. بدأ تعبير القوى الناعمة يتسرب إلى الناس ليفهموا معناه الذى طالما نادينا به وفسرناه وحلفنا عالمصحف بأهميته.. أخيرا وبعد طول خصام أو غياب أو تجاهل أو طناش.. سميها زى ما انت عايز.. حصل المراد من رب العباد وبدأ أول الغيث قطرة.. ابتدت تندع بالبلدى.. فقد حضر إلينا فى غرفة صناعة السينما الدكتور أشرف زكى ليبلغنا بالدعوة الكريمة الموجهة من وزارة السياحة والغرف والهيئات المعنية بالسياحة للاجتماع بنا بحثا عن وسيلة للتعاون بين السياحة والسينما.. الأمر الذى سوف يؤدى حتماً لتحسين صورة مصر فى الأفلام بعد هوجة العشوائيات.. ولانتباه السادة المسؤولين إلى أهمية الفن الذى يستطيع أن يروج لمصر سياحياً ويساهم فى زيادة الدخل القومى من واحد من أهم موارده. ■ تذكرت فى طريقى للاجتماع دعوة أخرى وجهت لنا منذ زمن بعيد لحضور إفطار رمضانى لمؤتمر كل القوى الوطنية.. وكان ذلك متزامنا مع القبض على جابر الطبال، إرهابى إمبابة الشهير بعد طول حصار أمنى للحى.. يومها قلت للدكتور عاطف صدقى، رحمه الله.. نحن الفنانين كتيبة من كتائب الوطن.. استغلونا فنحن نستطيع أن نقصر المسافة عليكم كثيراً فى الوصول إلى الناس حتى لا تسيطر عليها مثل هذه الجماعات الإرهابية باسم الدين.. كل هذا الحصار الأمنى كان يتحل بسلكة.. لو سبتونا نعبّر بحرية عن أفكارنا ولم تطلقوا علينا أجهزتكم الرقابية التى هى مرة لكم ومرات عليكم.. كنا قصّرنا الطريق.. والسلكة كانت وقتها سلكة التليفزيون.. مش السلكة بتاعة اليومين دول اللى بيسرقوا بيها القنوات المشفرة ويخربوا بيت الناس.. ولا فرق معاهم نداء عمرو خالد.. ولا عمرو دياب حتى. ■ صحيح أننى اكتشفت أن أحد أسباب الاهتمام الفجائى بالفن ورسالته المؤثرة هو الشعور بالقلق بعد النجاح العارم لمسلسل مهند التركى فى الترويج للسياحة التركية، خصوصاً فى البلاد العربية.. وتأثير ذلك على أرقام السواح الذين يتوافدون عليها، خصوصاً من البلاد العربية اللى شافت جمال تركيا فى المسلسل.. وصحيح إنى ما كنتش بطيق مهند ده رغم إنه كان حليوة ومقلوظ.. لأنه من ساعة ما المسلسل اتعرض والواد ده بهدلّنا الدنيا خالص.. الستات ساحت وناحت وابتدت تطالب رجالتها بأنهم يبقوا شبهه.. والرجالة كلضموا وهلضموا عندما أدركوا استحالة تحقيق ذلك.. واتعملت بيه إعلانات زهقتنا ف عيشتنا.. وطلع فى الكليبات.. وهوب اتعملتله فتاوى بتحريم ارتداء تى شيرت مهند فى الجامع وتحريمه هو شخصياً.. يعنى لغمط الدنيا خالص.. لكن كانت فرصة لطيفة إننا نشوف البلد النضيفة والناس الحلوة المستحمية اللى سنانهم بيضا وما بيضربوش سبرتو ولا جوبات ولا بياكلوا كشرى من عند العمدة.. لكن إذا كان هو السبب فى الانتباه إلى أهمية الفن فى التأثير على كل حاجة فى الدنيا ومنها السياحة.. يبقى مهند حلو.. وأنا مش قالبة عليه. ■ وصحيح أيضاً أن السينما المصرية لم تقصر فى تصوير مصر الجميلة كلما استطاعت أن تتخطى المعوقات والتحجر الفكرى والوظيفى والمعاملة السيئة من كل الجهات المعنية.. فلا ننسى أن فيلمين لعادل إمام وسمير صبرى هما اللذان روجا للغردقة عندما لم يكن بها إلا أوتيل شيراتون فقط.. وشورت وفانلة وكاب، ومن بعده سيل الأفلام التى روجت لشرم الشيخ والأمثلة كثيرة.. لكن مادام ماحدش فاكر يبقى نمشّيها مهند.. ولا يهمكم.. ■ كل هذا مقدور عليه.. نستطيع أن ننتج أفلاماً تروج لمصر الجميلة.. مصر التى لم تظهر معالمها منذ عدة سنوات فى الأفلام بسبب المعوقات الحكومية.. مصر أغنى بلاد الأرض بأنواع السياحة.. اوعى تصدق إن فيه بلد أغنى مننا سياحياً.. لدينا كل المقومات.. كلها كلها.. إلا واحد.. ■ الشعب.. هل نحن شعب سياحى؟.. هل نعرف قيمة ما لدينا من كنوز؟.. هل نراعى ذلك فى تعليم عيالنا؟.. هل هناك أى وعى عام؟.. هل لدينا أى تخيل عن حجم الرغد الذى يمكن أن نعيش فيه إذا تعلمنا أصول السياحة فعلاً؟.. إذا لم نستسلم مثلاً لهوجة سحب البساط من تحتنا؟.. وطوفان الفكر السلفى الذى يثير كراهية الشعب لموروثاته الفرعونية بدعوى أنها أصنام.. إلى ترسيخ فكرة أن السائحات دول مُزز.. العبث فى محتوياتهم واجب وطنى؟.. إن الشواطئ السياحية دى ملك للشعب غير السياحى فننتظر أن يبدأ الموسم لنترشم عليها مرتدين الجلاليب والنقاب وواخدين معانا الحلل والقلل لا لغرض إلا لمضايقة السواح واستعراض المظاهر المتخلفة وخلاص.. اللى عارفين قيمة السياحة هما اللى بيشتغلوا فيها فقط.. ومش كلهم.. بل أتجرأ وأقول نسبة ضئيلة منهم.. الباقيين واخدينها أكل عيش لأن أحدا لم يعلمهم شيئا.. وبالتالى تصدر منهم كل التصرفات السخيفة فى مواقع عملهم السياحية.. اوعى تقوللى إن الشعب اللبنانى لا يلقن فنون الاستضافة والخدمة من أول ما يدخل الحضانة.. فهذا البلد الصغير أهله مدربون بكاملهم على فن الاستضافة وحسن المعاملة.. ولذلك هى جوهرة السياحة فى البلاد العربية رغم صغر حجمها.. كذا تونس.. الشعب كله مدرب.. أما نحن.. ■ كفاية فضيحة.. معهد إيجوث السياحى بالأقصر اللى ظهرت فى التليفزيون.. وأهو معهد بيعلم سياحة قال.. ويبدو إنه معهد خاص ومصاريفه عالية قوى.. لكن ما شاء الله بيعلم العيال يعملوا سندوتشات بلوبيف.. بس.. فتخيل بقى المرشد الخريج وهو ساحب السواح لمنطقة الهرم وبيقوللهم ده هرم خوفو.. والاتنين اللى هناك دول بتوع سنفرو.. وفيه واحد رابع بقى بتاع شعبوللا.. أى هجص.. ■ غصب عنى قارنت بين المعهد العالى للسياحة الذى تخرجت ضمن أولى دفعاته، التى اختارها وزير السياحة الراحل عادل طاهر بيده.. جاب الطلبة من بيوتهم عشان يفتح المعهد ده.. وكان عنده حلم إنه يطلع مرشدين سياحيين عالفرازة.. ونجح المعهد سنين طويلة فى مد المجال بمرشدين سياحيين عالفرازة فعلا.. ما الذى يحدث الآن.. الله أعلم.. أرجو ألا يكون قد تأثر بحالة العطب التى نعانى منها دى. ■ نحن كسينمائيين سنصنع أفلاما تعلم السواح قيمة مصر.. فهذا واجبنا.. لكن مين اللى حايعلم الشعب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟