"إكسترا نيوز": إقبال كبير على التصويت في انتخابات مجلس النواب بالدقهلية    الحياة الحزبية والإصلاحات الحتمية    مصر تستهدف زيادة الصادرات غير البترولية ل 50 مليار دولار خلال 2025    مجلس الوزراء يهنئ الرئيس بمنحه أرفع وسام من «فاو»    تحالف مصرفي يمنح «المراسم للتطوير العمراني» تمويلًا مشتركًا ب 8.9 مليار جنيه    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجامبي سبل تعزيز العلاقات الثنائية    القاهرة الإخبارية: جهود مصرية حثيثة لتوفير المساعدات والخيام لسكان شمال غزة    الفراعنة جاهزون لمواجهة محاربى زيمبابوى بأمم إفريقيا    كمال درويش يكشف أسباب أزمات الزمالك المتراكمة    رفضت التصويت لصالح مرشح يناصره.. القبض على شخص لتعديه على سيدة بالسب بالغربية    الدكتور وائل فاروق يشارك في احتفالات اليونسكو بيوم اللغة العربية    «الأدباء والكُتاب» حُراس التاريخ.. ودورهم فضح زيف دعاية الاحتلال لطمس تاريخ وهوية فلسطين    الصحة: تقديم 8900 خدمة طبية بمركز الأسنان بمدينة نصر    إنجاز طبي بوزارة الصحة.. جراحة دقيقة لإنقاذ قدم طفل من البتر بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    إسرائيل تفرج عن 12 أسيرا من سكان قطاع غزة    الزعيم عادل إمام يغيب عن عزاء شقيقته إيمان    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهي عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يُجيب    جيران الفنانة نيفين مندور: سيجارة أشعلت المرتبة والدخان أصابها باختناق    مباشر كأس إنتركونتيننتال - باريس سان جيرمان (0)-(0) فلامنجو.. بداية اللقاء    ضبط 3 أشخاص في دار السلام بالقاهرة بحوزتهم مبالغ مالية تمهيداً لتوزيعها على الناخبين    جلسة صعود وهبوط: 6 قطاعات فى مكسب و10 قطاعات تتراجع    بوتين: روسيا ستسعى لتوسيع مكاسبها في أوكرانيا حال فشل محادثات السلام    ترامب يحذر من تراجع الدعم لإسرائيل داخل الكونجرس الأمريكي    الداخلية تكشف حقيقة إجبار سيدة على ترك مسكنها بالبحر الأحمر    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    محافظ القاهرة يتفقد عددًا من اللجان الانتخابية للاطمئنان على سير العملية الانتخابية    مدير تعليم سوهاج يتناول وجبة الإفطار مع طالبات مدرسة الأمل للصم (صور)    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    أهالى قطاع غزة يواجهون القتل والبرد والجوع وترامب يدعو إلى بدء المرحلة الثانية لاتفاق وقف اطلاق النار    التموين تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 73%    الروائى شريف سعيد يتحدث عن "عسل السنيورة" الفائزة بجائزة نجيب محفوظ    كيف دعم حسن حسني الراحلة نيفين مندور في فيلم «اللي بالي بالك»؟    جوائز مالية ضخمة للمنتخبات المشاركة في كأس العالم 2026    تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    حقيقة انفصال مصطفى أبو سريع عن زوجته بسبب غادة عبدالرازق    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي    قائمة ريال مدريد - غياب فالفيردي وكورتوا في مواجهة تالافيرا    محافظ القليوبية يكرم البطلة جنة صليح لحصولها على برونزية قذف القرص بدورة الألعاب الأفريقية    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    باسل رحمي: نحرص على تدريب المواطنين والشباب على إقامة مشروعات جديدة    الأمطار وراء تأخر فتح لجنتين بالتل الكبير لمدة 20 دقيقة بالإسماعيلية    وزير الرياضة يعلن عودة نعمة سعيد من الاعتزال تحضيرا ل أولمبياد لوس أنجلوس    الداخلية تضبط 3 أشخاص لتوزيعهم أموال بمحيط لجان المطرية    سوريا.. الأمن يوقف متورطا بجرائم حرب زمن النظام المخلوع    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    مع بدء التصويت بانتخابات الاعادة للمرحلة الثانية .. حزب العدل يتقدم ب 7 شكاوي للهيئة الوطنية للانتخابات    عاجل- الأرصاد السعودية تحذر: أمطار ورياح شديدة على منطقة حائل    "الكهرباء" توقع عقدًا جديدًا لتعزيز كفاءة الشبكة القومية الموحدة    إصابة سيدة وابنها صدمتهما سيارة بقرية فى أبو النمرس    محافظ قنا يوجه بحملات مرورية مكثفة للحد من حوادث الطرق    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 21 - 11 - 2015

لماذا عدلت إدارة الرئيس الأمريكى أوباما عن موقفها الرافض للتعاون مع الروس بحثاً عن تسوية سلمية للأزمة السورية؟! ولماذا قبلت بعد طول عناد الدخول فى مرحلة جديدة من التفاوض تضم بعض الدول ذات الصلة بالحرب الأهلية السورية، فى مقدمتها روسيا وتركيا والسعودية، هدفها المعلن، كما أكد وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى إنهاء الحرب التى تواصلت على امتداد أربعة أعوام ونصف العام، وراح ضحيتها ما يزيد على 250 ألف قتيل سورى وشردت 4 ملايين نسمة غادروا بلادهم فى موجة هجرة استهدفت أوروبا فراراً من حرب شرسة دمرت معظم المدن السورية، وقلصت سلطة الرئيس السورى بشار الأسد على مساحة 20% فقط من أراضى الدولة السورية دون أن يتمكن أى من أطراف الحرب من تحقيق نجاح حاسم.
لقد رفض الرئيس الأمريكى قبل أسابيع محدودة استقبال وفد روسى برئاسة رئيس الوزراء ميدفيديف، كما رفض إرسال وفد أمريكى إلى موسكو، وعارض بقوة اقتراح الرئيس الروسى بوتين بإنجاز اتفاق مشترك على أولوية الأهداف الداعشية التى ينبغى التعاون على قصفها، مصراً على حصار مباحثات وزيرى دفاع البلدين (روسيا وأمريكا) فى نطاق الإجراءات الفنية التى تمنع وقوع أى صدام بطريق الخطأ بين طائرات التحالف الغربى والطائرات الروسية فوق سماء سوريا، فما الذى تغير أخيراً وألزم الرئيس أوباما العدول الواضح عن موقفه؟!
أغلب الظن أن ضغوط الأوروبيين على الإدارة الأمريكية، خاصة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خوفاً من موجة هجرة سورية جديدة تستهدف أوروبا، تقول تقارير الأمم المتحدة إنها يمكن أن تشمل 5 ملايين نسمة جاهزين للنزوح خارج سوريا، شكلت العامل الأول فى تغيير الموقف الأمريكى الذى يدعو الآن بقوة إلى ضرورة إنهاء الحرب السورية، لكننا لا نستطيع أن نغفل تأثير عوامل أخرى خلقت واقعاً جديداً فوق الأرض السورية، نتيجة النجاح النسبى الذى حققه الجيش السورى فى زحفه البرى تحت حماية القوات الجوية الروسية الذى مكن القوات السورية من توسيع نطاق سيطرتها فى مناطق حمص وحماة واللاذقية وصولاً إلى إدلب وحلب فى الشمال، كما مكنها من استعادة السيطرة على الطريق الدولى الذى يربط بين العاصمة دمشق وساحل البحر الأبيض وصولاً إلى اللاذقية وحلب فى أقصى الشمال.
لكن ما من شك أن الإرادة السياسية القوية للرئيس الروسى بوتين التى تمثلت فى وجود استراتيجية روسية واضحة تستند إلى وجود عسكرى روسى مؤثر شرق المتوسط، وضعت الولايات المتحدة فى مأزق بالغ الحرج بعد أن ضبطت فى حالة فشل ذريع بعد عام كامل من قصفها الجوى لداعش.
حسم «بوتين» لعبة الصراع بين الأمم لصالحه، لأنه قاد حرباً جادة على كل تنظيمات الإرهاب فى سوريا، وبينها «داعش»، دون أن يميز بين جماعة وجماعة، حققت أهدافاً مهمة على أرض الواقع، ودفعت العراقيين إلى المطالبة بعون روسى يساعد بغداد على هزيمة «داعش»، وزاد من قوة «بوتين» الحشد العسكرى الروسى القوى شرق المتوسط الذى ضم عدداً من القطع البحرية الروسية، بينها موسكافا التى تحمل صواريخ كروز، فضلاً عن أسطوله البحرى الرابض فى بحر قزوين على مسافة 1500 كيلومتر من أرض المعركة فى سوريا.
وما زاد من فرص نجاح «بوتين» إدارته الرشيدة للمعركة، لأنه لم يحارب وصولاً إلى نصر حاسم يقلب موازين القوى فى سوريا، ولكنه حارب من أجل إلزام خصمه فتح الطريق المغلق أمام تسوية سلمية للأزمة السورية، تلتزم قواعد مؤتمر جنيف الأول التى توافقت حولها كل الأطراف.. وفى هذا الإطار جاءت زيارة بشار الأسد المفاجئة إلى موسكو التى غادر فيها البلاد لأول مرة منذ اندلاع الحرب الأهلية قبل أربعة أعوام، وبرغم ما أعلنته موسكو من أن هدف الزيارة هو تأكيد استمرار الدعم الروسى للرئيس بشار الأسد، إلا أن الزيارة أنارت الضوء الأخضر أمام فرص التحرك بحثاً عن تسوية سلمية للأزمة، خاصة بعد التحسن المهم الذى طرأ على موقف القوات السورية بعد عملياتها البرية فى مناطق حماة واللاذقية وإدلب وحلب، إضافة إلى ما تواتر من أنباء شبه مؤكدة عن وصول أكثر من 2000 من قوات الحرس الثورى الإيرانى إلى سوريا وتمركزهم فى منطقة حماة، استعداداً لتوسيع العمليات البرية التى يشارك فيها قوات من حزب الله اللبنانى، فضلاً عن الظهور العلنى المتكرر للجنرال الإيرانى قاسم سليمانى، قائد سرايا القدس، على أرض المعركة، بما يؤكد إشرافه المباشر على المعارك البرية التى تجرى فى المنطقة الممتدة ما بين حمص وحماة وسط البلاد وصولاً إلى حلب وإدلب شمالاً.
وإذا صحت الأنباء التى تؤكد أن اجتماعات فيينا التى ضمت الأطراف ذات الصلة المباشرة بالحرب الأهلية السورية (روسيا وأمريكا وتركيا والسعودية) قد أسفرت عن اتفاق الجميع على عدد من خطوط الأساس المهمة، أولها الالتزام بالحفاظ على وحدة الدولة والتراب السورى، وهزيمة منظمات الإرهاب، والإبقاء على سوريا دولة علمانية مدنية، وإنشاء هيئة تنفيذية عليا واسعة الصلاحيات تضم عناصر من الحكم والمعارضة لعبور المرحلة الانتقالية، وتمكين الشعب السورى من تقرير مصيره واختيار حكومته فى انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة تجرى تحت إشراف دولى، يصبح الطريق مفتوحاً أمام احتمال وقوع تسوية سلمية للأزمة السورية.
كما يصبح الحديث عن بقاء بشار الأسد أو رحيله مجرد لغو وتزيد لا معنى له فى ظل اتفاق كل الأطراف على ضرورة إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، إلا أن يصر البعض على حرمان بشار الأسد من ترشيح نفسه بدعوى أنه لا ينبغى أن يكون جزءاً من مستقبل سوريا.. ومع ذلك فإن قبول واشنطن والرياض ترك المشكلة برمتها إلى الشعب السورى يشكل بداية الحل الصحيح لمشكلة (مسمار جحا) الذى يصر البعض على الإبقاء عليه إسفيناً ينسف كل فرص التسوية السلمية! وإذا صحت النيات وتم توسيع اجتماع فيينا ليضم طهران والقاهرة وبعض الأطراف الأوروبية، فأغلب الظن أن تسفر هذه الاجتماعات عن ترسيخ خطوط الأساس التى تم الاتفاق عليها فى مؤتمر فيينا، خاصة أن القاهرة تلتزم ضرورة الحفاظ على وحدة الدولة والتراب السورى كما تحترم حق الشعب السورى فى تقرير مصيره.
وبالطبع سوف تستمر محاولات التعويق والابتزاز، والعض على الأصابع فى لعبة الضغوط المتبادلة بين الفرقاء الأساسيين، لكن ما من شك أن الغرب فقد مصلحته فى استمرار الحرب الأهلية السورية بعد أن اكتوى بنار قضية اللاجئين، كما أن الذين أشعلوا جذوة الإرهاب على الأرض السورية بدوافع الانتقام من بشار الأسد، أدركوا أخيراً النتائج الخطيرة التى يمكن أن تهدد أمن الشرق الأوسط واستقراره، وربما يكون الفائز الأكبر فى لعبة الأمم هذه المرة هو الرئيس الروسى بوتين الذى عزز مكانته فى الشرق الأوسط ورسخ وجوده العسكرى شرق المتوسط، أما الخاسر الأكبر فهو الرئيس الأمريكى أوباما الذى لم يملك الإرادة السياسية الكافية التى تمكنه من زعامة قوية يمكن أن تقود العالم، وتلكأ فى حربه على «داعش» إلى أن فشلت استراتيجيته على هذا النحو المريع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.