تستعد الكوريتان، اليوم، لإجراء محادثات رفيعة المستوى تهدف إلى تعزيز اتفاق سمح في أغسطس بتخفيف التوتر الذي كان يهدد بنزاع مسلح بين البلدين. ويعد كل اتصال بين الدولتين المتنافستين إشارة إيجابية، لكن نظرا للقاءات السابقة، يتحفظ المحللون على إبداء تفاؤل مفرط في نتائج الاجتماع. وقال رئيس الوفد الكوري الجنوبي، هوانغ بو جي، وهو يصافح نظيره الشمالي جون جونغ سو، "لنقم بخطوة أولى أساسية لتمهيد الطريق لإعادة التوحيد، وأمل أن تتم تسوية القضايا العالقة الواحدة تلو الأخرى". ويعقد هذا الحوار على مستوى مساعدي وزراء منطقة كايسونج الصناعية للكوريتين، الواقعة في كوريا الشمالية قرب الحدود، وتقرر مبدأ اللقاء في نهاية أغسطس، في إطار اتفاق تسوية تم التوصل إليه بهدف خفض التوتر الذي كان يهدد بمواجهة. ولم تستغرق الجلسة الافتتاحية أكثر من 30 دقيقة، أجرى الوفدان بعدها مشاورات مع حومتيهما قبل استئناف المحادثات في المساء. وقال جون إن المحادثات التي استمرت في الماضي لأوقات متأخرة وحتى لأيام، تشكل فرصة لتجاوز عقود من عدم الثقة والمواجهة، مضيفا "لنسقط الحواجز ونردم الفجوة ونبني طريقا جديدا معا". ويعتبر المحللون أن نتيجة إيجابية للقاء ستكون اتفاق الطرفين على مواصلة الحوار، ويطلقان تصريحات تصالحية بشأن تعاون في المستقبل. ورأى المحلل في معهد شيسونج في سيول، شيونج سيونج شانغ، أن النتيجة هذه المرة يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الطريق الذي ستسلكه العلاقات بين الكوريتين العام المقبل. والمسألة الأكثر حساسية هي برنامج التسلح النووي لبيونج يانج، وقد تتطرق سيول هذه القضية لكن المحللين يرون أن الجانبين سيبحثان في أهداف أكثر سهولة. قال كيم كيون شيك، الأستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول، إن نزع السلاح النووي للشمال يجب أن يعد الهدف الأخير للحوار بين الكوريتين وليس شرطا مسبقا. كان الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، أكد أمس أن بلاده تمتلك سلاحا هيدروجينيا، في تصريحات شككت واشنطنوسيول في صحتها. ولم يوضع برنامج عمل لمفاوضات كايسونج لكن لكل طرف أهدافا واضحة، مع أنهما ليسا بالضرورة على الموجة نفسها. وتأمل بيونج يانج في استئناف الرحلات المنظمة للكوريين الجنوبيين إلى منتجعها الجبلي كومجانج، وعلقت هذه الرحلات التي تعد مصدرا أساسيا للعملات الصعبة في 2008 بعد مقتل سائحة كورية جنوبية برصاص أطلقه جندي كوري شمالي، إثر دخولها إلى المنطقة العسكرية المحظورة في نزهة. وتعتبر عودة السياح فرصة دعائية ثمينة لكيم جونج أون إلى جانب العائدات التي تدرها. وقال نام سونج يوك، أستاذ الدراسات الكورية الشمالية في جامعة كوريا، "كيم جونج أون يحتاج إلى تغطية ثمن هدايا كوادر الحزب والمسؤولين السياسيين وعرض الثروة أمام السكان"، مضيفا أنه يحتاج أيضا إلى سيولة لإنجاز مشاريع بناء جديدة. وتريد سيول من جهتها أن يقبل الشمال بعقد لقاءات منتظمة للعائلات التي فرقها النزاع الذي كرس تقسيم شبه الجزيرة الكورية، ولا تستطيع سوى قلة المشاركة في هذه اللقاءات القليلة، رغم لائحة انتظار طويلة للكوريين الجنوبيين معظمهم من المسنين، الذين يشعرون بيأس متزايد من إمكانية لقاء أقربائهم الذين يعيشون في كوريا الشمالية. وتعتبر رئيسة كوريا الجنوبية بارك جيون، هي التي وصلت إلى السلطة بوعد بتعزيز العلاقات مع الشمال، أن إبرام اتفاق بشأن العائلات سيشكل نجاحا كبيرا. وهي تتحدث في أغلب الأحيان عن إعادة التوحيد لكن بدون أن تقترح شيئا بشأن خفض التوتر مع كوريا الشمالية، وقال شيونج إن الوقت بات ضيقا بالنسبة للرئيسة التي لم يتبق من ولايتها سوى سنتين، لمحاولة بناء إرث سياسي في العلاقات الثنائية. يذكر ان اللقاء الأخير من هذا النوع خصص لسلسة من القضايا التي تهم الكوريتين وعقد قبل نحو عامين، وكان البلدان اللذان ما يزالان في حالة حرب تقنيا لأنهما وقعا اتفاق هدنة بعد النزاع بينهما (1950-1953)، اتفقا على تنظيم محادثات على مستوى رفيع، لكن بيونج يانج تراجعت في اللحظة الأخيرة بسبب مسائل بروتوكولية. وتأتي هذه المحادثات بينما واجهت كوريا الشمالية، أمس، انتقادات حادة في مجلس الأمن الدولي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في جلسة عقدت للسنة الثانية على التوالي في هذا الشأن. وأكد رئيس المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة زيد بن رعد الحسين، في بداية الاجتماع، أن ملايين الأشخاص ما زالوا يرون حقوقهم الأساسية ترفض في هذا البلد الشيوعي.