أكد محمد زارع، رئيس مكتب الشكاوى بالمجلس القومى لحقوق الإنسان السابق ورئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، أن سبب استقالته من عضوية المجلس، هو اعتراضه على طريقة إدارة الأمور خلال الاجتماعات، وسيطرة فصيل سياسى معين على القرارات. وقال فى حوار ل«الوطن» إن اجتماعات المجلس القومى لحقوق الإنسان تحولت لحلقة صراعات سياسية وليست حقوقية، فضلا عن التباطؤ فى اتخاذ رد الفعل تجاه انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر، واصفا الإعلان الدستورى الأخير للرئيس محمد مرسى بأنه يخالف جميع المواثيق الدولية. * ما سبب استقالتك من عضوية المجلس القومى لحقوق الإنسان؟ - قرار انسحابى ليس بسبب الإعلان الدستورى وتداعياته فقط، لكن هناك عدداً من الإخفاقات كان يقف وراءها مقص «الرقيب» بالمجلس، مثل منع نشر البيانات الخاصة بمكتب الشكاوى، وكانت هناك 4 تقارير محددة بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، ونظرا لخلط الأمور السياسية بالحقوقية قررت أن أستقيل لأن هذا يمثل ضغطا علىّ شخصياً. * ما هذه الإخفاقات التى تتحدث عنها؟ - أولها التقرير الذى كان يتضمن شكاوى تأخر وزارة الداخلية فى الرد على دفع مبالغ مالية خاصة ب222 مواطنا جرى تعذيبهم وهم أعضاء بالجماعة الإسلامية أثناء اعتقالهم، وهذه الأموال متأخرة من عام 2005، ولم ينُشر، والتقرير الثانى كان عبارة عن رصد لحصيلة الشكاوى التى أرسلت من الأجهزة التنفيذية خلال ال9 أشهر الأخيرة، بالإضافة لتجاهل الرد وبعض الردود المطاطية. أما التقرير الثالث فكان حياديا عن جمعة «كشف الحساب»، ورصد الباحثون الموجودون، آنذاك، بميدان التحرير، تورط عناصر إخوانية فى تكسير منصات وتورط عدد من الثوار فى حرق ميكروباصات، أما التقرير الرابع والأخير فكان عن أحداث كارثة قطار أسيوط التى راح ضحيتها أكثر من 50 طفلا، وأصر المجلس على خروج بيان مقتضب لم يعترف فيه رئيس المجلس بجريمة سياسية تتحمل مسئوليتها الحكومة لكنه وصف الكارثة بأنها حادث راح ضحيته 50 طفلا. * استقالتك جاءت بعد بيان المجلس لمناقشة الإعلان الدستورى، فهل هناك أمر حدث خلال الاجتماع وراء اتخاذك هذا القرار؟ - فى الحقيقة، التركيبة السياسية للمجلس القومى لحقوق الإنسان كانت أكثر من التركيبة الحقوقية، وهذا خطأ كبير، وهناك خلط بين الأمور السياسية والحقوقية فى قرارات المجلس، وهو ما حول اجتماعاته لصراع سياسى وليس صراعا حقوقيا، وأدى بالضرورة للوصول للحد الأدنى من التنازلات فى القرارات وهو ما سبب أزمة لدىّ نظرا لمرجعيتى الحقوقية، وأرى أن استمرارى داخل المجلس يمثل ضغطا علىّ شخصيا لا أستطيع تحمله. * لكن هل هناك مشاكل واجهتك فى عملك كرئيس لمكتب الشكاوى للمجلس؟ - تعرضت خلال الفترة الماضية لبعض التعطيل لعملى، وضغوط كثيرة، لكنى أديت واجبى على أكمل وجه. * هل سيطرة فصيل سياسى على تشكيل المجلس سبب هذا الغليان؟ - جميع أعضاء المجلس أشخاص محترمون، ولهم وجهات نظر سياسية تحترَم، لكنهم متمسكون بها، وقليلا ما تجد توافقا فى لحظات الغليان السياسى، نظراً لأن معظم الأعضاء ليست لديهم رؤية حقوقية، وهو ما جعلنى أخشى الاستمرار. * ما أبرز العيوب التى تراها فى المجلس، وكيف ترى تعامله مع الأزمات؟ - تعامل المجلس مع الأزمات شابه البطء فى اتخاذ مواقف فى بعض الأحيان، وأحيانا أخرى كان هناك تردد، ورفضت من خلال منصبى حرق جميع مقرات جماعة الإخوان المسلمين، والتلويح بالاغتيالات، وأيضاً رفضت اعتداءات أعضاء الجماعة على المتظاهرين فى مليونية «كشف الحساب»، وهذا هو عمل الخبير الحقوقى الذى لا يسيّس الأمور. * كيف تقيم المجلس خلال الفترة القصيرة التى قضيتها كرئيس لمكتب الشكاوى؟ - المجلس حائر بين الغلبة السياسية على تشكيله، والتزاماته الحقوقية، وما شهدناه من معاناة فى إصدار بيان لرفض الإعلان الدستورى خلال الاجتماع الذى استمر قرابة 9 ساعات متواصلة يوضح طريقة العمل داخل المجلس وتشكيله، الذى اكتفى فقط بالتوافق لإرضاء الجميع فى المقام الأول بعيداً عن الأمور الحقوقية. * ما موقفك من الإعلان الدستورى الأخير؟ - الإعلان الدستورى عليه خلاف كبير، ويخالف جميع المواثيق الدولية، ويتناقض مع الإعلان العالمى لحقوق الإنسان لأنه يضع كل السلطات فى يد رئيس الجمهورية. * كيف تصف الإعلان الذى أصدره المجلس؟ - الجميع أدان إعلان المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى انتقد بعض مواد الإعلان الدستورى خصوصاً المادة الثانية والسادسة، وأقل ما يقال عنه إنه يبرر أجزاء كبيرة من الإعلان الدستورى، الذى أصدر وصاية على السلطة القضائية، وأعطى الرئيس حرية فرض حالة الطوارئ كيفما يشاء. * أخيراً.. هل تعتقد أن المجلس القومى سيستمر فى عمله بهذا التشكيل؟ - أعتقد أنه سيستمر خلال الفترة المقبلة، وأتمنى لهم التوفيق جميعاً.